-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“بريكس” والجزائر الجديدة

“بريكس” والجزائر الجديدة

كل ثورات التنمية التي حدثت في العالم، وعلى مدار التاريخ، من إنجلترا إلى اليابان إلى الصين كانت شاملة، ولم تقتصر على مجال واحد، فربيع الانتصارات لا يمكن أن يصنعه عندليبٌ واحد، وإنما سربٌ من العنادل التي لا تتوقف عن التغريد، ويبدو أن كسر الحواجز النفسية الدونية التي ميّزت أداء بعض المسؤولين عندنا، على مرور عقود من الزمن، قد بدأت تتهاوى، بعد أن باشرت الجزائر الكثير من البرامج التنموية ليس من باب الاجتهاد الذي ينتظر أجرا واحدا، وإنما من باب الاجتهاد المقرون بالتوفيق، من أجل نيل الأجر كله، وسيكون انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس انتصارا تاريخيّا، ضمن مشاريع الأمة الجزائرية التي منحها الله بعد ستين سنة من استقلالها، فرصة إنجاح جهادها الأكبر، مع التطور والتنمية الشاملة، لأن قراءة في أسماء الدول المشكِّلة لهذه المجموعة السياسية والاقتصادية تمنحنا الطمأنينة التي افتقدناها وسط أمم توشك أن تتداعى علينا كما تتداعى الأكلة إلى القصعة، يتهافتون عليها كلما كانت متخمة بالخيرات، ويَنفضّون من حولها كلما سقطت الجزائر في فخاخ أمنية أو اقتصادية، كما حدث في عشرية النار، وفي زمن انهيار سعر النفط.

ولم تجمع الجزائر بدول بريكس، غير علاقات الاحترام والصداقة، كما حدث في ثورة التحرير، وفي تحرير جنوب إفريقيا من “الأبارتايد” وحتى في أزمة جائحة كورونا، وهي مؤشرات كافية، لأن تضعنا في مأمن، من أي عواصف كانت تصلنا من تكتلات غربية لم نكن حتى طرفا فيها.

تحرّك الدبلوماسية الجزائرية، ورفع تحدي تنظيم التظاهرات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية الكبرى، والمراهنة على الأمن الغذائي، والالتفات إلى الفاسدين، من الذين يبحثون عن الربح بالإجرام، وتحسين التعليم بكل أطواره وربط الجامعات بالمؤسسات الاقتصادية، وتحوّل شركة سوناطراك من بقرة حلوب، إلى آلة تنقيب وتطوير للثروات، والتفكير في بعث شركة منجمية عملاقة، واقتناء مزيد من الطائرات لفتح مجالات جوية جديدة في قارات العالم، والتعريف بكنوزنا السياحية المتنوعة، هو تنظيم لـمحرّكات التنمية التي تبعثرت في سنوات الظلام الطويلة، فلا شيء ينقص الجزائر لأن تكون بلادا كبيرة قادرة على أن تعيش من أرضها، وتكتفي في كل متطلبات الحياة، وتعيّش معها شعوبا أخرى.

أكيدٌ أن أي طريق نحو التنمية الشاملة سيكون مليئا بالمطبّات والحواجز، كما كانت في طريق روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، وأكيد أن تاريخ الجزائر وجغرافيتها، سيجعل أعداد واضعي هذه الحواجز كُثرا، وسيستعملون كل وسائل التواصل لأجل إحباط الهمم والتشكيك في النيات وفي سلامة الطريق، بل إنهم باشروا فعلا حملاتهم المسعورة، ولكن الذي حفظه الناس في ثورات التنمية في كل التجارب الإنسانية الناجحة، أن نافخ الكير سيضرّ نفسه وستفضحه الرائحة الكريهة التي يطلقها، وماسك المسك وحده من يبقى على الطريق إلى أن يصل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!