-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

 بكالوريا “كوبي كولي”!

جمال لعلامي
  • 1770
  • 1
 بكالوريا “كوبي كولي”!
ح.م

البكالوريا التي كانت “بشلاغمها” أصبحت ملهاة في الفايسبوك، ووعيد الوزارة أضحى بلا جدوى، نتيجة استمرار عمليات التسريب والغشّ، حتى وإن كانت بعد انطلاق الامتحانات، لكن تنامي الظاهرة أدخل “شهادة العمر” في نفق مظلم، بعدما ضربت مصداقيتها وسمعتها، وحوّلتها إلى مجرّد ورقة قد تفيد وقد لا تفيد، خاصة وقد عاث فيها الغشاشون فسادا!

المصيبة أن الغشّ تحوّل إلى موضة وتقليد، وقتل المثابرة والمبادرة والإدارة، وأنتج “إطارات” تحمل شهادات بكالوريا ثم شهادات جامعية أساسها الغشّ و”الحروز” والتدليس والتسريب والفايسبوك، وتصوّروا بعدها قيمة ومصير القطاعات التي يدخلها هؤلاء فاتحين، كموظفين أو مسؤولين “جابوها بالغش” وليس بالحفظ والفهم والجدّ والاجتهاد!

عندما ينتقل المرض من الفاشلين والراسبين والمهزومين والكسالى، إلى المتفوقين والناجحين والمجتهدين، ويصبح الغش عن طريق الحروز أو الفايسبوك، هدفا ووسيلة في نفس الوقت، فمن الضروري دقّ ناقوس الخطر، والبحث عن الأسباب الرئيسة والحقيقية التي تشجّع المصلي وتارك الصلاة، ما جعل المحرم “يروح في كرعين” المجرم قبل وأثناء “الباك” وبعده؟

أتذكـّر أن البكالوريا عندما كانت بكالوريا، ثانوية كاملة لا يتحصل فيها على الشهادة إلا “طويل العمر وقاسح الكبدة”، ولذلك كانت بقيمتها، ولا يُمكن لأيّ كان أن يشكك في مصداقيتها وجدارة الناجحين فيها، حتى وإن كانت الأرقام والنسب مقارنة بأرقام ونسب اليوم، مخيّبة وزارعة لليأس والإحباط!

اليوم، الناجحون بالآلاف، وأصبحت نسبة النجاح بالنسبة إلى كلّ ثانوية وكلّ مديرية تربية عبر كلّ ولاية، وبالنسبة إلى الوزارة الوصية، قضية حياة أو موت، ولهذا شاع ما يشاع من إشاعات وإشعاعات تتهم هؤلاء وأولئك بالتواطؤ في إخراج الأسئلة أحيانا، وأحيانا بمساعدة الغشاشين، وأحيانا بالتساهل في الحراسة، وأحيانا أخرى باستسهال التصحيح، وكلّ ذلك بهدف “رفع المستوى”، ليس بمجهود التلاميذ وقدراتهم العلمية، ولكن بغضّ البصر!

صدق أحد المتفوقين سنوات التسعينيات، عندما فشل في نيل البكالوريا، عندما قال بكلّ ثقة: “لم أسقط.. لقد ضيّعني المصحّح الذي تعامل مع ورقتي دون رحمة ولا شفقة”، وهنا أتذكـّر قصة طريفة وفيها عبرة، نقلها إلي أحد أساتذة الزمن الجميل، حيث قال لي إنه يتذكر ذلك التلميذ المجتهد الذكي، خلال شهادة “السيزيام” آنذاك، إذ اختلطت عليه المفردات، في امتحان الفرنسية، عند إجابته عن سؤال حمل صورا لحيوانات، المطلوب من الممتحن كتابة اسمها، فكتب التلميذ اسم “الأسد” بالعربية، فضحك الأستاذ المصحح، ومنحه العلامة الكاملة جزاء له عن المحاولة وعدم ترك الفراغ!

هكذا كان يُعالج الخلل، ويعلّم التلميذ المثابرة، وعدم قتل روح الاجتهاد والمحاولة فيه، عكس ما هو الآن، إذ يُعلم التلميذ فنون الاتكال على النت والفايسبوك وتقنية “قصّ لصق” أو ما يُعرف بـ “كوبي كولي”!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • zoubida

    اود ان افهم لماذا ليس هناك فضائح تسريب في الدول التي اخترعت هذه التكنولوجيا ?????????