-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بلا‮ ‬غرور

الشروق أونلاين
  • 1372
  • 0
بلا‮ ‬غرور

في اليوم الرابع عشر للعدوان الإسرائيلي المتواصل ليل نهار على لبنان وحزب الله، وماعدا الدمار والخراب وتقتيل النساء والأطفال على طول لبنان وعرضه لم تحقق إسرائيل أي شيء يذكر من مخططها الأساسي والمعلن عنه منذ البداية وهو القضاء على حزب الله وتدمير صواريخه وقواعده خلال عدة أيام، أكثر من ذلك أن الكيان الصهيوني وأمام العجز عن تحقيق أي نصر يسكت به الأصوات داخل إسرائيل، اضطر إلى مراجعة أغلب سياساته وخططه الحربية في لبنان وأنزل السقف من مطلب القضاء على حزب الله إلى طرد المقاومة من جنوب لبنان، ثم مع توالي الأيام وأمطار صواريخ المقاومة على المدن الإسرائيلية داخل الأراضي المحتلة، والمقاومة الشرسة لرجال نصر الله ضد محاولات الغزو البري للأراضي اللبنانية وتراوح العمليات الإسرائيلية مكانها.. نزل هذا السقف إلى المطالبة بإقامة منطقة منزوعة السلاح بجنوب لبنان تحت مراقبة قوات من‮ ‬حلف‮ ‬الناتو‭.

وعلى المستوى الدبلوماسي، في الوقت الذي ذهبت كاتبة الخارجية الأمريكية كودوليزا رايس إلى لبنان للحصول على قرار استسلام هذا البلد للأمر الواقع الإعلان الرسمي عن نزع سلاح حزب الله كما أرادت كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وستبشر المسؤولين الإسرائيليين بذلك، فإنها استقبلت في بيروت بشيء من السخط الظاهر والباطن حتى أن الرجل الثاني في الدولة اللبنانية السيد نبيه بري استقبلها بطريقة لم تستقبل بها في أي مكان حلت به، حيث وقبل أي محادثات معها فرض عليها زيارة معرض فظيع لصور الدمار والقتل الذي تمارسه إسرائيل على الشعب اللبناني، خاصة في أوساط النساء والأطفال والشيوخ وهكذا يتضح أن الشعب اللبناني أو الشارع اللبناني ليس هو وحده الملتف حول حزب الله ومقاومته البطولية للكيان الصهيوني ولكنه يحظى كذلك بدعم السلطات اللبنانية وغالبية الساسة اللبنانيين وهو العامل الذي راهن عليه السيد‮ ‬نصر‮ ‬الله‮ ‬وكان‮ ‬على‭ ‬حق‭.‬

يحدث هذا، في الوقت الذي كانت فيه كل من إسرائيل وأمريكا مطمئنتان إلى تحقيق النصر المبين على حزب الله وعلى الشعب اللبناني خاصة بعد أن تمكنتا من استصدار تصريحات ثلاث دول عربية محورية (السعودية، مصر والأردن) سواء في العمالة لأمريكا وإسرائيل أو في التأثير على مسار‮ ‬مجموع‮ ‬السياسات‮ ‬العربية‮ ‬الرسمية،‮ ‬تشجب‮ ‬فيها‮ ‬مقاومة‮ ‬حزب‮ ‬الله‮ ‬وكفاحه‮ ‬المشروع‮ ‬وتدعم‮ ‬إسرائيل‮ ‬في‮ ‬اعتداءاتها‮ ‬على‭ ‬لبنان‮ ‬وتشريد‮ ‬شعبه‭.‬

وعليه، فإن ما يحققه حزب الله من مكاسب هذه الأيام وما يحل بإسرائيل من ذعر وخوف وتردّد وما تتكبّد من خسائر أمام المقاومة لم تتكبده عبر كل مواجهاتها التاريخية مع الجيوش العربية، تعتبر علامة إيجابية بارزة  في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وكفاح الشعوب العربية المرير ضد الكيان الصهيوني. ولكن ليس نصرا مبينا ولا يمكن أن يكون مدعاة لأي فخر أو غرور، بل يجب أن يؤخذ بحذر شديد خاصة وأن مواقف الدول الغربية الكبرى المؤيدة لإسرائيل وسياستها في الوجود بالمنطقة قد تحولت في ظل هذه المستجدات من مناهضة حزب الله والمقاومة اللبنانية إلى مواجهة ما أصبحوا يسمونه “الخطر المحدق بوجود إسرائيل” كدولة ديمقراطية في المنطقة، فسياسة “التمسكن” اليهودي للحصول على عطف دول العالم الكبرى معروفة للعام والخاص، وبعد أن فشلت في انتزاع عطف العالم بالقوة والشجاعة والانتصارات العسكرية على الجيوش العربية‮ ‬الجرّارة‮ ‬مثل‮ ‬ما‮ ‬كانت‮ ‬تفعل‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬هاهي‮ ‬اليوم‮ ‬تستعطف‮ ‬هذا‮ ‬العالم‮ ‬عبر‮ ‬الظهور‮ ‬بمظهر‮ ‬الكيان‮ ‬الديمقراطي‮ ‬المسالم‮ ‬المهدّد‮ ‬بخطر‮ ‬حزب‮ ‬الله‮ ‬ومقاتليه‮ ‬وصواريخه‭.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!