الرأي

بلد اللاءات الثلاث يُرغم على التطبيع… على مَن الدور؟

محمد سليم قلالة
  • 1271
  • 7
ح.م

بكل تأكيد ليس الشعب السوداني الذي نَعرف هو مَن أراد التطبيع مع الكيان الصهيوني، ولا الجمهورية السودانية صاحبة التاريخ المشرف من القضية الفلسطينية، ولا حتى الساسة السودانيون الشرفاء هم مَن قاموا بذلك… السودان صاحب اللاءات الثلاث في قمة الخرطوم سنة 1967 بعد هزيمة جوان خرج بمائات الآلاف يهتف: لا سَلام، لا اعتراف لا مفاوضات مع الكيان الصهيوني المحتل… ليس هذا الشعب هو مَن يقوم بهذه الخطوة، المناقضة تماما لشخصيته وثقافته وطبيعته… مَا الذي حدث إذن؟ مَن أرغم السودان على ذلك؟ كيف تم لي ذراعه؟ وأي مصير ينتظره وينتظرنا بعده؟

بكل تأكيد إنها قوى المال الفاسد على المستوى العالمي، والقوى المستخدِمة للإرهاب كوسيلة لقهر الشعوب، والقوى التي تزعم  دعم الديمقراطية ونشر الحرية عبر العالم، هي مَن تقف خلف ذلك… مع مصر ثم الأردن والإمارات والبحرين وأخيرا السودان… الغني تَعِده بمال أكبر وبأنه معها سيكون له شأن بين الأمم، والفقير أو صاحب المبدأ تعمل على إضعافه وحصاره ولي ذراعه إلى أن يخضع…  وهذه ما ينطبق على السودان… لعقود من الزمن والعمل قائم على قدم وساق لتقسيمه وتدميره ثم إخضاعه للأمر الواقع.

وللأسف، ساهم النظام السابق في تحقيق ذلك، لم يتمكن من إقامة دولة وطنية مستقلة تستطيع الصمود أمام تحديات الداخل والخارج. ولم يتمكن من الاستثمار في مقدرات الشعب السوداني الهائلة لتحصين نفسه، بل قام بعكس ذلك تماما. أعطى الفرصة لقوى نهب المال العام، وتبديد الطاقات، وقتل الإبداع وقهر الناس… إلى أن وجد نفسه وجها لوجه مع شعب لم يعد يتحمل أكثر، فانفجر في وجهه سنة 2019 وأطاح به، وظن أنه انتصر بالفوز بمرحلة انتقالية، يتقاسم فيها السلطة مع العسكر الذين أيّدوا الثوار، إلى حين إقامة مؤسسات منتخبة.. فإذا بهذه السلطة الانتقالية تقرر بدل الشعب، وتختار طريقا لم يكن أبدا من تطلعاته…

ما الذي ينبغي عمله؟ ما ذا بقي للشعوب أن تفعل. سكتت للاستبداد عقودا فحطّمها، ثارت عليه وغلبته فجاء من وثقت فيه فخانها… هل من أمل في الأفق؟

نعم، بقي أمل واحد، أن نُدرك جميعا، أنه لا يكفي أن تكون لبلداننا قيادات حتى وإن كانت شريعة ومنتخبة، بل على المجتمعات أن تكون منظمة بطريقة ذاتية، قادرة على الحركة في أي وقت ترى  فيه تهديدا لمصالحها العليا، وقبل ذلك قادرة على بناء بلدها البناء الصحيح بعيدا عن الشعارات الزائفة والأهداف غير القابلة للتحقيق.

إن طريق التطبيع يبدأ بتلهية الشعوب والأنظمة بحلم الرفاه والحياة الرغيدة (نموذج الإمارات والبحرين)، أو بإضعافهما إلى درجة الإنهاك (السودان)، أو بتحطيم بناها الوطنية لدرجة التخريب (العراق، ليبيا، سوريا، اليمن، الصومال) أو بكل هذه الوسائل مجتمعة (مصر، الأردن، السعودية، المغرب، باقي دول الخليج، موريتانيا، تونس والجزائر، لبنان)، وكل يأتي دوره في حينه…. هل ننتظر دورنا بيأس وقنوط؟ أم علينا أن نستبق الأحداث بتغيير ما بأنفسنا؟ ذلك هو السؤال…

مقالات ذات صلة