-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
النقيب بن أمزال: الأولياء مطالبون بزيادة الحرص واليقظة

بوشريط: لابد من مخطط تنظيمي لنقل العائلات صيفا

نادية سليماني
  • 444
  • 0
بوشريط: لابد من مخطط تنظيمي لنقل العائلات صيفا

لا تمرّ صائفة دون تسجيل حوادث غرق في السدود والمسطّحات المائية، وفي الشواطئ غير المحروسة، ضحاياها أطفال ومراهقون وشباب.. البعض منهم، لم يجد وسيلة للترفيه وتمضية العطلة الصيفية، في ظل انعدام بحر في ولايته وقلة المسابح، فلجأ لتبريد الجسد داخل سدّ موحل، أو بركة مياه راكدة. وآخرون يدفعهم عنفوان الشباب وروح التحدي للسباحة في شواطئ صخرية. والنتيجة ارتطام على الصخور.. ليتواصل تسجيل حوادث غرق متكررة بنفس تفاصيلها، في ظل غياب مراقبة الأولياء.

أحصت المديرية العامة للحماية المدنية، منذ انطلاق موسم الاصطياف 2022، وحسب معطيات استقتها “الشروق”، 78 حادث غرق مميت، منها 41 وفاة في الشواطئ الصخرية غير المحروسة، و37 وفاة في الشواطئ المحروسة، بينما تم تسجيل غرق 92 ضحيّة نتيجة السباحة في السدود والبرك والوديان والحواجز المائية، وذلك في الفترة الزمنية الممتدة من الفاتح ماي 2022 إلى غاية نهاية شهر جويلية المنصرم.

المجتمع المدني: لا نملك ميزانية لنقل الأطفال في رحلات ترفيه

وتتراوح أعمار الضحايا، حسب تأكيد المكلف بالإعلام على مستوى المديرية العامة للحماية المدنية، النقيب زهير بن أمزال لـ “الشروق”، بين 13 إلى 23 سنة، أي أنهم أطفال وشباب في مقتبل العمر، والمؤسف أنّها تتكرر بنفس التفاصيل، ومع ذلك لا يتوانى الأطفال والشباب في تكرار التجربة، وكأنهم يبحثون عن الموت برمي أنفسهم للتهلكة.

ورغم تحذيرات مصالح الحماية المدنية، من خطورة السباحة في السدود والمسطحات المائية، والشواطئ الخطيرة، إلاّ أنّه لا حياة لمن تنادي. والمسؤولية الكبرى، يتحملها الأولياء في المقام الأول، الذين يغفلون عن حراسة أطفالهم في منطقة نائية تضم سدودا وبركا، وهم يعلمون بأن أطفالهم سيقصدون تلك الأماكن للسباحة بحثا عن الاستجمام في غياب أماكن الترفيه.

وبالمقابل تتحمل السلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات المسؤولية في المقام الثاني في تكرر حوادث غرق الأطفال في السدود والبرك، فالمسابح البلدية شبه منعدمة في الولايات الداخلية، رغم كثافتها السكانية، وكثيرون يتساءلون كم يكلف تشييد مسبح بسيط جدا؟ الأكيد أنه لن يكلف الكثير أمام الأرواح التي تزهق يوميا..

مسابح بلدية بـ 600 دج لبضع ساعات.. !!

ومع ذلك حتى مع قلة هذه المسابح، فإن أقل سعر لتمضية شخص بضع ساعات السباحة لا يقل عن 600 دج، وهو مبلغ ليس في متناول العائلات الفقيرة، ما يجعل أطفالها يفضلون السباحة في السدود والحواجز المائية المفتوحة، وحتى في نافورات وسط المدن.

فمثلا، ولاية المدية التي تضم 64 بلدية، بعضها نائية جدا، تملك 7 مسابح فقط، وهو عدد قليل جدا.

وحسب ممثل عن مديرية الشباب والرياضة لولاية المدية، في حديث لـ “الشروق”، فالمسابح 7 تشرف عليها مديرية الشباب والرياضة، وتعرف توافدا كبيرا ويوميا للأطفال خلال العطلة الصيفية.

وقال محدثنا، بأنهم يسعون لزيادة عدد المسابح في الولاية، إذ أودعت المديرية طلبات لدى والي الولاية لهذا الغرض، ولكن الظرف الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، جراء جائحة كورونا، هو ما يرهن تجسيد هذه المشاريع في الوقت الحالي.

ومع ذلك أطلقت مديرية الشباب والرياضة لولاية المدية، المخطط الأزرق، الذي يهدف لضمان الترفيه لأطفال الولاية، وذلك عن طريق تنظيم رحلات استجمام لهم إلى الشواطئ، على مدار العطلة الصيفية، يستفيد منها بالخصوص أطفال مناطق الظل.

ومن جهة، أخرى نشهد شبه غياب لدور بعض البلديات في توفير رحلات استجمام للعائلات بالمنطقة، خاصة من الطبقة الفقيرة والمعوزة، فالعائلات تبحث على توفير وسائل نقل توصلهم إلى الشواطئ صباحا وتعيدهم مساءا، فيما يتكفلون هم بتوفير الأكل، وعلى النقيض من ذلك تنظم بعض بلديات المدن الكبرى، رغم قربها من البحر وتوفّر بعض هياكل الترفيه، رحلات استجمام لسكانها. وهو ما تقوم به بلدية الجزائر الوسطى مثلا، التي لا تتواني في تنظيم رحلات سياحية للعائلات إلى شواطئ البحر والحمامات المعدنية.

1500 دج لكل فرد في رحلة نحو البحر..

والسؤال المطروح، لما لا يتمّ تخصيص خطوط نقل جماعية مباشرة إلى الشواطئ، انطلاقا من ولايات داخلية، بدل جعل العائلات في رحلة بحث عن حافلة لنقلهم، وبأسعار خيالية. مثلما نرصده يوميا خلال فصل الصيف، اذ أخبرتنا عائلة من خميس مليانة ولاية عين الدفلى، بأنهم يدفعون مبلغ 1500 دج للفرد الواحد، في حال أرادوا تمضية يوم على شاطئ البحر، رغم أن ثمن الرحلة العادية في الحافلة من خميس مليانة إلى العاصمة لا تتعدى 200 دج.

وفي هذا الصدد، أكّد رئيس الفدرالية الوطنية لنقل المسافرين والبضائع، عبد القادر بوشريط، في تصريح لـ”الشروق”، بأن كثيرا من مديريات النقل عبر الوطن، تمنح ترخيصا للناقلين لضمان نقل العائلات إلى الشواطئ خلال عطلة نهاية الأسبوع.

ولكن الإشكال، حسبه، يكمن في غياب تخطيط وتنظيم للعملية، وقال ” كان على وزارة النقل ومديرياتها الولائية، ضبط برنامج صيفي، قبل حلول العطلة الصيفية، ينظم عملية تنقل الحافلات نحو شواطئ البحر”.

وأكّد محدثنا، بأنّ الحافلات عبر الوطن متوفرة وبأعداد كافية، ونحن بحاجة إلى تنظيم العملية فقط”.

وبخصوص غياب دور المجتمع المدني، في تنظيم رحلات ترفيهية للعائلات، أوضح عيسو فاتح، رئيس مقاطعة براقي للمجتمع المدني في تصريح لـ “الشروق”، بأن الإشكال في العملية، هو عدم حيازة كثير من الجمعيات الخيرية والتطوعية، ميزانيات للتكفل بمصاريف نقل الأطفال والعائلات إلى الشواطئ، وأيضا بسبب إجبارية حيازتها لتأمين على الرحلة في حال أرادت تنظيم رحلات ترفيهية. تتسلمه من مديريات الشباب والرياضة والمصالح الأمنية. وهذه العوامل تجعل الجمعيات تفضل عدم الدخول في مثل هذه المتاهات، وخاصة عند نقل أطفال صغار، قد يتعرضون لمخاطر.

وكشف عيسو، أن بعض الجمعيات “تغامر” وبعد الاتفاق مع مدراء مدارس، على نقل أطفال في رحلات، بعد دفعهم مثلا مبلغ 800 دج على كل تلميذ، وهو ما يعتبره مغامرة على اعتبار أن الرحلة غير مؤمنة، ومبلغ 800 دج مرتفع لا يقدر عليه الأطفال الفقراء”.

تحذيرات من رحلات ترفيهية “مشبوهة”

وفي نفس السياق، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الأيام الماضية، شكاوى من قبل عائلات، أكّدت أنّ بعض الجمعيات أو أصحاب الحافلات نقلوا أبناءهم في رحلة إلى البحر بمقابل مادي، ولكنهم تخلوا عنهم في الشاطئ، وبعض الأطفال أصيبوا بنوبات هلع. وهو ما جعلهم يحذرون العائلات من الرحلات الترفيهية المشبوهة.

إلى ذلك، تكثف مصالح الحماية المدنية، ومنذ انطلاق موسم الاصطياف حملاتها التحسيسية والتوعية، في ظل تسجيل حالات غرق عبر عديد الولايات. وأكد المكلف بالإعلام على مستوى المديرية العامة للحماية المدنية، النقيب زهير بن أمزال، بأن غالبية الغرقى أطفال ومراهقون.

4 دقائق كافية للغرق وعلى المصطافين الحذر

وشدّد محدثنا، على ضرورة قيام الأولياء بدور أكبر خلال العطلة الصيفية، لحماية أطفالهم من مختلف المخاطر المحدقة بهم. وقال “92 وفاة في السدود والبرك والوديان والحواجز المائية، منذ الفاتح ماي، تجعلنا نؤكد على الأولياء بضرورة مراقبة أطفالهم”.

وبحسبه، الجميع يعلم خطورة السباحة في السدود والمياه الراكدة، لأنها تحتوي على الأوحال التي تعيق عملية السباحة، مع غياب تيارات الهوائية في المياه الراكدة. ودرجة حرارة مياه السطح تختلف عن درجة المياه الأعمق، فقد يصاب الطفل بتشنج بسبب التغير الحراري.

وأكد المتحدث، أنّ الطفل لا يقدر خطورة أفعاله، وهو ما يستلزم المراقبة اليومية من الأولياء، خاصة في أوقات الظهيرة، مع توعية الطفل حول خطورة السباحة في هذه الأماكن.

وقال “الخطير أنّ الوفاة غرقا تستغرق بين 3 إلى 4 دقائق فقط، فغالبية الغرقى الذين ينتشلهم أعواننا يكونون متوفين، وبالتالي نجدة الغرقى في هذه الأماكن صعبة جدا”.

كما تحدّث بن أمزال، عن خطورة السباحة في الشواطئ الصخرية وغير المحروسة، التي يروح ضحيتها شباب بين 17 و22 سنة، بدافع حب المغامرة والتقليد. وآخرون يغرقون في شواطئ مسموحة، بعدما يبتعدون كثيرا في عرض البحر، ويسبحون في غير الأوقات المخصصة لذلك، والتي تكون بين 9 صباحا إلى 7 مساءا، أي خارج أوقات عمل أعوان الحماية المدنية على الشواطئ.

وقال، بأن أي خطأ أو سوء تقدير من الأولياء على الشواطئ، قد يُعرض أبناءهم للخطر، وذكر حادثة لعائلة قصدت الشاطئ، وأثناء انهماك الوالد بمساعدة الزوجة، في تنصيب مظلة الشمس، في ظرف ثواني فقط، كاد طفلهم يغرق بعد أن هرول نحو البحر، لولا أن أنقذه أحد المصطافين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!