-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
طلبا للبركة وتمتينا للعلاقات الاجتماعية

تبادل وجبات الإفطار.. عادة “قالمية” عريقة

نادية طلحي  
  • 700
  • 0
تبادل وجبات الإفطار.. عادة “قالمية” عريقة

حلّ شهر رمضان المعظّم هذه السنة، في ظروف استثنائية، ميزها انشغال المواطنين بالبحث عن بعض المواد الغذائية التي عرفت ندرة في الأسواق، خلال الأسابيع والأيام الماضية، خاصة منها زيت المائدة والسميد وحتى حليب الأكياس. لكن تلك الندرة لم نس سكان ولاية قالمة عاداتهم وتقاليدهم خلال هذا الشهر الفضيل، الذي يعتبرونه فرصة حقيقية لتعزيز الروابط العائلية والعلاقات الاجتماعية المميزة بين الجيران. حيث مازالت أغلب العائلات تحافظ على العادات والتقاليد التي توارثتها عن الآباء والأجداد جيلا بعد جيل، في صنع أجمل صوّر التضامن والتآزر الاجتماعي خلال هذا الشهر الكريم، حيث أنه ومنذ اليوم الأول من شهر رمضان، تحرص العائلات على تبادل وجبات الإفطار بين الجيران، لتعزيز تلك الروابط الاجتماعية التي تجمع بينهم.

ومع اقتراب موعد أذان المغرب من كل يوم يسعى الأطفال في رحلة ذهاب وأياب وسط الأحياء، والتجمعات السكانية، لتبادل الصحون المليئة بالمأكولات من بيت إلى بيت، لرغبة كل سيدة في تمكين جيرانها من تذوق ما قامت بطهيه لإفطار ذلك اليوم، أيمانا منها بأن ذلك قد يزيد في الرزق وطرح البركة في بيت عائلتها، وهي عادة توارثتها النسوة عن أمهاتهن وأصبحت تقليدا تحذوه كل واحدة في بيتها. وقد دأبت ولاية قالمة منذ عدّة سنوات على ترسيخ صوّر التضامن والتآزر بين مختلف طبقات المجتمع، من خلال مبادرات الشباب في الأحياء، والذين يقومون بتحرياتهم لمعرفة العائلات الفقيرة، وتمكينها من المساعدات العينية التي يتكفلون بجمعها بعيدا عن أعين الجهات الرسمية، خاصة وأن ولاية قالمة المحافظة يوجد بها الكثير من العائلات المحتاجة، التي لا تجرأ على التسجيل في قوائم البلديات أو مديرية النشاط الاجتماعي أو الهلال الأحمر للحصول على المساعدات، فتكتم حاجتها حتى تتفاجأ بتلك المساعدات التي يجمعها الشباب فيما بينهم وبطريقتهم الخاصة.

وهذه العادة التي عكف عليها القالميون منذ وقت بعيد، لجعل شهر رمضان فرصة لإدخال الفرحة في قلوب المحتاجين والفقراء بالمجتمع، لمنعهم من الشعور بالاحتياج الذي قد يلازمهم طيلة الأشهر المتبقية من السنة. وعلى الرغم من أن جائحة كورونا خلال شهر رمضان الماضي، قد دفعت بالعائلات إلى التخلي عن بعض عاداتها بعد الإفطار، أين كانت العائلات تتجمع في الساحات العمومية لتبادل أطراف الحديث الذي لا يخلو من الكلام عن الأطباق التي تم طهيها في كل بيت، والظروف الاجتماعية لكل عائلة، إلاّ أنه وبعد تخفيف الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا، قد تعود إلى عادتها بتبادل الزيارات بين الأهل والجيران والتجمع حول صينية القهوة المزينّة بأشهى الحلويات. أمّا الرجال سيكونون هذه السنة على موعد للعودة على المساجد لأداء صلاة التراويح التي حرموا منها السنة الماضية، بسبب تفشي فيروس كورونا، حيث يحرص أغلبهم على أداء هذه الشعيرة في المساجد، قبل الانصراف نحو المقاهي والساحات للتخلص من الإرهاق بلقاء الأصدقاء وارتشاف القهوة أو الشاي.

ويعتبر سكان البلديات والقرى في ولاية قالمة أكثر حظا من سكان المدن بولاية قالمة، لتوفرهم على فضاءات شاسعة للالتقاء بعيدا عن التلوث وضجيج المدينة. وعلى اختلاف عادات وتقاليد كل عائلة خلال شهر رمضان المعظّم، إلاّ أن كل العائلات بولاية قالمة، تحرص على التمسك بعاداتها وتقاليدها في تعزيز علاقاتها العائلية والاجتماعية خلال هذا الشهر الفضيل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!