-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تجديد التوبة في شهر رمضان

خير الدين هني
  • 284
  • 0
تجديد التوبة في شهر رمضان

شهر رمضان مناسبة دينية، يراجع فيها المسلم أعماله وأخلاقه ودرجة استقامته، فيجعلها في الميزان، فإن وجدها على ما يحب ويرضى حمد الله وأثنى على توفيقه وهدايته، وإن كان على غير ذلك استشعر الخطر وأناب إلى ربه، وبادر إلى إعلان  توبته وأوبته إلى الله -تعالى- من غير تأخير أو مماطلة، لأنه لا يضمن بقاءه حيا ولو لحظات من استشعاره الخطر،  ويعقد العزم على ألاّ يعود إلى ارتكاب الأخطاء واقتراف المعاصي، لأنه إن استمر عليها من غير توبة أورد نفسه المهالك وسوء العاقبة، ولكنه إن تاب تاب الله عليه وعفا عنه وبدّل سيئاته حسنات، وكان من المقربين إلى الله تعالى، وكان وجيها في الدنيا والآخرة، لأنه أثبت بأنه  مسلم شجاع مقدام يخاف  الله تعالى.

هذا أعلى ما يصل إليه الإيمان في قلب المسلم، حينما يخالف هوى نفسه ويتغلّب على نوازع الشر فيها، ويعود إلى طريق الحق والرشد. وتُعدّ هذه الإنابة الصادقة من الأعمال التي يحبها الله ورسول، لقوله تعالى: ((إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)) (الفرقان: 70)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم- “لله أشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم براحلته التي عليها طعامه وشرابه فأضلّها في أرض فلاة، فاضطجع قد أيس منها، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة على رأسه فلما رآها أخذ بخطامها وقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح”.

وبعض الناس –هدانا الله وإياهم- ممن أدركهم شهر رمضان، ولم يتوبوا إلى الله، وكانوا من قبل قد وطّنوا أنفسهم على أنهم سيتوبون حالما يحلّ شهر رمضان، ولكن شهوات الحياة ومشاغلها ألهتم، وأنستهم طريق العودة إلى الله، وبقوا يرتعون ويمرحون في مسارتهم الخاطئة التي ساروا على دروبها سنوات طويلة. والبعض الآخر أعلنوا توبتهم وعادوا إلى الله، ولكن ما إن انقضى الشهر الفضيل حتى عادوا إلى طريق الخطأ، وساروا على هذه السبيل التي لا يحبها الله تعالى، من غير استشعار الخطر ولا وخز الضمير ولا بما وقر في القلب من إيمان، قال تعالى: ((أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِر))، والمراد أن الباري -سبحانه- نبّه الغافلين والذين غرّتهم الحياة الدنيا، ممن كانوا في عهد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أو من الذين جاءوا بعدهم على نحو ما هو معلوم في أيامنا هذه، ممن يتباهون ويتفاخرون بأنسابهم وأحسابهم وأموالهم وأنفسهم ووجاهتهم، ولم يستفيقوا من غفلتهم حتى حلّ بهم الموت وطواهم بغتة كما طوى الذين من قبلهم، وقذف بهم في رموسهم من غير توبة ولا أوبة ولا شعور بالندم وفوات الأوان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!