-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تدريس أم تهريج!

تدريس أم تهريج!

لا يمكن التّهوين في الدّور الإيجابي الذي كانت الدّروس الخصوصية تلعبه في استدراك النّقص المسجل في بعض المواد المعقدة كالرياضيات والفيزياء واللغات الأجنبية، لكن ما يحدث في السّنوات الأخيرة تجاوز كل الحدود وباتت الدّروس الخصوصية تجارة مربحة يحترفها الدخلاء عن قطاع التربية والتعليم.
المتجول في مواقع التواصل الاجتماعي يصادف عشرات الإعلانات ومعها مقاطع فيديو لأشخاص يقدمون الدّروس بطريقة غريبة لا علاقة لها بمناهج التّدريس المعروفة، والغريب أن الكثير من هؤلاء لا علاقة له بمهنة التّعليم، فبعضهم ما زال يزاول دراسته في الجامعة في تخصّصات مختلفة، ومن الواضح أنّهم لا يعرفون شيئا عن البيداغوجيا وطرائق التّدريس وتبسيط المعلومات، ومع ذلك يقدّمون دروسا على الخط وأخرى حضورية بأساليب غريبة تقترب من الابتذال والتهريج.
ولم يعد الأمر يتوقّف على المواد الدّراسية المعقدة، بل طالت كل المواد الدراسية، حتى أن ما يسمى بمراكز الذّكاء والتّنمية البشرية التي كانت فيما سبق “تبزنس” في تطوير الذات وقانون الجذب والرّيكي والبرمجة العصبية اللغوية وغيرها من الأسماء الغريبة التي لا تمت إلى العلم بصلة، وعندما انتبه الناس إلى الطّابع الاحتيالي لهذه المراكز تحولت إلى “البزنسة” في الدروس الخصوصية.
ومن الطبيعي أن يتم ترويج إعلانات على نطاق واسع من قبيل “حفظ التاريخ والجغرافيا في ثلاثة أيام” أو “أسهل طريقة لحفظ المعادلات الرياضية” وغيرها من الإعلانات المضلّلة التي تغري المترشحين للبكالوريا للالتحاق بدورات المراجعة السريعة!
من المسؤول عن هذه الظاهرة الخطيرة التي انتشرت بكثرة خلال السنوات الأخيرة؟ وما مسؤولية الأساتذة الذين يزاولون عملهم في المؤسسات التربوية؟ وهل السبب وراء هذه الظاهرة هي عدم كفاءة المؤسسات التربوية الرسمية؟ أم أن للظاهرة أسبابا نفسية واجتماعية أخرى؟
لقد أصبح الكثير من التلاميذ المتمدرسين يفضلون الالتحاق بالدروس الخصوصية بدل مزاولة الدّراسة العادية في المؤسسات التربوية، حتى أن الكثير من الثانويات عبر الوطن تسجل غيابات بالجملة لتلاميذ النهائي فور تسجيلهم الرسمي باعتبارهم مترشحين للبكالوريا!
إن المحتوى المقدم في المستودعات التي تشهد حالة اكتظاظ بحاجة إلى تقييم، لمعرفة السبب وراء إقبال التلاميذ على دروس يقدمها شاب غير مؤهل علميا وبيداغوجيا لمجرّد أنّه يستخدم ألفاظا سوقية في شروح الدروس، ويروج لنفسه بحركات بهلوانية تقترب من التهريج ولا علاقة لها بطرائق التدريس ومناهجه!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • صهيب

    السبب واضح هاولاء الاساتذة طريقتهم افضل من الائك اللذين في الثانويات هذي حقيقة لا يمكن التهرب منها

  • لحسن

    منذ كان مسموح لاستاتذة العمومي انجاز الدروس الخصوصية انعدم تكافؤ الفرص بين التلاميذ واصبح الفصل بالنسبة لهؤلاء فتىرة راحة الشئ الذي جعل التعليم في تدن مستمر.