-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تذكيرٌ للأشقاء الفلسطينيين

حسين لقرع
  • 505
  • 1
تذكيرٌ للأشقاء الفلسطينيين

طيلة فترة احتلالها للجزائر، لم تتورّع فرنسا قطّ عن القمع الوحشي للثورات الشعبية التي كانت تظهر تباعا في شتى مناطق البلاد بهدف القضاء عليها وترويع السكان وإخضاعهم فلا يفكرّون في الثورة عليها مستقبلا، ونجحت فرنسا في إخماد هذه الثورات بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، واستتبّ لها الأمر في بداية القرن العشرين إثر القضاء على آخر ثورة شعبية بالجنوب وهي ثورة الشيخ آمود، واضطرّ الجزائريون إلى التوقّف عن ثوراتهم مؤقتا للحول دون إبادتهم كما حدث للهنود الحُمر في الأمريكتين، ومرّ نصف قرن تقريبا من “الهدوء” لم يلجئوا فيه إلى حمل السِّلاح واكتفوا بالعمل السِّياسي السِّلمي.

ظنّت فرنسا أنّ الأمر قد استتبّ لها وطاب لها المقامُ نهائيا في الجزائر، وأنّها نجحت في قتل روح المقاومة لدى الجزائريين ولن يفكّروا بعد اليوم في أيّ ثورةٍ جديدة ضدّها حتى لا يتعرّضوا لمجازرها الوحشية كما تعرّض أسلافُهم. ولكنّ حينما لاحت الفرصة، ثار الجزائريون وفجّروا ثورة أوّل نوفمبر 1954، وأشعلوها نارا تحت أقدام المستعمِر، ولم تُثنهم الجرائم المروِّعة للاستعمار ضدّهم عن مواصلة ثورتهم حتى حققوا الانتصار في 5 جويلية 1962، وبعد أن قدّموا تضحيات جسيمة بلغت 1.5 مليون شهيد في ظرف 7 سنوات فقط.

تعمّدنا سردَ هذه المقدّمة الطويلة لعلّها تنزل بردا وسلاما على قلوب إخواننا الفلسطينيين الذين أحزنهم هذه الأيام -كما أحزننا جميعا- قيامُ الاحتلال الصهيوني بالتوغّل في مدينة نابلس المجاهدة وقتلِ 11 من أبنائها في ظرف 4 ساعات، لتبلغ الحصيلة 64 شهيدا في ظرف أقلّ من شهرين.

ولا شكّ لدينا أنّ الفلسطينيين سيخسرون المزيد من أبنائهم في عهد هذه الحكومة اليمينية الفاشية التي رفع فيها المتطرّف بن غفير “نظرية” مفادها لا تتورّع عن قتل المزيد من الفلسطينيين حتى يُردَعوا ويكفّوا عن مهاجمة الصهاينة، وهي النظرية ذاتها التي انتهجها الجيشُ الفرنسي في الجزائر طيلة 132 سنة من الاحتلال وأفضت إلى استشهاد نحو 6 مليون جزائري، لكنّه فشل في إخماد روح الثورة لدى الجزائريين كما أسلفنا، وخرج في 1962 مذموما مدحورا. ويقينًا، لن يختلف الوضعُ في فلسطين ولن تُؤثّر هذه المجازرُ البشعة في نفوس أبنائها ولن تزرع اليأس في قلوبهم ولن تدفعهم إلى إلقاء السلاح والخضوع للمحتلين، بالأمس فقط أعلنت “عرين الأسود” أنّ 50 فلسطينيًّا قد انضمّوا إليها فور ارتكاب الاحتلال مجزرة نابلس، وهم يستعدّون للثأر للشهداء الـ11 كما ثأر البطل خيري علقم قبل شهر لشهداء جنين الـ10 وقتل 7 مستوطنين في عمليةٍ بطولية فذّة قبل أن يرتقي شهيدا. فهل يُغلب مثل هذا الشعب الجبّار ويستسلم كما يريد بن غفير والحكومة الصهيونية الفاشية؟

خلال الثورة التحريرية، كانت فرنسا تقتل مئات الجزائريين كلّ يوم أملا بأن تدفع الشعب إلى اليأس والاستسلام، لكنّ تلك المجازر الوحشية كانت تدفع الكثير من الشباب إلى الجبال يوميًّا لحمل السلاح ضدّها إلى أن تمكّنوا في النهاية من طردها. واليوم يقتل الاحتلالُ 11 فلسطينيًّا، فينضمّ خمسون آخرون إلى المقاومة للثأر لهم غير عابئين بشراسة المحتلّ. أليست هذه بشارةً كبيرة للنصر مهما طال الزمن وتزايد حجمُ التضحيات؟ ليس لدينا أيّ شكّ، ومن بوادره الأولى ما نسمعه هذه الأيام من أنباء متزايدة عن صهاينةٍ قرّروا الهجرة العكسية إلى أوربا وأمريكا لأنّ فلسطين المحتلّة لم تعد مكانا آمنا مستقرّا، والقادم أفضل بإذن الله، واللهُ غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مواطن

    شكرا