-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“تسونامي” في أرض الحرمين

حسان زهار
  • 306
  • 0
“تسونامي” في أرض الحرمين

لم يخطئ الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، عندما قال أن ما يحدث اليوم في السعودية، هو بمثابة تسونامي حقيقي، ومن خلال كلام ساركوزي، يمكن أن ندرك فرحة وتحفز الغرب، لهذا التسونامي القادم من أرض الحرمين، على اعتبار أنه يستهدف من خلال ملامحه الأولى، ما تبقى من الاسلام المعتدل.

في موجة التسونامي الجديدة، التي تستهدف دين الأمة وعقيدتها، تفتقت عبقرية الغرب والصهاينة، بعد أن أجهزوا على الأمة، من خلال عمليات التدمير الذاتي، عبر التخطيط والتمويل للثورات المضادة، التي أجهضت حلم الشعوب المسلمة في الحرية، بدعم القوى الداخلية العميلة، بأن تأتي الردة على دين الله وشريعته أيضا من الداخل، ولكن ليس من داخل أي بلد، بل من داخل السعودية نفسها، البلد الذي ظل لعقود طويلة عنوانا للإسلام، بوصفها الأرض التي نزل فيها الوحي، وتطبق فيه الشريعة، وتحوي أكبر قدر من الأماكن المقدسة.

لقد قرأنا باندهاش كبير، النية في إعادة النظر في الأحاديث النبوية، والقرار الصارم من أعلى السلطات بتدمير الأفكار المتطرفة الآن وعلى الفور، والعودة بالمملكة للإسلام المعتدل، مع رغبة واضحة في التنكر للوهابية بشكل غريب، على اعتبار أن إيران بحسب الادهاءات الرائجة الجديدة، هي من كانت وراء تحول المملكة للوهابية، وأن المملكة تتوجه حاليا بخطى حثيثة نحو العصرنة، ودليلها الاعلان عن بناء مدينة ضخمة جديدة، في ما يسمى مشروع “نيوم” التي تمتد إلى أراض مصرية وأردنية، بغلاف مالي قدر بـ500 مليار دولار.

لكن هل هذه الادعاءات صحيحة؟ وقد ظهرت بجلاء حجم الهرولة نحو التطبيع مع إسرائيل، وتقديم فروض الطاعة للأمريكان، على حساب أقطاب الاسلام المعتدل في المملكة والعالم والاسلامي؟ بل وكيف يستقيم هذا التوجه المريب، ونحن نلمس إلى جانب مؤشرات”الردة” الدينية، ردة سياسية موازية، تتمثل في التخلي عن نصرة ثورة الشعب السوري، والتصالح مع أتباع ايران في العراق، وعقد الصفقات السرية مع الحوثيين في اليمن، وقيادة حملة المقاطعة الشرسة ضد قطر، ومن خلفها تركيا، ودعم القوى العلمانية في ليبيا وتونس.

إن قرار تدمير القوى المتطرفة وفورا كما تم الاعلان عنه، بدعوى الانتصار للإسلام المعتدل، كان من نتائجه الغريبة، الزج بقيادات الإسلام المعتدل من علماء ودعاة ومفكرين في السجون، من أمثال الداعية الشهير سلمان العودة والشيخ عائض القرني، بالإضافة الى دعاة وناشطين ومفكرين وأصحاب رأي وإعلاميين وقضاة وحتى مسؤولين كبار في الدولة، وكل هؤلاء إنما جريرتهم في محاولاتهم تقديم قراءة مختلفة للنص الديني، تكون فيه مساحة لقبول الحركات الاسلامية الأخرى كالإخوان المسلمين، أو القبول بفكرة الديمقراطية.

أما محاولة نفي الوهابية وإلصاقها بجهات أخرى، فهي محاولة عبثية تنم عن صبيانية واضحة، فالتاريخ  يشهد أن محمد بن عبد الوهاب، الزعيم الديني الذي أسس هذا المذهب قبل 3 قرون، كان حليفا رئيسياً لمحمد بن سعود، الذي يعتبر اليوم مؤسس الدولة، فكيف يتم مسح ذلك لمجرد محاولة بائسة لإرسال رسائل للغرب بأن المملكة تغيرت أو هي تتغير؟

لكن هل ترضى اليهود والنصارى؟ الأمر يحتاج على ما يبدو لأدلة حقيقية، لا تبدأ فقط بمنح رخصة السياقة للمرأة السعودية، أو حضورها مباريات كرة القدم في الملاعب، بل إن الخطة تقتضي عملية تحايل ضخمة على الموروث الثقافي والديني للمملكة، عبر إعادة النظر في الأحاديث الدينية، و إنشاء مدينة “نيوم” الضخمة، على البحر الأحمر، يكون معظم سكانها من الروبوتات، تربطها بمصر ومنها بإفريقيا، ومنها آسيا عبر الأردن، مرورا بمضيق تيران الذي تنازلت عن سيادته مصر للسعودية، بحيث قد يكون فيها الخمر والميسر والجنس، أعمالا مباحة ومتاحة، برعاية أمريكية إسرائيلية.

وهذا يعني أن “الردة” القادمة من أطراف الحرمين الشريفين، سيكون لها ما بعدها، فالعالم الاسلامي الذي كان إلى وقت قريب يستند في صموده أمام التحالف الصليبي اليهودي، على قوة السعودية التي ترفع شعار الله أكبر، سيكون بلا رصيد للمواجهة، وهو ما تعمل على تجسيده تلك القوى بكل خبث وفي أسرع وقت، عبر هذا التسونامي يترقبه ساركوزي، والذي نسأل الله أن يحمي أمتنا من آثاره التدميرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!