-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تطبيع الجريمة‮!‬

الشروق أونلاين
  • 1283
  • 0
تطبيع الجريمة‮!‬

لا‮ ‬يمر‮ ‬يوم إلا ونسمع مزيدا من الأخبار عن الجرائم المروعة التي‮ ‬تحدث في‮ ‬مخلتف ولايات الوطن،‮ ‬دون أن‮ ‬يدفعنا ذلك إلى حصر الظاهرة والبحث في‮ ‬أسبابها وكيفية التخفيف منها،‮ ‬بل إن الجريمة نفسها لم‮ ‬يعد لها ذلك الوقع العنيف في‮ ‬المجتمع،‮ ‬حوادث قتل لأسباب تافهة ومجازر تحدث هنا وهناك،‮ ‬والجريمة دائما أكبر بكثير من السبب،‮ ‬والتفاعل معها أقل بكثير منها،‮ ‬دون أن‮ ‬يدفعنا ذلك إلى طرح تساؤلات حول السبب في‮ ‬هذا الانهيار القيمي‮ ‬الذي‮ ‬لم‮ ‬يسبق له مثيل في‮ ‬الجزائر،‮ ‬والذي‮ ‬حول جرائم القتل اليومية إلى حوادث طبيعية‮ ‬يتقبلها المجتمع ويعالجها القانون بكل برتابة وروتينية‮!‬
رشيد ولد بوسيافة
خلافات بسيطة تتحول إلى مذابح،‮ ‬ومحاولات للسرقة تنتهي‮ ‬بالقتل والتنكيل ولقاءات عاطفية تتحول إلى جرائم اغتصاب وقتل،‮ ‬وتوعدات بالتصفية على مرآى من الناس،‮ ‬وأسلحة بيضاء في‮ ‬متناول الجميع حتى الأطفال القصر الذين بلغ‮ ‬تعدادهم في‮ ‬السجون‮ ‬900‮ ‬قاصر،‮ ‬وكأننا في‮ ‬بلد‮ ‬غير البلد ومجتمع‮ ‬غير المجتمع الجزائري‮ ‬الذي‮ ‬حولته الأزمة الأمنية إلى مجتمع مريض بالصدمات التي‮ ‬ظلت دون علاج وتكفل نفسي‮ ‬إلى الآن‮.‬
مليون مصدوم في‮ ‬الجزائر كان إما شاهدا أو معنيا وضحية للمجازر والاعتداءات التي‮ ‬حدثت طيلة العشرية السوداء،‮ ‬عاشوا بصدماتهم التي‮ ‬لم تمح بالتكفل والمتابعة النفسية،‮ ‬حيث تشير التقارير إلى أن‮ ‬5‮ ‬بالمائة فقط من الأطفال الذين خضعوا للعلاج النفسي‮ ‬لم‮ ‬يستفيدوا من أية متابعة وتكفل نفسي‮ ‬متواصل،‮ ‬مما أهلهم ليكونوا مشاريع جرم وميل إلى العنف والاعتداء،‮ ‬هؤلاء كانوا أطفالا عند بداية الأزمة وقد تحولوا الآن إلى شباب‮ ‬يافع،‮ ‬لكنه مغلف بعدد كبير من العقد والصدمات جعلته‮ ‬يرى في‮ ‬العنف الطريقة المثلى في‮ ‬التعامل مع الغير‮.‬
الجريمة في‮ ‬الجزائر تطبعت أو في‮ ‬طريقها إلى التطبيع،‮ ‬وهي‮ ‬وضعية تتطلب فتح نقاش على صعيد واسع لوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة التي‮ ‬تتفاقم‮ ‬يوما بعد الآخر،‮ ‬والتي‮ ‬تساهم في‮ ‬انتشارها العديد من العوامل أبرزها ضعف عامل الردع والتساهل مع حوادث الاعتداءات والسرقة التي‮ ‬تبدأ بجنح بسيطة وتنتهي‮ ‬بجنايات وجرائم ومذابح‮.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!