تعرف على مسجد بن خلدون الذي أعيد فتحه بعد قرابة القرنين من الغلق
أعيد بداية شهر رمضان افتتاح مسجد عبد الرحمن بن خلدون في قصبة بجاية يوم الإثنين، 11 مارس، بعد أن كان مغلقا لمدة تقارب القرنين من الزمن.
هذا المسجد العريق يحمل اليوم اسم عبد الرحمن بن خلدون، أحد الأسماء المضيئة في التاريخ الإسلامي والذي برع في علوم شتى، كالإجتماع والفلسفة والإقتصاد والعمران والتاريخ والذي تولى إمامة هذا المسجد سنة 1365.
مسجد عبدالرحمن بن خلدون في قصبة بجاية، مارس 2024. صورة: صفحة المسجد على فيسبوك
المسجد من أعرق مساجد مدينة بجاية التاريخية، حيث قام الحفصيون بتشييده خلال القرن الثاني عشر وسط حدائق تطل على البحر والجبال الخضراء.
يحتوي المسجد على ثلاث قبب ثمانية الشكل، ويتخذ التسقيف شكلا هرميا من لوحات وعوارض تغطيه من الداخل، أما من الخارج، فتغطيه صفائح من القصدير وتتخلل جدرانه الداخلية فتحات ونوافذ وأبواب.
وكانت بجاية طيلة تلك الفترة مركزا للإشعاع الثقافي والفكري، وكان هذا المسجد إضافة لدوره الروحي مكانا للنقاش والتفكير.
مسجد عبدالرحمن بن خلدون في قصبة بجاية، مارس 2024. صورة: صفحة المسجد على فيسبوك
المسجد المنارة
وكانت المساجد فيها مهيأة لتؤدي رسالة دينية وتعليمية تحظى بعناية دائمة من طرف الأمراء الحفصيين، الذين كانوا يحملون نزعة علمية وكانوا يعملون ما بوسعهم لاستقطاب العلماء ليدرسوا فيها.
ومنهم أبو عبد الله الحفصي الذي حكم من 1350 إلى 1360، وهو من استقدم عبد الرحمان ابن خلدون وأسند إليه الخطابة والتدريس بجامع القصبة.
وكتب ابن خلدون عن استقباله في بجاية قائلا “فاحتفل السلطان بقدومي، وأركب للقائي، وتهافت أهل البلد عليَّ من كل أوبٍ يمسحون أعطافي، ويقبلون يدي وكان يوماً مشهوداً”.
مسجد عبدالرحمن بن خلدون في قصبة بجاية، مارس 2024. صورة: صفحة المسجد على فيسبوك
وقد أدت المساجد في بجاية آنذاك دور الجامعة أو المعهد حيث تلقى فيه دروس الوعظ والإرشاد كما تعقد فيه أيضا حلقات البحث والمناظرات العلمية، وفي مقدمتها مسجد القصبة والمسجد الأعظم.
ومر بهذا المسجد، إضافة لعبد الرحمن بن خلدون صاحب كتاب “المقدمة” والذي شغل فيه منصب الإمام والفقيه، علماء كثر كان لهم إسهام ودور في مجالات شتى.
ومن بين هؤلاء عالم الرياضيات الإيطالي ليوناردو فيبوناتشي، وسيدي بومدين وأحمد بن إدريس، والوغليسي، وغيرهم كثيرون.
مسجد عبدالرحمن بن خلدون في قصبة بجاية، مارس 2024. صورة: صفحة المسجد على فيسبوك
صمود
المسجد دمر جزءا منه الغزو الإسباني للمدينة عام 1510 حين استولت الإمبراطورية الإسبانية على المدينة لمدة 45 عاما إلى غاية طرد الأسبان منها من طرف صالح ريس وإمارة كوكو في 1555.
ليتم بعدها ترميم المسجد وإعادة بناء مساجد بجاية الأخرى التي دمرها الغزو الإسباني، إلى غاية دخول الإستعمار الفرنسي للمدينة واستيلاءه على المسجد وتحويله لأغراض أخرى غير العلم والعبادة.
وبعد الإستقلال تم ترميم المسجد واستعمل كملحقة للمكتبة الوطنية، قبل أن يستعيد مكانته الأصلية كمسجد مع بداية رمضان 2024.
مسجد عبدالرحمن بن خلدون في قصبة بجاية، مارس 2024. صورة: صفحة المسجد على فيسبوك
