الرأي

تعزيز الصحة بإتِّباع نمط الحياة الإسلامية

حسن خليفة
  • 2392
  • 19
ح.م

أمام هذا المنعطف الإنساني الكبير المتمثل في هذا الوباء الذي رأينا بأمِّ أعيننا جميعا كيف حرّك دول العالم كلها، وأرعب البشر حتى صاروا في جري محموم نحو طلب النجاة من الهلاك.

ولعلّها أن تكون مناسبة يؤمل أن تفتح قوسا كبيرا أمام الإنسان ليعيد حساباته بشكل أفضل وأمثل حتى يكون أقرب إلى الإنسانية والفطرة.

أمام هذا المنعطف أعتقد أنه ـ بالنسبة إلينا كمسلمين ـ من الواجب أن نستحضر بعضا من كنوزنا المدفونة وأشفِيتنا الميمونة، وذلك بالعودة إلى هذا النبع الكريم الصافي وهو الإسلام قرآنا وسنّة، دين الفطرة ودين الإنسان الحق.. وقد وجدتُ في قراءات وتأملات هذه الوثيقة الرائعة التي تُسمى وثيقة “تعزيز الصحة باتباع نمط الحياة الإسلامية”، ولا ريب أن تأمّلها يفيد في معرفة حقائق ناصعات وأهمّها أن نمط العيش أو نمط الحياة ـ في ذاته ـ له أكبر الأثر وأعظم الدور في تعزيز الصحة، بجميع أنواعها، وهو ما يؤكد ـمرة أخرى ـ أن هذا الدين هو دين الفطرة الأصيلة، وأن نمط الحياة المقترح من خلال الشريعة الإسلامية الغرّاء هو أفضل وأمثل نمط لتحقيق الصحة العامة والصحة النفسية والتوازن، والانتظام، والإيجابية، ومن ثم تحقيق كل ماله صلة بالحياة السعيدة المطمئنة الكريمة.

إنا تأمّلا عميقا وإعادة قراءة بعض تفاصيل المنهج الإسلامي فيما يتصل بـ”أسلوب الحياة” أو”أسلوب العيش” سيقودنا إلى معرفة الحقائق العظيمة في أجلى وأحلى صوّرها، ولعل أهمها أن طريقة الحياة التي يطرحها الإسلام هي الأفضل دون منازع فيما يتعلق بعيش الإنسان لحياة حقيقية آمنة طيبة، بلا منغّصات، وبلا أوبئة، وبلا أمراض خطيرة، وبلا مآس وبلا تعقيد، ودون الكثير من الأمراض المعنوية والروحية والنفسية والجسدية التي يعيشها إنسان عصرنا خاصة. وذلك يعني أن نمط العيش أو أسلوب الحياة الإسلامية هو أنسب أنماط الحياة للإنسان.

أولا: الصحة نعمة من الله، مغبون فيها كثير من الناس، كما جاء في الحديث الشريف.

ثانيا: والصحة عنصر من عناصر الحياة، لا يكتمل إلا بتوافر العناصر الرئيسة الأخرى، مثل: الحرية، والأمن، والعدالة، والتعليم، والعمل، والكفاية، والمأكل، والمشرب، والملبس، والمسكن، والزواج، وصحة البيئة.

ثالثا: يستطيع الإنسان حفظ صحته، بأن يحافظ على الميزان الصحي في حالة اعتدال، فلا يطغى في هذا الميزان ولا يُخسر الميزان، التزاما بما أمر به القرآن الكريم.

رابعا: لكل إنسان رصيدٌ صحي، ينبغي أن ينمّيه ليستمتع بالمعافاة الكاملة، ويأخذ من صحته لمرضه، كما ورد في الحديث الشريف.

خامسا: لنمط الحياة الذي يتبعه الإنسان أثرٌ رئيس على صحته وعافيته. وهذا واضح تمام الوضوح في أنماط العيش في الشرق والغرب؛ إذ نرى بأعيننا الضنك والعناء والشقاء والانتحار والاكتئاب والفصام واطراد صعود الجريمة.

سادسا: تشتمل أنماط الحياة الإسلامية على كثير من الأساليب الإيجابية المعززة للصحة، وتأبى جميع السلوكيات السلبية المنافية للصحة.

سابعا: الإسلام ـ كما يعرّفه القرآن ـ هو الفطرة التي فطر الناس عليها، فالالتزام بأنماط الحياة الإسلام هو تحقيق لطبيعة الإنسان الأصيلة، وانسجام سنن الله في الجسم والنفس، وفي الفرد والأسرة والمجتمع، وفي الإنسان وبيئته.

ثامنا:

 – الصحة نعمة من أعظم نعم الله عز وجل، بل هي أعظم نعمة بعد الإيمان، وهي ـمع الأمن والحد الأدنى من الاحتياجات الأساسيةـ ضمان لحياة طيبة.

ـ المحافظة على نعمة الصحة والاستزادة منها تكون بشكرها، وذلك بالعمل على حفظها وتعزيزها، وبعدم انتهاج سلوك أو الإقدام على تصرّف يؤدي إلى التفريط بها أو تبديلها وتغييرها، فإن ذلك التبديل أو التغيير يؤدي إلى زوال نعمة الصحة، والعقوبة بالمرض.

ـ التغذية الصحية هي التغذية المتوازنة، تحقيقا للميزان الذي وضعه الله في كل شيء.

ـ تحري الغذاء الطيب واجتناب الغذاء الخبيث..ضمانة للصحة.

ـ الامتناع عن الغذاء الطيب، بلا مبرر مشروع، أمر منافٍ للصحة، ولا يسمح به الإسلام.

ـ التغذية الصحية هي أولا التغذية المتوازنة من حيث الكمّ؛ فالإسراف في الغذاء مضرّ بالصحة، لما يؤدي إليه من أمراض فرط التغذية ـ أمراض التخمةـ وهو مخالفٌ لتعاليم الإسلام.

ـ لا يجوز للمسلم أن يتخذ سلوكا يعرّضه للخطر أو يلقي به إلى المهالك، كتعريض نفسه وبيته للحريق، أو تعريض طعامه وشرابه للتلوّث، وينسحب ذلك على جميع البلاء.

ـ يأمر الإسلام باتخاذ جميع أسباب الوقاية من الأمراض، حسب وصيّة أهل الذكر من الأطباء، لأن التوقّي يؤدي إلى الوقاية، ويدخل في هذه الوقاية التطعيم لاتقاء الأمراض المعدية، والابتعاد عن كل مصادر العدوى.

ـ يأمر الإسلام بالمحافظة على البيئة فينهى عن البغي والإسراف والطغيان في استغلالها دون مبالاة بالموازين، ويحارب على الخصوص الفساد الذي يؤدي إلى هلاك الحيوان والنبات، ويشجع الزراعة وكل ما يؤدي إلى إصلاح البيئة وتجديدها، وينشئ محميات بيئية لا يجوز قطع شجرها ولا قتل حيواناتها، وينهي عن تلويث البيئة بأي شكل من الأشكال، ويأمر بتنظيفها.

ـ يأمر الإسلام بالمحافظة على صحة المسنّين الجسمية والنفسية، ولاسيّما في نطاق الأسرة ففي ذلك عرفان بحق الكبير، وتحقيق للتوقير والإكرام والإحسان.

مقالات ذات صلة