-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تغييرٌ طال انتظارُه

تغييرٌ طال انتظارُه

لا يختلف اثنان اليوم على أن الاصطياف عبر الشواطئ الجزائرية، تحوَّل من محطة للاستجمام وقضاء العطل لدى العائلات إلى هاجس لدى الكثيرين، بالنظر إلى حجم الفوضى التي تصادفها عندما تقصد هذه الأماكن، بشكل جعل البعض يعتقدون أن هذا الوضع أصبح قدرا محتوما علينا بعد أن يئسنا من تغييره.

ومع حلول موسم الاصطياف من كل سنة، لا يكاد يخلو أي مجلس وحتى وسائل الإعلام من نقاش مزمن، بشأن هذه الفوضى ويمضي الموسمُ لنستفيق في العام الموالي على الأسطوانة نفسها والوضع ذاته.

وأصبح المواطن الذي يقصد شواطئنا للاستجمام، وكأنه مقبلٌ على معركة مع من أضحى يُسمَّى “عصابات الشواطئ”، والتي تُحوِّل نزهته في بعض الأحيان إلى كابوس، يبدأ من حظيرة السيارات ويستمر مع رحلة البحث عن مكان على الشاطئ.

وحتى خارج هذه الشواطئ تجد العائلاتُ نفسَها أمام آفة الجشع وتردِّي الخدمات، إلى درجة أنَّ هناك من يجد نفسه مجبَرا على اقتناء قارورة مياه بسعر يعادل ثلاثة أضعاف ثمنها الحقيقي، ويمكن إسقاط ذلك على الإقامة والإطعام والنقل وغيرها.

وأثار انتباهنا منشورٌ لأحد مسؤولي جمعية المستهلِك على شبكة فيسبوك، كان مرفَقا بصورة لشاطئ في بلد أوروبي، تظهر فيها إلى جانب التنظيم المحكم، لافتةٌ مكتوبٌ عليها أن المشرفين على المكان يوفّرون للمصطاف سرير شاطئ أو كراسي وطاولات، إلى جانب مظلة شمسية والربط بشبكة الانترنيت (ويفي) وحتى المشروبات، وهي خدمات ليوم كامل بسعر 6 يوروهات أي ما يعادل 1000 دينار جزائري.

ويقول صاحب المنشور إنه يتمنى رؤية هذه الخدمات بأسعار معقولة في شواطئنا، لكن اللافت أن النقاش الذي دار عن هذه القضية في الشبكة، يُستشفُّ منه أن الجزائريين تملَّكهم اليأس من تغيُّر هذا الوضع في بلادنا، بحكم أننا قضينا سنوات طويلة في اجترار الكلام ذاته من دون نتيجة، وكأننا أمام قضية تفوق قدرة البشر.

ويبدو أنَّ خيار الردع في التعامل مع هذه العصابات عبر الشواطئ لم يعط هو الآخر ثماره ولم يعد كافيا لوحده لتغيير الوضع، فمن يقصد هذه الشواطئ يلاحظ حملات أمنية وكرًّا وفرًّا بين قوات الأمن والدرك وهؤلاء الشبان، لكن هذه الصور السيئة عن شواطئنا تحتاج حلولا جذرية وليست مؤقتة.

وقررت وزارة السياحة مع بداية الموسم الحالي وضع دفتر شروط جديد يمنح الأولوية في استغلال الشواطئ والظفر بعقود الامتياز للمهنيين الناشطين في قطاع السياحة، ومنهم أصحاب الوكالات السياحية والفنادق والمستثمرين في القطاع، وهي خطوة تبدو في الاتجاه الصحيح لكنها جاءت متأخرة.

لا ندري لماذا تأخّرنا لسنوات من أجل إقرار هذا الأمر؟ لكن حتى تنفيذ دفتر الشروط على أرض الواقع يتطلب وقتا، وتغييرا في الذهنيات، وقد ننتظر سنوات أخرى لرؤية ثماره على الأرض، لأن ممارسات الانتهازية والالتفاف على القوانين لن تنتهي هي الأخرى بسرعة، كما يحدث حاليا إذ يقوم مستفيدون من عقود امتياز بالتنازل عنها لآخرين لتنتهي في يد “عصابات” وأصحاب سوابق.

ومن شأن منح عقود الامتياز للناشطين في قطاع السياحة، القضاء على هذه المظاهر السلبية التي تغزو شواطئنا، وتوفير خيارات وخدمات في المستوى وبأسعار معقولة أمام المصطافين، وحتى نشاطات مختلفة تنعش السياحة، لأن هذه النقائص بالذات هي سبب اضطرار عائلات جزائرية للسفر إلى الخارج لقضاء عطلتها، رغم أن المؤهِّلات السِّياحية للجزائر يشيد بها البعيدُ قبل القريب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!