-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تغييرُ المناهج التربوية العربية امتثالا للهوى الأمريكي الصّهيوني

فريد حاجي
  • 934
  • 0
تغييرُ المناهج التربوية العربية امتثالا للهوى الأمريكي الصّهيوني

إنّ ما تعانيه الدول العربية –وبدرجات متفاوتة- أنّها طرحت “قوّة القيمة” لتمتثل غالبا لـ”قيمة القوّة”، التي يريد أهلها فرض الرّأي الواحد والنّموذج الحضاري الوحيد على الجميع. بمعنى، تكريس المعتقدات وأنماط السّلوك الغربي، وواحديّة القيم المتمثّلة في الرفاهيّة، أو اللذّة، أو السّعادة.

كان الشّاعر “بول فاليري” (1871-1945م) على حقّ حين قال: “… التاريخ أخطر محصول أنتجته كيمياء الفكر”. ومن هذا المحصول على سبيل المثال، “أنشودة رولاند” لشاعر مجهول، وقد ذاع صيتها ما بين القرن 12 إلى 14 الميلاديّين، إذ وصف فيها المسلمين بأنّهم: “… الشّعب الذي لا يُروى تعطّشه لسفك الدّماء، والذي لعنه ربُّ السّماء وأنّهم كفَرَة وفَجَرَة… وأنّهم عَبَدَةُ الأصنام… لا يستحقّون إلّا أن يُقتلوا وتُطرَح رِمَمُهم في الخلاء… إنّهم حزب الشيطان اللّؤماء ليس لهم إلا الموت شنقًا أو حرقًا، حلّ عليهم غضب الله فبطش بهم روحًا وجسدًا وكتب عليهم الخلود أبدًا في جهنم”.

هذه “الأنشودة”، هي حلقة من حلقات الصّراع بين عالمين مختلفين؛ غرب مسيحيّ، وشرق إسلاميّ، ومثّلت “الأنشودة” الجذر الأوّل للتصوّر الغربي للإسلام ومعتنقيه. وقد تجسّد محتوى “الأنشودة” في ممارسات الاستعمار المتمثّلة في جرائم الإبادة وضرب كلّ ما له صلة بالمرجعيّة طوال القرنين 19 و20 الميلاديّين، ومثال ذلك استعاضة التّشريع الإسلامي بالقانون الوضعي. وقد استمرّ هذا التمثّل تجاه الإسلام لدى الغرب بشطريه الأوربي والأمريكي، إذ يقول “توماس كايل” (1856-1915م) عضو الحزب الجمهوري الأمريكي: “… إنّ الإسلام يعدّ دينًا يطلب فيه اللهُ منك أن تُرسل ابنك ليموت من أجله، ولكن في الديانة المسيحيّة، فإنّ الله يُرسل ابنه ليموت من أجلك”.

إنّ جوهر هذا الخطاب، هو التخوّف من الإسلام ذاته، وليس من تعصّب المسلمين. ذلك ما أفصح عنه القسّ “صموئيل زويمر” (1867-1952م) حين خاطب المبشّرين، قائلا:”… إنّكم أعددتم شبابا في ديار المسلمين لا يعرف الصّلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام، ولم تُدخلوه في المسيحية، وذلك هو مغزى التّبشير”.

من هذا المنظور، تُصرّ أمريكا –والغرب عموما– منذ مدّة على تغيير مناهج التعليم في العالمين العربي والإسلامي، وتنفق أموالا من أجل إنجاح هذه المهمّة. وإذا كانت مسألة تطوير المناهج أمرا ضروريّا لكلّ المنظومات التربويّة في العالم قصد الانتقال بالفرد أو المجتمع من الواقع الذي هو عليه إلى الأفضل، ووفقا لمقتضيات العصر، ويكون التّطوير بوازع داخلي. إلا أنّ ما شهدته مناهج التعليم من تغيير في البلاد العربيّة والإسلاميّة، كان امتثالا لرغبة الآخر صاحب “قيمة القوّة”، الذي لا يريد التّطوير، بل التّغيير -وشتّان بين المصطلحين- الذي يُفضي إلى إعداد نشء يكون نسخة منه، يتكلّم بلغته ويفكّر بعقله، ويضمن نشأة جيل عربي مسلم في الهويّة، وغربيّ في الجوهر. وإذا كان ذلك دور المبشّر في الفترة الاستعمارية، فإنّ الغرب أناط هذا الدّور لأهل الدّار عبر المناهج الدراسيّة المستحدَثة.

قد يكون القيّمون على المنظومة التربوية في العالم العربي، سمعوا تعليق الرئيس الأمريكي “رونالد ريغان” (1981-1989م) بعد صدور التّقرير الأمريكي المشهور “أمّة في خطر” حين قال: “… لو أنّ هذه المناهج التي بين أيدينا فرضتها علينا أمّة من الأمم لاعتبرنا ذلك اعتداءً سافرا علينا”. إنّ قوله، هو عين الصّواب؛ كون المناهج تمثّل مسعى أيِّ أمّة لإعداد أجيال قادمة على أساس نظريّة الحياة التي يؤمنون بها، وذلك عبر التعليم الذي يقوم على ثلاثة عناصر أساسيّة، وهي الدّين والّلغة والتاريخ، أي ما يشكّل الهويّة الشخصيّة والدينيّة والتاريخيّة.

 لكن، وكالعادة، امتثلت معظم الدول العربيّة لـ”قيمة القوّة”، حتّى تنفي تهمة العنف عن نفسها، إذ تداعت إلى نسج مناهج تعليميّة على هوى أمريكا والكيان الصّهيوني اللذين رَأَيَا في المحتويات السّابقة عبارات ومبادئ تتنافى مع التسامح وقبول الآخر، في محور التاريخ والهويّة الوطنيّة، رغم أنّ عديد الباحثين ممّن قاموا بتحليل الفلسفة التربويّة السّائدة عموما في مناهج التعليم العربية وأهدافها العامّة، لم يجدوا ما يدعو إلى التطرّف بأيّ شكل من الأشكال، ولا الحثّ على الإرهاب إطلاقا.

إنّ أمريكا والكيان الصّهيوني، كذاك المثل، “ترى القذاة في عين أخيك، ولا ترى الخَشبَة في عينك” – وأوضحنا في مقالنا الأخير مناهج الكيان– كما أنّ الذّاكرة الجماعيّة التي تشكّلت عبر التاريخ الأمريكي خلال 3 قرون، مُثخَنَة بمشاهد العنف والدّماء سواء خلال الحرب الأهليّة (1861-1865م)، أو أثناء محاولة المستعمرين البيض الاستيلاء على مناطق تابعة للسكان الأصليّين في وسط أمريكا وغربها، ومع ذلك، لا مساس بالهويّة، فهي كالطائر يحلّق بجناحين هما الدّين؛ وهو في ثنايا معظم النّصوص الدراسيّة التي تشير إلى الكنيسة وانتشار المملكة المسيحيّة، والحروب الصليبيّة المقدّسة، والمعتقدات الدينيّة، والحياة في الأديرة..الخ. وفيما يتعلّق بتعزيز الهويّة الدينيّة، هناك نصوص تاريخيّة تتضمّن إشارات إيجابيّة للحملات التبشيريّة في نشر المسيحيّة، مع خرائط لمدى انتشارها ومقارنتها بالإسلام، كما تشير إلى بعض المواقع التي كانت إسلاميّة، وتحوّلت إلى المسيحيّة.

يأتي بعد الدّين، الّلغة؛ وقال بشأنها أحد أبرز مفكّري إسبانيا في القرن 20م الفيلسوف “ميجيـــل دي أونامونو” (1864-1936م) “… إنّ الّلغة، هي دم الرّوح، وأساس الجماعة”. ومعروف أنّ أمريكا في بداية ســـتّينيات القرن الماضي، لم تعد مجموعةّ قوميّة لها ثقافة وتاريخ مشـــترك، بل مجموعـــة أعـــراق وإثنيات وثقافـــات فرعيّة مختلفة، وقد انتشرت فيها فكرة التعدديّة الثقافية والتنوّع، ممّا أدّى إلى تفكيك الهويّة الأمريكية، ولم تجد أمريكا غير الّلغة عاملا للوحدة، ففي استطلاع أُجري العام 1986 اعتقد 81% من الرّأي العام الأمريكي، أنّ كلّ من يريد البقاء في هذا البلد، يجب أن يتعلمّ الانجليزيّة. وفي اســـتطلاع للـــرّأي العام الأمريكي العام 1990م، أجراه عدد من الأكاديميّين، خلُصوا إلى أنّ الانجليزيّة رمزٌ هامٌّ للهويّة القوميّة. ذلك ما ينسحب على بقيّة الأمم، ما عدا بعض الدّول التي تبنّت لغة المستعمِر، فرنسي أو بريطاني، لعدم اتفاقها على اعتماد لهجة معيّنة. أمّا الدول العربيّة، فهي زاهدة في الجناحين المذكورين، إذ راحت تمسك بتلابيب الّلغات الأجنبية، إنجليزية كانت أو فرنسيّة، تحت مسمّى “الانفتاح”، إضافة إلى ذلك دعاوى، استعاضة الفصحى بالّلهجات العاميّة.

 سياق تغيير المناهج في العالم العربي

بعد انتهاء الحرب الباردة، لم يعد الصّراع على الأيديولوجيّات، بل على الثقافات والأديان، وبخاصّة القويّة منها، مثل الإسلام، وهو ما ينضح به كتاب “صدام الحضارات” لــ”صاموئيل هنتنغتون” (1927-2008م) الذي جاء فيه بخصوص الإسلام، أنّ “حدوده دمويّة وكذا مناطقه الداخلية”. وقد انطلقت شرارةُ هذا الصّراع مع أحداث 11/09/2001م. في هذا الإطار، جاء ما يسمّى مشروع “مبادرة الشّراكة بين أمريكا والشّرق الأوسط، وذلك بتاريخ 12/ 12/ 2002 م، والذي يتمثّل في:

– إنشاء مدارس أمريكية في مختلف البلدان العربية لمختلف المراحل التعليمية، وتؤهل مرتاديها الالتحاق بالجامعات الأمريكية.

– تقديم الدّعم المالي خاصّة للدول التي هي في حاجة إلى ذلك مثل مصر والأردن.

– إدارة المدارس من قبل خبراء وأكاديميّين أمريكيّين، مع بعض خبراء التعليم في الدول العربيّة.

أمّا أهدافه التعليميّة كما جاء في المشروع، فهي:

– ضمان فرص عمل لخرّيجي هذه المدارس والجامعات الأمريكيّة برواتب مغريّة.

– تلقّي تعليم متميّز، ولا بدّ أن يدخل مرتادوها في دائرة الضّوء والمناصب السياسيّة في بلادهم، وبذلك سنضمن ارتباطهم العاطفي،وترتيب أفكارهم مع الولايات المتحدة الأمريكية، وسيمثّلون في المستقبل دعامات أساسيّة لتأييد السياسات الأمريكيّة، وتلافي خطر الإرهاب ونتائجه.

بخصوص، تحديد مراحل تنفيذ المشروع، فهي وفق الآتي:

– البدء في طرح المشروع مع بداية العام 2003م.

– استمرار خطوات التّنفيذ والإعداد والإنشاء حتى العام 2005م، ويتضمّن ذلك أيضاً البدء في الإعداد للدراسات التكوينيّة، والبرامج المشتركة، والتّأهيل مع حكومات دول المنطقة.

– بدء الدراسات الفعليّة العام 2005م.

وفي العام 2003م، صرّحت “ألينا رومانوسكي” المسئولة عن مبادرة المشاركة والديمقراطية الأمريكيّة، قائلة: “… إنّ المنطقة والأجيال المقبلة ليست في حاجة إلى مزيد من العنف… وأنّ الولايات المتحدة ستساعد دول المنطقة على تغيير كل ما يدعو إلي تعميق الحقد والكراهية في المناهج التعليمية… وأنّها تسعي إلى تغييرها بما يؤدّي إلي تكريس التّسامح والإخاء بين شعوبها”.

في العام 2003م، صرّحت “ألينا رومانوسكي” المسئولة عن مبادرة المشاركة والديمقراطية الأمريكيّة، قائلة: “… إنّ المنطقة والأجيال المقبلة ليست في حاجة إلى مزيد من العنف… وأنّ الولايات المتحدة ستساعد دول المنطقة على تغيير كل ما يدعو إلي تعميق الحقد والكراهية في المناهج التعليمية… وأنّها تسعي إلى تغييرها بما يؤدّي إلي تكريس التّسامح والإخاء بين شعوبها”.

 إضافة إلى ذلك، هناك “معهد مراقبة السّلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي” ( IMPACT-SE ) وهي منظّمة إسرائيلية تقوم بمراقبة محتوى الكتب المدرسية، وتحديدا كيفيّة تعليمهم فيما يتعلّق بالدين والمجتمعات والثقافات والقيم الديمقراطية و”الآخر”؛ إذ ترى المنظّمة أنّ تعديلات الكتب المدرسيّة “… هي علامة مشجّعة على أنّ التقدّم قد يشمل المواقف تجاه “إسرائيل” والصهيونية”. من جهة أخرى، ادّعت أمريكا وجود العديد من المواد المُثيرة لقلق أمنهم القومي في المناهج التعليمية السعودية، تُحرِّض على قتل وتدمير غير المسلمين، ومُعاداة السامية.

هذه المنظّمة، قامت بمراقبة الكتب المدرسيّة السعوديّة منذ أوائل الـعام 2000، وفحصت التّغييرات التي تمّ إجراؤها على أكثر من 80 كتابًا مدرسيًّا من المناهج الدراسية خلال العام 2022-2023م. والشيء نفسه ينطبق على مصر والأردن والإمارات والبحرين.. الخ. ومن بين المحذوفات في المناهج السابقة. نذكر:

– حذف مصطلحَي “الكيان الصهيوني” و”الصهيونية” واستُبدلا بمصطلح “إسرائيل”.

– حذف جميع الأمثلة تقريباً التي كانت تنقل قصصاً تاريخيّة عن اليهود بطريقة سلبية.

– حذف دروس غزوات الرسول صلى الله عليه وسلّم ضدّ اليهود، آيات الجهاد وأحاديثه. وتمّ تغيير اسم مادّة التربية الإسلاميّة إلى الثقافة الإسلاميّة.

– حذف الآيات الخاصّة بالجهاد، ومنها مثلا؛ حذفت آي : “وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ(الأنفال: 60).

– حذف الدروس الخاصّة بالقادة العسكريّين من الصحابة مثل خالد بن الوليد، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن الزبير.. الخ، ودرس صلاح الدين الأيوبي، وعقبة بن نافع.

– حذف كلمة “عدوّ” وإدراج ” الهولوكوست”  في المناهج.

بالنسبة لـــ”إيلي بوده”، أستاذ في قسم الدراسات الإسلامية والشّرق أوسطيّة في الجامعة العبرية، الذي درس النظم التعليمية على نطاق واسع في المنطقة، فقد علّق على التغييرات قائلا: “… إنّها جزءٌ من عمليّة طويلة جدّا نحو الاعتدال… هذه ليست مصادفة، إنّها نوعٌ من السياسة من أعلى، وأعتقد أنّه إذا جمعت بين الاتّجاهين، محاربة التطرّف والآخر، أن تصبح “إسرائيل” أكثر قبولًا بشكل تدريجيّ كلاعب في الشّرق الأوسط، ويمكنك حينها أن تفهم سبب رؤيتنا لهذه التّغييرات في نظام التعليم”.

بالنسبة لـــ”إيلي بوده”، أستاذٌ في الجامعة العبرية، فإنّ هذه التغييرات في المناهج التعليمية لبعض الدول العربية: “… جزءٌ من عمليّة طويلة جدّا نحو الاعتدال… هذه ليست مصادفة، إنّها نوعٌ من السياسة من أعلى، وأعتقد أنّه إذا جمعت بين الاتّجاهين، محاربة التطرّف والآخر، أن تصبح “إسرائيل” أكثر قبولًا بشكل تدريجيّ كلاعب في الشّرق الأوسط، ويمكنك حينها أن تفهم سبب رؤيتنا لهذه التّغييرات في نظام التعليم”.

 مجمل القول، إنًّ من أهمّ أهداف التّعليم، هو الإعداد للمواطنة والحفاظ على الهويّة الوطنيّة بكلّ مقوّماتها. لكنّ الغرب يدعو الدول العربية إلى الزّهد في تلك المقوّمات عبر تغيير المناهج، مُدّعيا إشاعة التسامح والاعتراف بخصوصيّة الآخر واحترامه. وإذا اعتبرنا ذلك مثاقفة، فإنّ هذه الأخيرة تقتضي في الأصل، الأخذ والعطاء. بيد أنّ الغرب تاريخيّا، ظلّ يتثاقف مع الشّرق الإسلامي مثاقفة استلابيّة، إذ أخذت شكلا واحدا، هو الإخضاع من طرف والقبول بالخضوع والتلذُّذ به من الطرف الآخر منذ ما يسمّى الصّدمة الحضاريّة في القرن 19م. وهنا، ينبغي التّنبيه إلى أنّه من بين محاذير الانفتاح على ثقافة الآخر، هو تحوّل المقارنة بين ثقافة “الأنا” وثقافة “الآخر” إلى مفاضلة، إذ يتمّ الرّبط بين التطوّر المادّي، وقيم الهويّة والتطوّر الثقافي، ويمكن أن تُحوَّلَ المثاقفة إلى ازدواجيّة ثقافيّة تُمهّد لهيمنة ثقافة الآخر وإزالة الثقافة الوطنية تحت مبرّر التطوّر.

أخيرا، كان الأحرى بالدول العربيّة، أنّها هي من تطالب أمريكا بتغيير مناهجها وتضغط على حليفها الكيان الصهيوني لتغيير مناهجه، فكلاهما تفوح كتبُهما المدرسيّة بالكراهيّة والحقد والعنصريّة لكلّ ما هو عربيّ ومسلم، ومن منطلق دينيّ خالص وبَيّنٍ، وهي التي تقوم بالمحرقة في غزّة عبر أداتها الكيان. لكنّ الدول العربية عموما، والمطبّعة بخاصّة، ألِفَتْ الامتثال إلى “قيمة القوّة”، فحذفت من المناهج ما لا يروق لأمريكا والكيان، واستعاضتها بما يحسّن صورة الكيان الغاصب لأرض فلسطين في أذهان وذاكرة  الأجيال الصاعدة.

كان الأحرى بالدول العربيّة، أنّها هي من تطالب أمريكا بتغيير مناهجها وتضغط على حليفها الكيان الصهيوني لتغيير مناهجه، فكلاهما تفوح كتبُهما المدرسيّة بالكراهيّة والحقد والعنصريّة لكلّ ما هو عربيّ ومسلم، ومن منطلق دينيّ خالص وبَيّنٍ، وهي التي تقوم بالمحرقة في غزّة عبر أداتها الكيان. لكنّ الدول العربية عموما، والمطبّعة بخاصّة، ألِفَتْ الامتثال إلى “قيمة القوّة”، فحذفت من المناهج ما لا يروق لأمريكا والكيان، واستعاضتها بما يحسّن صورة الكيان الغاصب لأرض فلسطين في أذهان وذاكرة  الأجيال الصاعدة.

وبالمختصر المفيد، إعدادًا لذهنيّة عربيّة تتماشى مع الهوى “الأمريكي- الصهيوني، وإفراغها من روحها الثقافية والحضاريّة، وإن كانت أمريكا وحليفها الكيان، لا يعرفان قول أبي الأسود الدُؤلي:

لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثلَهُ    عارٌ عليك إن فعلتَ عظيمُ

ولا شكّ، أنّ من تداعوا إلى التغيير تعلّموا ذلك في كتبهم المدرسيّة. لكن، ما دام الدّاعي إلى التّغيير ليس في أدبيّاته الأخلاقية كلمة “عار”، فلماذا لا نحذو حذوه، ونتجاوزه نحن، ونَعُدُّ ذلك “مثاقفة” تضمن لنا الفردوس الدنيويّ، ونترك شأن الهويّة، للمتعصّبين الذين لم يفهموا بعد “روح العصر”؟.

للمقال مراجع

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!