الرأي

تقدّم باهر.. يا بلعابد!

رشيد ولد بوسيافة
  • 3709
  • 14

تصريحات غريبة أطلقها وزير التّربية الوطنية الثلاثاء على هامش تكريم المتفوّقين الأوائل في شهادة البكالوريا، حين أشاد بما وصفه “التّقدم الباهر” الذي سجّلته نتائج شهادة البكالوريا، لاسيما في الظّرف الذي أحدثته جائحة كورونا، وزاد الوزير على ذلك، بأن نسبة النّجاح المسجّلة هذا العام لم تسجّل حتى في الأوقات العادية.

لا ندري هل نضحك أم نبكي أمام هذا التصريحات، وأمام المآل الذي آلت إليه المدرسة الجزائرية في ظل إجماع المختصين على تراجع المستوى، وهو وضع تؤكّده التّصنيفات الدّولية التي تضع الجزائر ضمن المراتب الأخيرة في جودة التّعليم.

الوزير اتخذ قرارا مثيرا للجدل، باعتماد الإنقاذ في شهادة البكالوريا، ما رفع نسبة النّجاح إلى 61.17 بالمائة، ثم اعتبر هذه النتيجة إنجازا تاريخيا وأشاد به. وليته أخبرنا بنسبة النّجاح الحقيقية، أي نسبة الذين حصلوا على البكالوريا بمعدل يساوي أو يفوق 10، حينها يمكن اعتبار النسبة إنجازا.

يجب أن نعترف أنّ المرونة المبالغ فيها في التّعامل مع شهادة البكالوريا، تدفع بالآلاف من النّاجحين في البكالوريا من ذوي المستوى المتواضع إلى الجامعة ليزيدوها بؤسا على بؤسها، وسيجد هؤلاء تدابير أكثر مرونة تمكّنهم من الانتقال بسلاسة من مستوى إلى آخر، والحصول على شهادات اللّيسانس والماستر وحتى الدّكتوراه دون أن يخضعوا لتقييم صارم.

على الوزير أن يقلق من الوضع الذي آلت إليه المدرسة، وأن يفكّر في حلول عاجلة للتردّي المتواصل، وأن يُدرك أنّ النّجاح الحقيقي هو النّهوض بمستوى التّلاميذ والأساتذة، وليس تمكين مئات الآلاف من الحصول على البكالوريا، وعليه أن يتحرك لإنهاء بعض الممارسات التي لا علاقة لها بالعلم، مثل منح العلامة الكاملة لكلّ المترشحين في مادة الرياضة البدنية، أو تضخيم العلامات الممنوحة في باقي المواد، وعلى سبيل المثال، ما حدث في شعبة الرياضيات التي حققت فيها بعض الثّانويات نسبة نجاح تُقارب 100 بالمائة، وبمعدّلات تفوق 18 من 20!!

هذه السلوكيات تحدث كذلك في الجامعات التي تتنافس على منح علامات مضخّمة لطلبة الماستر لدرجة أنّ الذي يحصل على علامة أقل من 16 يحتج لدى الإدارة، بل إنّ إحدى الجامعات منحت العلامة الكاملة “20 من 20” في مذكرة ماستر، وهو أمر غريب جدا، خاصّة في العلوم الإنسانية.

عندما يتمّ وقف ظاهرة تضخيم العلامات، وعلاج الاختلالات في البرامج المدرسية، وعلى مستوى العنصر البشري باعتماد برامج تكوينية للأساتذة الجدد… بعدها يمكن الحديث عن النّتائج الباهرة. أما بكالوريا هذا العام فهي “بكالوريا أزمة” بسبب الوضع الصحي في البلاد، ولا يمكن بحال اعتبار أسلوب الإنقاذ إنجازا تتم الإشادة به.

مقالات ذات صلة