-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد تمزيق الكراريس.. مشاهد صادمة لتوديع نهاية السنة المدرسية

تلاميذ يعلقون مآزرهم بالأشجار ويعبثون بأوراق الامتحان

نادية سليماني
  • 3265
  • 0
تلاميذ يعلقون مآزرهم بالأشجار ويعبثون بأوراق الامتحان
ح.م

في أثناء الامتحانات يُدوّنون جُملا غريبة وأحيانا غير أخلاقيّة في أوراق الإجابات، وبعد نهاية الدراسة قطعوا كراريسهم وعلّقوا مآزرهم على الأشجار وقذفوا مُعلميم بالبيض والفرينة..! وماذا بقي لهم ليفعلوه؟ حيث باتت تصرفات العديد من التلاميذ تثير الاستياء والسّخط في المجتمع، وتتطلب تفسيرا من المختصين لمواجهة هذه الآفة الدخيلة على المنظومة التربوية في الجزائر، التي طالما تميزت بالانضباط والاحترام المتبادل بين الأساتذة والتلاميذ..
تعوّدنا ومنذ سنوات على منظر الكراريس المُمزّقة والمتناثرة في الشّوارع، بمجرد انتهاء السنة الدراسية، ولكن السلوك تطوّر وصار أسوأ سنة بعد أخرى، حيث بات التلميذ يقذف مُعلمه بحبّات البيض والفرينة، ويرمي مئزره فوق الأشجار وأسلاك الكهرباء..! وقبلها يُدون هذا التلميذ عبارات غير أخلاقية وغريبة في أوراق إجابة الامتحانات.

إجابات غريبة على أوراق الامتحانات
ونشر العديد من الأساتذة، أوراق امتحانات لتلاميذ الطورين المتوسط والثانوي عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحمل عبارات، بعيدة كلي، عن الإجابات المطلوبة.. منها تلميذ، يوجه تحيّاته إلى زملائه في قسم معين، وورقة أخرى كتب صاحبها العبارة الشهيرة بالمسلسل الرمضاني الأخير “باصي باصي.. وهذا التمرين جامي شفتو في كرّاسي”.
وفي إحدى الأوراق يُقسم صاحبها بأنه لم يأخذ هذا الدرس طيلة السنة الدراسية، ومنهم من تحدّث عن منحة البطالة، ورياض محرز، أو كتب كلمات أغنية راي.. وغيرها كثير من الجُمل الغريبة.

رمي المآزر فوق الأشجار والأعمدة الكهربائية
وعندما نشر الأساتذة المُصحّحون هذه العينة من أوراق الإجابات، انقسمت آراء المواطنين بين مُنتقد وغير مبال، فالغالبية انتقدت هذه السلوكات، محملة الأسرة المسؤولية الأولى في تربية أبنائها، في ظلّ الضغط على أساتذة المدارس، وآخرون قالوا بأن الأستاذ تفرّغ للدروس الخصوصية ونسي تلقين تلاميذه التربية والتعليم السليمين…
وبعد ظاهرة تمزيق الكراريس، عند نهاية الامتحانات أو السنة الدراسية، بات التلاميذ اليوم يتربصون بمعلميهم عند أبواب المؤسسات التعليمية لقذفهم بالبيض والفرينة، وآخرون يرمون مآزرهم فوق الأشجار والأسلاك الكهربائية، في منظر مُشوه للبيئة.

على الأساتذة تحسين علاقتهم بالتلاميذ
وقال عُضو الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ، عز الدين زرّوق، بأن بعض التلاميذ يعانون نوعا من الكبت تجاه أساتذتهم واتجاه ضغط الدروس طيلة الموسم الدراسي، فيجدون في عطلة نهاية السنة متنفسا لإفراغ هذه الشحنة “السلبية”، سواء في ورقة الامتحان أم باللجوء لتصرفات قد تكون مؤذية.
واعتبر زرّوق، ظاهرة نشر أوراق إجابات التلاميذ على “فيسبوك” من قبل أساتذة “يساهم في الترويج لهذه الظاهرة السيئة، وهو ما يؤثرا سلبا على الأستاذ مستقبلا”.
ومن الحلول التي اقترح محدثنا، لمعالجة هذه الظواهر “المتفاقمة”، حسن معاملة الأساتذة لتلاميذهم طيلة السنة الدراسية، وعدم تهميشهم وازدرائهم والعدل بينهم، بينما ناشد العائلات، بغرس قيمة الأستاذ والمدرسة والعلم ككل في نفوس التلاميذ، وعدم التحدث بالسوء وازدراء الأستاذ وكامل الطاقم التربوي أمام الطفل، وقال: “من علمني حرفا صرت له عبدا.. هي عبارة علينا غرسها في عقول أطفالنا”.

تلاميذ يتوقون إلى التحرر من ضغط التمدرس
وبدوره اعتبر الخبير التربوي، محمد ساهل لـ ” الشروق “، أن تمزيق الكراريس عند نهاية كل موسم دراسي “ظاهرة قديمة، ومعروفة حتى في أيام الاستعمار الفرنسي، التلاميذ يقلدونها اليوم وبكل براءة”، معتبرا أنها ظاهرة ينبغي دراستها من الناحية النفسية والتربوية والاجتماعية والثقافية.
وقال محدثنا: تمزيق الكراسات المدرسية في آخر السنة الدراسية “سلوك من قلة التلاميذ، وأنا أفسره بمشقة عملية التعلم بالنسبة إلى فئة من المتمدرسين الذين لا يملكون القدرات الكافية على الاستيعاب والتحصيل العلمي”. وهذا الصنف من التلاميذ، بحسبه، يتوقون إلى نهاية السنة “للتحرر والانعتاق من الواجب، فيعبرون عن فرحتهم برمي وتمزيق الكراريس والكتب المدرسية، لأنها تعتبر في نظرهم، حاملة لكل مشاعر الإرهاق والمشقة وحتى الخيبة والفشل”. ويدعو ساهل إلى طرح بدائل ملائمة على التلميذ نهاية العام، مثل تنظيم حفل بهيج أو رحلات مدرسية، تنظيم نشاطات مثل معرض للكراسات المدرسية الجميلة والكتب، وتبادل الرسوم..
بينما وصف المختص الاجتماعي، رياض بن وادن، ظاهرة تمزيق الكراريس، بـ “السلوك غير الواعي، الذي يقوم به تلاميذ لا يقدرون على العلم ولا يرغبون في التعلم”. ومن تفسيراته لهذا السلوك، هو الملل من ثقل المحفظات، والتعب من روتين التعلم وصعوبة المواد، والملل أيضا من اختبارات الحفظ والابتعاد عن التّحليل والنقاش، “فيشعر التلاميذ أنهم في السجون”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!