الرأي

تمثيل الحراك.. “حصان طروادة” العصابة؟

حسان زهار
  • 1565
  • 10
ح.م

يدور الحراك اليوم، وبعد مرور عشرة أشهر كاملة، في نفس الدائرة المفرغة.. ونفس السؤال الأبدي الذي لا إجابة له .. من يحاور من، ومن يمثل من؟

هل تحاور السلطة الفعلية ممثلي الحراك الأصيل.. الذي كان في الجمعات الأولى.. بمسحته الوطنية الجامعة، والذي أسقط الخامسة وأدخل العصابة إلى السجن؟

أم تحاور ممثلي الحراك الدخيل.. الذي ظهر بعد الجمعة السابعة والثامنة، والذي ظهر بمسحة جهوية ورفع رايات غير الوطنية، وخون المؤسسة العسكرية، وراهن على تكسير صناديق الانتخابات؟

وهل يحاور الحراك الذي لم يفصل بعد في هويته.. إن كان حراكا أصيلا أم دخيلا، ولم يفصل في ممثليه، إن كانوا خراج السجون أم داخلها ؟ هل يحاور السلطة ممثلة في الرئيس المنتخب دون أن يعترف به؟ أم يواصل الإنكار والرفض واعتبار السلطة القائمة كلها سلطة غير شرعية ويواصل الرهان على العدمية والحلول الانتحارية؟.

هذه الأسئلة، ليس من المتوقع أن يجد لها ما تبقى من الحراك أجوبة لها سريعا، فالمطالب المرفوعة الآن، ليست واضحة بالمطلق، ومثلما كانت الإجابات الضبابية في الماضي (يتنحاو قاع ومن بعد ساهل) ! صارت الإجابات الآن (أطلقوا سراح المعتقلين ومن بعد ساهل)! دون اعتبار لوجود قضايا ضد بعضهم، ودون اعتبار لوجود عدالة أصلا.

بمعنى.. أننا قد ندخل نفس الدائرة المفرغة القديمة، والتي أفشلت طوال عشرة أشهر من الحراك، أي محاولة لإيجاد ممثلين حقيقيين له، سواء الحراك الأصيل منه أو الدخيل، وذلك عبر فرض اشتراطات قد تكون غير معقولة، تريد فرض مساجين الراية غير الوطنية، والمساجين الذين هددوا سلطة الجيش ومسوا بمعنويات الجيش ممثلين للحراك، الأمر الذي قد يهدد مجمل عملية التحاور الموعودة.. وقد يؤدي إلى فشلها بالكامل.

محاولة فرض مساجين الراية والمناوئين لسلطة الجيش في العملية التحاورية، مغامرة لا ينبغي أن يقع فيها الحراك، الذي يحق له المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين كبادرة حسن نية، لكن العمل على فرضهم كمحاورين للسلطة التي اعتقلتهم، في ظل وجود شخصيات كثيرة أخرى موجودة حاليا بالشارع، يمكنها أن تقوم بذلك، هو تعقيد للعملية، وتهديد لها.

الأخطر من ذلك، أن بعض رؤوس الفتنة، ممن صدرت في حقهم أحكام غيابية وهم في حالة فرار بالخارج، يطرحون أنفسهم حاليا كممثلين للحراك، وهناك شخصيات ظلت منبوذة طويلا داخل الحراك الأصيل، ولم تكن بمقدورها السير فيه، صارت اليوم أيقونات تتحرك بحرية داخل الحراك الدخيل، وتقدم نفسها على أنها ممثلة للحراك.

بالمحصلة، الخشية اليوم، أن تتمكن العصابة من السطو على الحراك، فتحقق من خلال الحراك، ما عجزت عن تحقيقه من خلال الانتخابات الرئاسية، وأن يكون ممثلو الحراك هم أنفسهم ممثلي العصابة، والتي من خلالهم يمكنها أن تتفاوض ليس فقط على إطلاق سراح رموز العصابة المسجونين، وإنما على المحافظة على امتيازاتها القديمة في المنظومة كلها، وعلى تقاسم الحكم!.

لذلك نقول، إن المرحلة المقبلة، لا تقل حساسية عن المرحلة السابقة، صحيح أن الخطر الوجودي قد تراجع كثيرا بعد انتخاب رئيس للجمهورية، لكن المناورات التي تمتلكها العصابة، وبعض أذناب الدولة العميقة، وأصحاب الأطماع التفتيتية، والرؤى الانتقامية، ستبقى عالية، وهامش التحرك لديها واسعا، وهي تستغل ذلك بدهاء ومكر.

المعركة القادمة هي إذن واضحة المعالم، من ينتصر في معركة تمثيل الحراك سيحافظ على مصالحه ومصالح مشغليه.. لذلك بدأنا نسمع أصواتا تتحدث من منطلق الاستحواذ بغرض “احتكار الحراك”، وتقول صراحة، إن الذين انسحبوا من الحراك لا يحق لهم التحدث باسمه، في إشارة واضحة إلى أن الحراك “الدخيل” يخطط لإقصاء “الأصيل”، والتحكم في مخرجات حوار يراد منه تعويض خسائر الطرف المنهزم.

تمثيل الحراك هو “حصان طروادة” الذي سوف يركبه البعض.. وعلى الشرفاء أن يتنبهوا للخديعة من الآن.

مقالات ذات صلة