-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تونس أمام امتحان التعايش

تونس أمام امتحان التعايش

التقدم الواضح لحزب نداء تونس ذي الخلفية العلمانية في الانتخابات التشريعية التونسية يعطي مؤشرا قويا على بداية انحصار التيار الإسلامي الذي وجد نفسه في واجهة الأحداث جراء ما يعرف بثورات الربيع العربي، وما أعقب ذلك من ظهور جماعات إسلامية متطرفة انزلقت إلى بدعة التكفير واعتمدت إيديولوجية شمولية تتناقض تماما مع فكرة الديمقراطية.

لكن مع ذلك تبقى إمكانية التعايش بين الإسلاميين والعلمانيين قائمة في تونس في ظل التقارب في النتائج بين حركة النهضة وحزب القايد السبسي، وذلك متوقف على هذا الأخير، الذي أصبح بإمكانه تشكيل الحكومة طبقا للدستور التونسي الذي يعطي له هذا الحق.

ففي زمن الثورات المضادة المدعومة من قبل أنظمة الخليج والنظام المصري الجديد، باتت حركة النهضة في فم المدفع، ولولا سياسة الليونة التي انتهجتها في التعامل مع الاحتجاجات التي قامت ضدها في أعقاب عدد من الاغتيالات السياسية، لحدث معها ما حدث للإخوان في مصر، ولعل الموقع السياسي الجديد بكونها ثاني أكبر حزب في البرلمان الجديد، يصب في صالحها إلى حد بعيد.

قد يكون من السابق لأوانه توقع ما يحدث بخصوص التحالفات السياسية، خصوصا في ظل التقارب في النتائج بين الحزبين الرئيسيين، لكن التجربة الماضية أثبتت أن التعايش بين فرقاء الإيديولوجيا في تونس أمر ممكن الحدوث، كما أن التعايش لا يقتضي بالضرورة وجود تحالف بين النّهضة ونداء تونس، طالما أن التعايش أوسع مع المشاركة في الحكومة.

لقد أثبتت حركة النهضة استعدادها لإشراك غيرها في العملية السياسية، وتصرفت بذكاء كبير في احتواء التيارات غير الإسلامية، ووصل بها الأمر إلى التنازل عن الحكومة للحفاظ على استقرار البلاد. فهل سيكون العلمانيون في هذا المستوى من العمل السياسي الواعي بالمخاطر التي تهدد الوطن؟ أم أنهم سيدخلون في ترتيبات إقليمية لاستئصال الإسلاميين تبعا لما يحدث في مصر وليبيا وبعض مشيخات الخليج؟ ومن الواضح أن تونس ستكون محط اهتمام محركي الثورات المضادة في العالم العربي، والذين أشعلوها في مصر واليمن وليبيا ولن يتوقفوا عن محاولاتهم في تونس.

 

إن الوجه المشرف الذي أعطته الجاره تونس إلى الآن يقتضي تأكيده خلال الأشهر المقبلة بترسيخ التعاون بين الإسلاميين والعلمانيين، طالما أنه يمكن العمل جنبا إلى جنب لتحقيق التنمية، بدل الدخول في معارك إيديولوجية تعمق الهوة بين التيارين. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • الربيع العربي

    الثورة المضادة تنتصر في تونس عن طريق صناديق الاقتراع و هذا عكس ما حدث في باقي دول الربيع العربي عندما انتصرت بالانقلابات بدليل ان رواد الثورة امثال المرزوقي و الغنوشي و غيرهم لا يستطعون تشكيل حكومة و ستلجاء حكومة نداء تونس الى سن قوانين تلغي الاحزاب الثورية علمانية كانت ام اسلامية

  • مواطن عربي

    إخوان مصر خرج عليهم السيسي ، وإخوان تونس خرج عليهم السبسي وإخواننا قد يخرج عليهم السبتي -نسبة الي السبتة...يعني المحزمة ويعني السنتورة ...الفرس لها الفارس والدولة لها رجال دولة ...هكذا قالوا ...

  • سامي

    حركة النهقة الحربائية اكبر دليل على نفاق وازدواجية الخطاب لدى الحركات الاسلاماوية فنظرة خاطفة على كتب عرابيها واكبرهم الذي علمهم السحر المدعو راشد لايعترف بالديمقراطية والعلمانية ولا يعترف بالحريات العامة التي ضمنها ميثاق حقوق الانسان العالمي في حين انه في لقاءته الصحفية يدعو للديمقراطية. اذن باعتقادي انه لا تعايش مع الحركات الظلامية

  • Chabi

    Go to Hell Nahdha! Long live Tunisia free and secular!