ثقل المحافظ المدرسية يقوّس ظهر نصف مليون تلميذ

يتكرر مع كل سنة دراسية مشكل المحافظ الثقيلة بالنسبة للمتمدرسين الذين يواجهون مهمة صباحية ومسائية في رفع الأثقال على ظهور نحيلة لم يكتمل نموّها، ما تسبب لهم في أخطار صحية أهمها تقوّس أو انحراف الظهر، يتحمّل الآباء أوزارها في رحلة بحث شاقة عن العلاج وكذا مرافقة يومية لحمل المحافظ، ما دفع الأطباء إلى التحذير من المضاعفات الخطيرة لثقل المحافظ التي تحوّلت إلى مشكل صحة عمومية..

ويعاني أكثر من 5 من المائة من تلاميذ المدارس الممثلين لنحو 9 ملايين طفل يزاولون الدراسة من مشاكل تقوّس الظهر أو انحراف العمود الفقري، بما يقارب نصف مليون تلميذ حسب ما أكّده البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية البحث والصحة “فورام”.

وأرجع المختص أهم الأسباب التي تقف وراء هذا المشكل الصحي الذي أصبح عبئا على الأولياء كما على السلطات الصحية في الجزائر، إلى ثقل المحفظة على التلاميذ الذين يحملون يوميا أوزانا تفوق تحمّل أجسادهم النحيلة وكذا إلى طريقة الجلوس الخاطئة لأغلبيتهم، لاسيما في السنوات الأولى من الدراسة “5 إلى 6 سنوات”.

ودعا البروفيسور خياطي إلى ضرورة تكوين المعلمين والأساتذة في مجال تلقين الأطفال طريقة الجلوس السليمة والجيدة.

وحذّر رئيس “الفورام” من مضاعفات وعواقب مشكل تقوّس الظهر والتي أوجزها في مشاكل الرئة والتنفس بالأخص وكذا مشاكل القلب، وهي أعراض تظهر جليا خلال فترة البلوغ، بما يجعل علاجها شبه مستحيل لذا يجب على الأولياء عدم الاستهانة بهذه الأعراض والمسارعة إلى علاجها في حينها.

وأضاف خياطي أن وزن المحفظة حاليا في المستوى الابتدائي يناهز 10 كغ، موضحا أن وزن المحفظة يتبع وزن التلميذ وقامته والتقوس الذي يتعرض له التلاميذ على مستوى العمود الفقري يكون ناجما عن هذا الأمر.

بتقدير خياطي فإن وزن محفظة التلميذ في عمر 6 سنوات يقتضي ألاّ يزيد عن 3 كغ، مع إضافة 1 كغ كل عام مع مراعاة المســافة بين البيت والمدرسة التي لا تزيد عن 500 م، أمّا أكثر من هذا فيجب تخفيفها قدر المستطاع.

وفي مبادرة من بعض المعلمين والأساتذة يتم الاحتفاظ بالمحفظة داخل القسم خلال استراحة الغذاء، غير أن هذا يسبب حملا إضافيا، حيث يضطر التلاميذ لجلب المواد الصباحية والمسائية دفعة واحدة.

واقترح بعض المختصين والمتابعين للشأن التربوي تخفيف المحفظة قدر المستطاع باعتماد تقنيات التدريس الرقمي الذي يجعل التلميذ يواكب التكنولوجيا ويخفف أحماله.

وتساءل البروفيسور خياطي عن سبب تغييب المصالح الصحية لتخصص مستقل يعالج مشكل التقوس، حيث توكل المهمة في الوقت الراهن لجراحي الأطفال بينما الأصل في الأمر أن توكل المهمة لتخصص جراحة العمود الفقري وهو ما لا تمتلكه الجزائر حاليا نظرا لغياب سياسة الدراسات الاستشرافية التي تحدّد حاجيات المجتمع ومشاكله الصحية وكذا الأمراض الجديدة التي تظهر به وهي كلها أمور غير موجودة على مستوى وزارة الصحة والسكان.

وعلى صعيد مواز ألحّ البروفيسور على ضرورة الاهتمام أكثر بالتربية الصّحية في بلادنا خاصة وأن قانون الصحة الجديد المصادق عليه في عام 2018 أفرد بابا واسعا للتربية الصحية لكن لم يتبعها بمواد تفصيلية وقوانين تنظيمية وهو ما ينتظره المختصون من أجل تفعيل القانون بشكل أكبر.