-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حديث الدوارة

عمار يزلي
  • 1230
  • 0
حديث الدوارة

كما كنت أروي لكم قصة الأمس، رحت أقول لزوجتي: “سيدي الشحمي؟ يااااك؟ أأأأأنا مجنون أنا؟ من المجنون؟ أأأأأنا؟ أم أأأنت؟” وعندها، تداركت الأمر وذهبت مباشرة إلى الضمادة اللاصقة، التي تعوّدت على وضعها على فمي حتى لا أخرج منها عيارات غضبي التي قد تشعل حربا أهلية وسط البيت أو خارجه على حدودي من كل جهة.

كممت فمي ورحت أنام قليلا لأسكت نار الغضب في قلبي، لكن النسيان ابن الكلب: عوض أن أضعها على فمي، وضعتها على أذني، هل رأيتم واحدا ينسى ويتلف فمه؟ ويختلط عليه موقع الفم والأذنين؟!

في الواقع، كنت ما بين ناري زوجتي: أغلق أذني لكي لا أسمع هراءها أم أغلق فمي لكي لا أرد على نهيقها، فوجدت نفسي أغلق أذني لكي لا أسمعها.. معتقدا أني أغلقت فمي، فنمت ولم أنبس ببنت شفة معتقدا أن فمي مغلق..  مزكرم“..

هذا، ما كلفني على أي حال أن أفقت بعد المغرب بساعة، لأني لم أسمع لا آذان ولارافاي“!

بعدما جاءني الأصغر من أبنائي ينسنس عني (لم يسأل عني غيره، فقد تعودت أن أغلق الباب بالمزلاج داخليا وأعطيت منذ أول يوم من رمضان أمرا بألا يوقظني أحد إلا إذا أيقظت نفسي بنفسي، وهذا من خلال المنبه المحلي الصنع الذي اجتهدت في إبداعه كسلا مني وبحثا عن نوم طويل الأمد، لكي أصوم به رمضان نائما، حدثتكم عنه في الحلقات الأولى). لا أحد عرف أني قد تغيرت أيضا من هذا الجانب: فقد قمت بتدمير منشآتيالنومويةومفاعلاتها، ونزعت المزلاج، انفتاحا مني على الخارج، حتى يتمكن أي كان من فتح الباب من الخارج دون أن أضطر لأن أفتحه لوحدي من الداخل، لكن لا أحد علم بهذه الإجراءات الإصلاحية في المنظومةالتنمويةعندي بيت النوم (سميته: بيت البرزخ!).

جاءني ابني وفتح الباب ليجدني نائما وكمامة الفم اللاصقة على أذني الاثنتين ملتصقتين مع الوسادة، حتى أني لما أفقت، ووقفت، وقفت ومعي وسادة عن يمني وأخرى عن شمالي تتدليان كأذن السلوقي من الأذنين، كما لو أن النوم قد أطال أذني اليمنى واليسرى على السواء لتصل إلى طول ذراع.. الابن ضحك وانفجر، فانتبهت إليه: واش راك تدير هنا في المرشي؟ روح عند أمك تروح، راني جايب الدوارة وجاي!

الولد هرب لما رآني أقولنامبورت كوا، فلم يفهم ماذا يحصل (كنت ساعتها أحلم أني في السوق وقد اشتريت دوارة، كانت زوجتي تتوحم عليها منذ ثلاثة أيام حسوما). رميت الوسادتين العالقتين في أذني كحلقين من حلقات الرجالالمتشبّهاتبالنساء، وهرعت إلى الحمام لأتوضأ وأنا أستغفر وأحوقل.

أمام المائدة التي لم يبق حولها أحد إلا أنا، بعدما انفضوا منها وتركوني قائما قاعدا، راحت زوجتي تهدر من جديد: وين راها الدوارة؟ هذه هي الدوارة اللي قلتك عليها؟ ما تقوليش نسيت وإلا رحت ندور عليها وما جبرتش، أنت ما تدور ما تدودر، ما تدير ما تدبر؟إلخ من كلام الطاحونة التي تدور في الفراغ، فتسمع جعجعة ولا ترى طحينا!

لم أرد عليها، وكدت أن أضع الكمامة على فمي لكي لا أرد، فقلت لها خاتما: “لو كان جاء عندي فم آخر منين نبلع، والله حتى نديرالفاصماعلى فمي ونتهنى من صداع الرأس نتاعك!” وشرعت آكل.. بعدما أعدت إحكام غلق أذني بقطعتين من لباب الخبز الطري: نأكل من وذني ونسمع من فمي درك.. يالله.. ديري عشرة وأقرصي، الدوارة راها في الفريجيدير. الله يعطيك العما. جبتها الصباح!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • bedredine

    سلام عليك يا السيد عمار .ان عمودك ممل لكثرة تكرار الكلمات ..و من فضلك قليل من الاحترام لزوجات .لو كان صوت اخر الزوجات نهيقا ......لعاشت بدون زواج. و شكرا لجريدتنا الشروق .