-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حذارِ من الخطاب الإقصائي!

حذارِ من الخطاب الإقصائي!

مع كل موعدٍ انتخابي تتصاعد موجة الخطاب المتطرِّف الذي يرفض الاختلاف في المواقف السِّياسية ويضع المخالفين في خانة العملاء والخونة والمتآمرين وغيرها من الأوصاف، والخطير أن الخطاب الإقصائي لم يعد حكرا على تيار معين، بل أصبح ثقافة سائدة عند فئات عريضة من المجتمع.

غلاة المقاطعين لا يترددون في وصف من يبادرون إلى القيام بحقهم الانتخابي بأنَّهم “عملاء” و”مطبّلون” و”شيّاتون” و”بوصبع لزرق” وغيرها من المفردات التّافهة التي تكشف ضحالة في الفكر وسطحية في الثّقافة السياسية، وغالبا ما يتحوّل هذا الخطاب المتخلّف إلى تشهير وقذف على مواقع التواصل الاجتماعي بالشكل الذي يضع المتورّطين فيه تحت طائلة القانون.

ويتجلّى هذا الاتّجاه المتطّرف يوم الانتخاب في سلوك عنيف يقوم به المتأثرون بالخطاب الإقصائي، فيبادرون إلى منع العملية الانتخابية بالقوة باقتحام مراكز التّصويت وتخريب الصناديق وهو ما حدث في المواعيد الانتخابية الأخيرة في عددٍ من المدن، وهنا لا بد من التّطبيق الصّارم للقانون ضد المتورّطين في هذا الفعل الشّنيع الذي يعدّ اعتداءً صارخا على حرّية الآخرين.

والغريب أنّ هناك من يتبجّح ويقول لا يمكن إسقاط مبادئ الديمقراطية على واقع غير ديمقراطي، أي أنّه يبرّر اعتماد الخطاب الإقصائي والسّلوك العنيف ما دام الجو العامّ غير ديمقراطي، وهو نفسه المنطق الذي جرّ الجزائرَ إلى أزمة أمنية خطيرة كلَّفت رُبع مليون ضحية.

أما غلاة المشاركين فقد سقطوا بدورهم في الخطاب الإقصائي وتجاهلوا الحقيقة الدستورية أن الانتخاب حقّ والامتناع حقّ كذلك، ولا أحدَ له الحق في إجبار النّاس على ممارسة حقّهم، كما أن ما يقال هنا وهناك بأن الانتخاب واجب هو قفزٌ على الحقيقة ومحاولة التأثير على سير الانتخابات بطريقةٍ غير قانونية من خلال الإدِّعاء بأن عملية الانتخاب واجب وليست حقا فقط.

لقد حدثت الكثير من التّجاوزات اللّفظية خلال الحملة الانتخابية من قبل المتنطّعين الذين يعتقدون أن الوطنية حكرٌ عليهم، ولم يتردّد أحد المفتونين بأنفسهم في وصف الأغلبية الصّامتة من الجزائريين التي لا تنتخب لسبب أو لآخر بأنها “شياطين خَرْساء”، وهو تصريحٌ بغيض يكفي لإدانة هذا المترشح الذي لطالما ردّد خطابا تحريضيا على مواقع التواصل الاجتماعي.

عندما نتعلّم احترام خيارات النّاس، وعندما ندرك الفعل الانتخابي هو قناعة سياسية يلزم بها المواطن نفسه، سوف نسلّم بأن لا أحد له الحق سواء في السّلطة القائمة أو في  المعارضة في إجبار المواطنين ولو بطريقة غير مباشرة على التّعبير عن قناعاتهم سواء بالانتخاب أو بالمقاطعة أو بالامتناع أو بالتصويت السلبي عبر الأوراق الملغاة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • كريم

    نتمني من البرلمان الجديد الجزائري ان يمرر ويصادق علي قانون تجريم الاستعمار الفرنسي بالجزائر وفور استلاممه لمهامه . فالبرلمانات السابقة ( كان حزب جبهة التحرير والارندي يمثلان الاغلبية ) رفضت مرارا وتكرارا تمرير هذا القانون المجرم لفرنسا لست ادري لماذا ؟؟؟؟؟ علما ان البرلمان الفرنسي اصدر سنة 2005م وصادق علي قانون تمجيد الاستعمار الفرنسي بالجزائر واعادة الاعتبار والتقدير للحركي والخائن والقومي والقياد .

  • محمد

    وددنا لو أن الدولة الجزائرية تسير من طرف مجموعة من الوطنيين الصادقين الذين يهدفون إلى إنقاذ بلدهم من التخلف الفكري والانحطاط الاقتصادي اعتمادا على الكفاءات المخلصة للوطن.لكن ما نلاحظه اليوم أن من أوكلت لهم شؤون تسيير البلد يتبعون نفس الخطة الإجرامية في اعتبار المجتمع الجزائري عبارة عن قطيع من الغنم يكفي مده بالكلأ لتسخيره يوم الانتخابات الشكلية وتركه مهملا بقي حياته.بهذه الطريقة لا يختلف المسؤولون في الحكم عن المعارضين الانتهازيين الكاذبين.القضية الحقة أن السياسة في الجزائر يمتهنها أناس وصوليون هدفهم الوحيد ابتزاز ممتلكات الأمة التي تبحث دون جدوى عن المخلصين.

  • ياسين

    والغريب والأغرب أن هؤلاء الذين يوزعون هذه الأوسمة على من يخالفهم الرأي كانوا "أيام العهدة الرابعة فقط ولا نذهب بعيدا" كانوا هم السباقين إلى الإدلاء بأصواتهم وعندما يلتقون من يعرفهم يقولون على من صوت؟ ... سبحان مغير الأحوال؟ زد على ذلك وهل هؤلاء الذين يتم تحريكهم عن بعد يعرفون حقيقة هؤلاء الذين دعوا المقاطعة؟ ألم يكونوا هم ساهموا في إلغاء انتخابات 1991؟ ألم يخرجوا في مسيرة بالعاصمة تطالب بالغاء الدور الأول من الانتخابات لسنة 1991؟ لأن من فاز بها هم الاسلاميون والوطنيون؟ فما الذي تغير اليوم؟ وأصبحوا يتباكون عن الديمقراطية؟ بل اليوم نعيش بالفعل الديمقراطية والحرية؟ وهذا لا يعجبهم ولا يعجب من يحركهم عن بعد كما لو أنهم صواريخ موجهة