الرأي

حذار… عصابات “مندسة”

حسان زهار
  • 1891
  • 10
ح.م

 يببدو أننا انتهينا من عصابة واحدة داخل النظام، لنجد أنفسنا أمام عصابات عديدة متنوعة.

ما يحدث هذه الأيام، مع الانطلاق الرسمي للحملة الانتخابية، يندى له جبين الإنسانية، تنهار معه معاني الرجولة، وتسقط حياله كل معاني النخوة والشرف.

عصابات منظمة من كل حدب وصوب، بدأت تظهر في كل مكان، تدعي الانتماء للحراك الشعبي الأصيل، والحراك منها بريء، تقوم بأعمال مافياوية لا يفعلها إلا قطاع الطرق المحترفون، عندما يعمدون إلى قطع الطريق على المترشحين عبر الولايات، وقطع الطريق على أنصار الانتخابات، وممارسة الرفض ببذاءة منقطعة النظير.

كان الحراك سلميا، حضاريا، مبهرا للجزائريين الشرفاء قبل أن يبهر العالم، فطال عليه الأمد، حتى وصل شهره التاسع، وعوض أن يلد مولودا بهي الطلعة، اسمه الحرية أو السلمية أو الأخوة والتكافل الوطني، وضع “شيغيفارات” مشوهة الوجوه، وفرخ عصابات، لا ترعى في الوطن إلا ولا ذمة.

صور مؤلمة شاهدناها بحسرة كبيرة، عصابات بلا شرف، تقدم “الكاشير” لقوى الأمن التي تحميهم، وهي تصرخ صرخات الحقد، مطالبة الأسود أن تنحي لحقدها، بينما رؤوس الرجال مرفوعة صبرا، خوفا على أمن الوطن، وعلى أمن حتى تلك الجماعات عديمة التربية.

وعصابات تعتدي على حرمة امرأة جزائرية حرة، وقفت في وجوههم كالطود الشامخ، ترفع صورة لمرشحها المفضل، بينما يتساقط أشباه الرجال، على أسوار امرأة حرمة، امرأة حرة، جزائرية فحلة بألف رجل.

أشباه الرجال إذن، هم وحدهم من يلجأون إلى فحش الكلام، وإلى الاعتداء على النساء، وإلى الأساليب الحيوانية في امتهان كرامة رجل الأمن، ومع ذلك، عندما يتم اعتقال هؤلاء، من الذين تعدوا على القانون، قبل أن يتعدوا على كرامة مواطنين آخرين، تقوم القيامة، وتصبح هذه العصابات المندسة وسط الحراك أيقونات للحرية، ويصبحون “أحرار” في مواجهة الأشرار.

وعلى ذكر الأحرار المزيفين، الأحرار الذين لا يعرفون أن للحرية حدودا، وأن تلك الحرية تنتهي عندما تعتدي على حرية الآخرين، من المهم التأكيد أن التحريض صار دينا جديدا لديهم، التحريض القادم من وراء البحر، صار يشكل العصابات، ويقدم لها “الإحداثيات” المطلوبة، ثم يأمر بالهجوم في الزمان والمكان المحددين.

عصابات منظمة، تتحرك مدفوعة الأجر في مختلف المناطق، هدفها استهداف المترشحين وأنصارهم، ومحاولة زرع البلبلة والفتنة وسط المواطنين، بغرض الإيهام بوجود رفض شعبي للانتخابات، ثم تصوير ذلك وإرسال الفيديوهات إلى مشغليهم.

لقد صار المشهد كاريكاتوريا بامتياز.. عصابات في الشارع، تدعي رفضها لعصابات داخل الحكم.. وعصابات تصرخ “لا انتخابات مع العصابات”.

فأي جنون هذا؟ إننا نحذر بشدة من انحدار الوضع إلى ما هو أخطر، إذا ما استمرت هذه الانحرافات، وإذا ما استمر منطق العنف ينمو بهذه الصورة المقلقة، وإذا ما تمكنت هذه العصابات المندسة وسط الحراك السلمي، من جره إلى دائرة لم يخلق لها الحراك أصلا، وهي دائرة الخراب والتخريب.

نقول هذا ونحذر منه، ولا نخص بالتحذير أعداء الانتخابات وحدهم، بل أن من أنصار الانتخابات أيضا من بدأ عقله يطيش، وعينه تزيغ، حتى رأينا مجنونا من المجانين (أوقفه الأمن) يهدد الرافضين للانتخابات بالكلاش!

هنا ينتهي الكلام الجميل والمنمق، وتصبح تسمية الأسماء بمسمياتها فرض عين على الجميع، نحن نختلف سياسيا وهذا أمر طبيعي، لكن أن تلوح رائحة الموت، وراء هذا الاختلاف، وأن تتشكل مجاميع تؤسس لصناعة “ميليشيات” مستقبلا، فهذا مرفوض وعلى كل جزائري حر، أن يرفضه علانية ويحاربه بكل ما أوتي من قوة.

أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا.. قالها رسول الله للبشرية جمعاء، ولم يقلها معتوه ينفث أحقاده من وراء البحر.

مقالات ذات صلة