-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حذف آيات من القرآن.. هذيان وزوبعة في فنجان

محمد بوالروايح
  • 1877
  • 4
حذف آيات من القرآن.. هذيان وزوبعة في فنجان

الداعون إلى حذف الآيات القرآنية المعادية لليهود –بزعمهم- دجالون وجاهلون بحقيقة النص القرآني، فالعارفون بحقيقة هذا النص الإلهي يقولون إن القرآن الكريم يميز بين فريقين من أهل الكتاب: فريق متبع وفريق مبتدع، فريق مهتد وفريق معتد، وذلك وفق قاعدته النورانية العادلة: “ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون، يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين”.
القاعدة النورانية العادلة التي ينتظم حولها حشدٌ من الآيات القرآنية التي تتحدث عن فئة من اليهود عرفوا الحق فاتبعوه وأذعنوا له فخلدهم القرآن مع الداعين إلى الحق، القائمين بالقسط، كما في قوله تعالى: “ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤدِّه إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما، ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون”، فمن الحق والمنطق ألا يعامل القاسط والمقسط، والمنيب والمذنب معاملة واحدة وإلا كان ذلك غاية الشطط وحاشا لله أن يقع منه هذا لأنه جل شأنه حينما حرَّم الظلم بدأ بنفسه ثم ثنى بخلقه كما في الحديث القدسي: “يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا”.
هناك حشدٌ من الآيات التي تتحدث عن الفئة اليهودية القاسطة المنيبة التي أنصفها القرآن الكريم ولم يبخسها حقها، فلو كان القرآن من شاكلة الكتب الجارحة القادحة في الآخر من غير تمييز برٍّ من فاجر، وصالحٍ من طالح لجمع اليهود في بوتقة واحدة ولأشبعهم سبا وذما ولأغرى أتباعه بالانتقام منهم جميعا كما هو شائع في الديانات والثقافات التي أسست على خطاب عنصري يمعن في إقصاء وإلغاء الآخر.
في التلمود معاداة للآخر لا تخفى حقيقتها، ومن ثم كان أحرى ببعض المفكرين المسيحيين الموقعين على وثيقة حذف الآيات القرآنية المعادية لليهود –بزعمهم- لو كانوا حقا أوفياء لعقيدتهم أن يغضبوا ويقتصوا لها من ظلم نصوص تلمودية كثيرة تصف المسيح وأمه بأقبح الأوصاف التي ترفضها كل الأديان والأعراف، فالتلمود يطعن في شرف مريم العذراء ويصفها بوصفٍ غير أخلاقي، والمسيح “في لجج الجحيم”، والجماعة المسيحية “جماعة شاردة متمردة أرادت اختطاف التعاليم الموسوية تحت ذريعة العهد الجديد لتصنع لها مجدا، و ليس لها من مجدٌ إلا ما اختلسته من التعاليم اليهودية”!.
إن من بين أهم الموقعين على وثيقة حذف الآيات القرآنية المعادية لليهود الصهيوني “برنارد هنري ليفي” والفرانكفوني الجزائري “بوعلام صنصال”، أما الأول فمعروف بنزعته الصهيونية الحالمة والمعادية لكل ما هو إسلامي للتنفيس عن العقدة التاريخية والهوس النفسي الذي يملك عليه أقطار نفسه، وهو الذي وُلد في بيئة جزائرية عربية إسلامية لم يرع لها حقها بل تحول إلى بوق يشهِّر بها في كل مكان ويحيك لها المكائد، وأما الثاني فمعروف بنزعته الفرانكفونية المتطرفة، الباحث عن الأضواء بأي ثمن ولو على حساب الوطن، المهووس بحب الظهور والمتطلع لجائزة “نوبل” للسلام من أقصر الطرق بمعانقة الحلم اليهودي والدفاع عما يسميه “شعب يهودي اجتمع عليه ظلم الزمان وظلم الإنسان”، وقد أشاد الإعلام العبري بشخصية “بوعلام صنصال” ووصفه بأنه “أنموذج المفكر العربي الرافض لفكرة الكراهية بين أتباع الأديان”، وهو في نظره “عنصر إيجابي من عناصر التطبيع خلافا للكثرة الكاثرة من العرب أسرى التراث الإسلامي الرافض للتطبيع بأي شكل من الأشكال”.
إن الوثيقة الداعية إلى حذف الآيات القرآنية المعادية لليهود ليست في حقيقة الأمر إلا حلقة من حلقات المؤامرة ضد الإسلام التي تظهر في تحركات هنري ليفي في العالم وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص، وهي بيقين تحركاتٌ غير بريئة تنذر بصدام عربي يهودي وشيك يتم التحضير له باستخدام كل الوسائل وفي مقدمتها القوة الفكرية الداعمة الموالية للفكرة الصهيونية أو على الأقل المتعاطفة معها تحت ذريعة بناء المشترَك الإنساني، وقد يستبعد بعض المفكرين والمحللين فكرة الصدام العربي اليهودي لتفاؤلهم الزائد عن اللزوم اتكاءً على ما تحقق في مجال التقارب بين المذاهب والأديان، ولكنهم لن يجدوا في النهاية بدا من الإقرار بهذه الحقيقة الصادمة حينما يدركون بأن اليهود وخاصة المتصهْينين منهم لم ولن يكونوا في يوم من الأيام عنصرا من عناصر بناء المشترَك الإنساني.
إن الموقِّعين على الوثيقة الداعية إلى حذف الآيات القرآنية المعادية لليهود مطالبون باستدراك عوزهم الفكري إن كانوا يكيفون القضية تكييفا فكريا وذلك بإعادة قراءة النصوص القرآنية التي تتحدث عن اليهود ليعلموا أن القرآن الكريم لا ينظر إلى هؤلاء ولا إلى غيرهم من المخالفين انطلاقا من فكرة المعاداة ابتداءً، فهناك قاعدة ذهبية في القرآن الكريم تفسر نظرته إلى النوع البشري والتي يلخصها قوله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا”، إن معاداة القرآن الكريم لليهود هي بسبب أفعالهم المُنكِرة التي جعلت منهم جماعة عدوانية معادية للكتاب السماوي ولمبادئ الإخاء الإنساني، إن الشخصية اليهودية كما يصفها القرآن الكريم شخصية عنيفة ومتمردة، ومن ثم فإن ما يذكره عنها هو من بيان تقرير حال، وليس من باب العداوة المقررة ابتداء.
كان يجب على ليفي وصنصال والآخرين الموقِّعين على وثيقة حذف الآيات القرآنية المعادية لليهود أن يأخذوا العبرة من تاريخ الصراع الإسلامي الصليبي؛ فقد حاولت الصليبية العالمية قبل الصهيونية العالمية إحداث الفصام بين المسلمين والقرآن بإغرائهم بإتِّباع الثقافات المسيحية والغربية الوافدة فأصيبت بخيبة أمل كبيرة قذفت بأحلامها ومشاريعها في البحر ودفعت بعض قادتها إلى الانتحار أو مغادرة الديار بعد أن هالهم انتشار الإسلام والقرآن في كل الأقطار، فكانوا أشبه بـ”ناطح صخرة يوما ليُوهنها فلم يضرّها وأوهى قرنه الوعل”.
كان يجب على ليفي وصنصال والآخرين الموقعين على الوثيقة الداعية إلى حذف الآيات القرآنية المعادية لليهود –بزعمهم- أن يأخذوا العبرة من الهندي “سلمان رشدي” الذي انتهى وانتهت آياته الشيطانية وذهب إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه كما فعل بأسلافه ممن أرادوا مغالبة التعاليم الإلهية “فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين”.
كان يجب على ليفي وصنصال والآخرين الموقعين على الوثيقة الداعية إلى حذف الآيات القرآنية المعادية لليهود –بزعمهم- أن يعودوا إلى كتاب “موسى والتوحيد” لسيغموند فرويد الذي ضمَّنه تحليلا عميقا للشخصية اليهودية، يُظهرها في صورتها الحقيقية العدوانية الوارثة بامتياز للقابيلية –نسبة لقابيل- لا كما يصورها المدافعون عنها والمتعصبون لها بأنها شخصية “هادئة ومسالمة”.
كان يجب على ليفي وصنصال والآخرين الموقعين على الوثيقة الداعية إلى حذف الآيات المعادية لليهود –بزعمهم- أن يعودوا إلى كتاب “كفاحي” للزعيم النازي “أدولف هتلر” الذي دفعه التعصب للعرق الآري لسحق الأعراق الأخرى وفي مقدمتهم اليهود فيما يسمى في الأدبيات التاريخية “الهولوكوست” أو “المحرقة اليهودية”، ليُدركوا الفرق بين معاملة الإسلام لليهود -بالرغم من مؤامراتهم ودسائسهم وتحاملهم على عقيدة التوحيد- وبين معاملة غيره لهم، أو ليدركوا بصفة عامة الفرق بين عدل الإسلام وظلم الأديان المحرَّفة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • الى رقم 1

    للمعلق رقم 1
    السبب الذي جعل القران يذكر اليهود انهم مفسدون في الارض بعد ان ذكرهم بانهم اهل كتاب
    خانوا الامانة و حرفوا تعليمات الله لمصلحتهم الشخصية و قتلهم للانبياء
    و ثانيا انا من متابعي الشروق اونلاين و دائما اطلع على التعليقات لدرجة اني ارى تعليقاتك دائما معادية للاسلام و كل ما له صلة بالاسلام
    الافضل لك ان تبدل اسمك او تخرس و ذلك افضل لك

  • محمد

    أما عن القرآن ...فلن يستطيعوا فعل شيء...لكن ماإستطاعوا فعله قد أثر بشكل كثير في نقص فهم الإنسان المسلم للقرآن وعدم إستفادته منه كثيرا.
    هم أثروا في تعليم اللغة العربية ..وكما ترى اليوم ..إن قمنا بالإحصاء ..فلا كثير منا من يجيد اللغة العربية القديمة الأصلية ، بقواعدها وبلاغتها ، ويسهل عليه معرفة معنى الكلمات وإن تشابهت مفردة وتمييزها إن جاءت في سياقات مختلفة. إجادة اللغة العربية شرط قوي لمن يريد أن يسهل عليه قراءة القرآن ويسهل عليه فهم المعنى بسرعة..فقد رأينا مافعل بعضهم بمفاهيم مغلوطة لآيات الله وضللوا معهم ناسا كثيرين.
    و قد فر الكثيرون أيضا إلى الأحاديث وإن كانت آحادا لصعوبة فهمهم للقرآن.

  • محمد

    المشكل أن من يطالب بذلك ليسوا حتى يهودا ...بل هم مايعرف بيهود الأشكناز ..والمعروف أنهم من "الخــزر" ..وهي دولة كانت تقع في تركيا وأرمينيا بين الدولة العباسية وماتبقى من الدولة البيزنطية وروما. ولم يكونوا يهودا ...لكنهم "إعتنقوا اليهودية" لأنهم رأوا أن ذلك يسهل لهم تجارتهم مع المسلمين من جهة ومع المسيحيين من جهة أخرى... ثم ما لبثت تلك الدولة أن عادت الكل وأصبحت تحارب على الجبهتين ضد المسلمين وضد المسيحيين ، فلم تطل البقاء حتى شتتها الحروب ...وهرب من هرب منها وغير إسمه ... ومنهم من لجأ إلى فرانكفورت والنمسا إين سموا باليهود الأشكناز. وهم ذوي بشرة بيضاء ..ويسيطرون على بنوك العالم حاليا.

  • فوضيل

    كنت دائما أسأل نفسي وأحاول فك الاشتباك و التناقض الذي يحيرني عن مسألة اليهود، حيث القرآن يقول عن اليهود: أن الله فضلهم على العالمين،أنه من النيل للفرات حقا أبدياً لهم،إن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون،أختصهم بالحكم والنبوة،أنهم يعرفون الكتاب كما يعرفون أبنائهم..ثم ينقلب عليهم فجأة ويتعامل معهم بكل شراسة،أنهم أشد عداوة على المسلمين،أنهم يكفرون بالله ورسله،أنهم ينقضون العهود ويقتلون الأنبياء،أنهم يآخذون الربا ويأكلون الناس بالباطل،أنهم يحرفون كلام القرآن عن موضعه،أن قلوبهم نجسة آكالون الرشوة والسحت ،أنهم كفار يشترون بآيات الله ثمنا قليلا، أنهم ملعنون مغضوب عليهم لذلك مسخهم الله قردة وخنازير..!!؟؟