الرأي

حراك الشعوب وأصحاب الرايات الصفراء

حسان زهار
  • 1513
  • 6
ح.م

توقعت في مقال الأمس أن أصحاب الرايات الصفراء.. قد يظهرون في أي لحظة لإفساد حراك اللبنانيين.. كما فعلوا في الجزائر. وقد حدث ما توقعت!

أنصار حزب الله إذن خرجوا إلى شوارع بيروت براياتهم الصفراء المعروفة.. لكي يتظاهروا بصفتهم الحزبية والطائفية، تماما كما هدد نصر الله لمواجهة ثورة الشعب اللبناني.. الذي انتفض ضد منظومة الحكم الطائفي وفساد حكومة المحاصصة، وشرعوا في استعراض قوتهم، تطبيقا لمقولة زعيمهم (شارع مقابل شارع).

نصر الله في تهديده للشارع المنتفض.. قال إن الشارع الذي يؤيده، إذا خرج لن يعود إلى البيوت، إلا إذا تحققت الأهداف كاملة.

هذا يعني أن جهة لبنانية استشعرت الخطر، خطر إسقاط منظومة فساد تمتد من طهران إلى كولومبيا، عبر شبكات واسعة لتجارة المخدرات وتبييض الأموال، بغرض السيطرة على لبنان وعلى مقدرات الشعب اللبناني، وإن كان الشعار المرفوع براقا جدا.. عنوانه مقاومة إسرائيل.

كما يعني أن عملية إجهاض الحراك اللبناني قد انطلقت سريعا.. وسريعا جدا.

يذكرنا هذا الوضع السيئ، ببداية انطلاق الحراك الجزائري، فقد كان في يومه الأول أو الجمعة الأولى في الـ22 فبراير، وطنيا خالصا، تلفه الأعلام الوطنية والوحدة والصدق، قبل أن تغتاله الرايات الصفراء، التي غلَبت المطالب الثقافية والهوياتية على المطالب السياسية الوطنية، وقدمت فئة من الشعب مصلحتها الخاصة على مصلحة الشعب كله.

كان ذلك بداية تخلخل الحراك الجزائري، وشيئا فشيئا حدث الانقسام الذي ما كان ممكنا أن يحدث، قبل أن تتدخل المؤسسة العسكرية بعد أن تفاقم الوضع وأصبح مهددا للوحدة والانسجام لمنع هذه الرايات غير الوطنية، الأمر الذي ساعد في كشف نوايا أصحاب تلك الرايات، عندما أعلنوا صراحة عداوتهم لقيادة الجيش الوطنية، ورفض خارطة طريق الحل الدستوري والانتخابات.

اليوم تلعب راية حزب الله الصفراء نفس الأدوار التي لعبتها الراية الأمازيغية الصفراء.. الفرق الوحيد أن راية حزب الله تمايزت عن حراك اللبنانيين وحدها، ودخلت في لعبة صراع شارع شيعي (حزب الله مع حركة أمل)، في مواجهة شارع لبناني مختلط (سني، ماروني، كاثوليكي، درزي …الخ)، الأمر الذي يعني إجهاضا قبل الوقت لحركة الشارع في لبنان، وربما تطور الأمر إلى مواجهات طائفية بين الشعب الأعزل ودولة حزب الله المسلحة.

لقد سبق لحزب الله، أن ساهم في إجهاض الثورة السورية لذات الأسباب الطائفية غير الوطنية، حينما بارك هذا الحزب بداية حراك التونسيين والمصريين والليبيين، وحين وصلت شرارة الثورة إلى بلاد الشام، حيث المصالح الإيرانية، وحيث سطوة الولي الفقيه، تدخل الحزب لذبح الشعب السوري، رافعا نفس الرايات.

وهنا الخطورة تحديدا التي تهدد اليوم لبنان وسلم لبنان.. بأن يتحول شارع مسلح، في مواجهة شارع مدني أعزل، وشارع طائفي متهور في مواجهة شارع لبناني متنور، في سيناريو لا يبتعد كثيرا عن مأساة الحراك العراقي الأخير، حين تحركت ميليشيات إيران لقتل المتظاهرين السلميين في بغداد.

وسيتذكر الجزائريون يوما أن ما أنقذ الجزائر بعد الله، من المخاطر الرهيبة التي شكلتها عندهم الراية الصفراء هو الجيش فقط، الذي ولحسن الحظ، كان الطرف المسلح الوحيد، والطرف العاقل الوحيد، في مواجهة مخطط تقسيم الشعب الواحد.

لقد كان مخططا يهدف في أقل تجلياته استبدال خضرة الجزائر باصفرار الطائفة، قبل لا قدر الله المرور على أنهار من الدماء.

فلله الحمد والمنة، وللرجال الشرفاء الذين يسهرون لينام المواطن مليء الجفون هانيا.

مقالات ذات صلة