-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حربٌ بـ”مُسيَّرات إسلامية” في أوكرانيا!

حسين لقرع
  • 992
  • 0
حربٌ بـ”مُسيَّرات إسلامية” في أوكرانيا!

خلال الأسابيع الأولى للحرب الروسية- الأوكرانية التي اندلعت في 24 فبراير الماضي، تعرّضت القوات الروسية التي كانت تحاصر العاصمة كييف لانتكاسة مفاجئة أجبرتها على التراجع وفكّ حصارها للعاصمة الأوكرانية. وتبيّن لاحقا أنّ ذلك حدث تحت وطأة ضربات مجموعة من الأسلحة النوعية التي حصلت عليها أوكرانيا من حلفائها، وفي مقدّمتها طائرات تركية من دون طيار من نوع “بير قدار” التي تمكنت في السنوات الأخيرة من حسم الحرب الليبية ضدّ قوات خليفة حفتر، كما مكّنت أذربيجان من إنزال هزيمة حاسمة بأرمينيا واستعادة إقليم ناغورني كارباخ منها.

ومنذ أيام قليلة، اتهمت أوكرانيا والاتحادُ الأوربي والولاياتُ المتحدة إيرانَ بتزويد الجيش الروسي بطائرات “شاهد 136” المسيَّرة الانتحارية، وقالت إنّ هذه الطائرات شنّت غاراتٍ كثيفة على محطات الطاقة بالعديد من المدن الأوكرانية، وتمكنت في ظرف أسبوع من تدمير 40 بالمائة منها، ما أدخل العاصمة كييف ومدنا أخرى في ظلام دامس قد يدوم أياما أو أسابيع، كما أنزلت خسائرَ كبيرة، مادية وبشرية، بالقوات الأوكرانية، وأعاقت تقدّمها في جبهات القتال، ولم تستطع كييف وحلفاؤها الغربيون صدَّها أو الحدَّ من فعاليتها إلى حدّ الساعة، ما دفع الولايات المتحدة وأوروبا إلى شنّ حملة سياسية وإعلامية غير مسبوقة على إيران، والتهديد بفرض سلسلة عقوبات واسعة عليها.

هي سابقةٌ في التاريخ الحديث كله؛ إذ تعوَّد العالمُ الإسلامي على أن يكون ساحة حروب طاحنة تُستعمل فيها أحدثُ الأسلحة الغربية والروسية، من طائرات ودبابات ومدرعات وصواريخ وحتى الأسلحة الخفيفة، وقتلت تلك الأسلحة الملايين من أبنائه… وبقيت الدولُ الإسلامية المستقلة حديثا تعتمد في تسليحها –بحكم تخلفها الصناعي والتقني- كلية على الغرب، ولم تكد تدخل مجال الصناعات الحربية إلا منذ عقود قليلة، وهي أسلحة غير نوعية بل غير متطورة بالمرّة.

لكننا الوضع بدأ يختلف اليوم؛ فلأول مرة في التاريخ تخوض دولتان أوربيتان حربًا تلجئان فيها إلى استعمال “أسلحة إسلامية”، وهو أمرٌ لا نعتقد أنّ أحدا كان يتخيّله قبل سنوات قليلة فقط، والأغربُ من ذلك أنها أثبتت فعالية كبيرة فاجأت العالمَ كلَّه، فمن كان يعتقد أنّ طائرات “بير قدار” التركية المسيَّرة ستُربك جيشَ ثاني أقوى دولة في العالم وتُجبره على فكّ حصاره للعاصمة الأوكرانية؟! ومن كان ينتظر أن تكون الطائراتُ الإيرانية بلا طيار بهذه الفاعلية العالية، وتُنزل بأوكرانيا كلّ هذه الخسائر، وتُربك حتى الدفاعات الغربية في هذا البلد؟!

وبهذا الصدد، لم يبالغ الجنرالُ البريطاني جيمس مارتن حينما اعترف قبل أيام لـ”ديلي تلغراف” بأنّ “الاستخدام واسع النطاق للمسيَّرات من قِبل الخصوم حرم الجيوشَ الغربية من التفوّق الجوي”؛ فالاعتماد على الطائرات من دون طيار بدأ يتعاظم في السنوات الأخيرة، وهي “سلاح الفقراء” بالنظر إلى تكلفتها المادية البخسة، وبإمكان دول العالم جميعا امتلاك أعدادٍ كبيرة منها لحماية أمنها.

ويبدو أنّ عهد الحروب التقليدية التي تخاض بأسلحة كلاسيكية قد بدأ يتراجع تدريجيا، وأنّ الحروب القادمة ستُخاض بسلاح المسيَّرات المختلفة (طائرات بلا طيار ودبابات مسيَّرة وزوارق انتحارية وغوّاصات غير مأهولة).. ومن حسن الحظّ أنّ الغرب لا يسبقنا هذه المرّة كما حدث مع الأسلحة التقليدية المعروفة، بل إنّ أنموذجي الطائرات المسيَّرة الفعَّالة يؤكّد أنّ العالم الإسلامي قد بدأ يدخل غمار حروب الجيل الجديد بكل قوة واقتدار، وأنه بصدد وضع حدّ لإذلال الغرب له والعودة إلى صنع التاريخ.

فقط، نأمل أن يكون للمقاومة الفلسطينية بغزة وحتى الضفة نصيبٌ من الطائرات المسيَّرة للدفاع عن نفسها ووضع حدّ لتغوّل الاحتلال، والأقربون أولى بالمعروف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!