الرأي
سيرحل محمّلا بمآسي‮ ‬المسلمين وأنّات المكلومين

حصاد عام انقضى من عمر أمّة الإسلام

سلطان بركاني
  • 1659
  • 0

انقضى شهر الصّيام،‮ ‬وتتابعت بعده أشهر الحجّ،‮ ‬وها نحن نستعدّ‮ ‬لوداع عام هجريّ‮ ‬آخر،‮ ‬هو العام السادس والثلاثون بعد الأربعمائة والألف،‮ ‬عام سيرحل بعد‮ ‬يومين محمّلا بمآسينا،‮ ‬مثخنا بجراحنا؛ عام تجرّعنا فيه مزيدا من كؤوس الذلّ‮ ‬والهوان،‮ ‬التي‮ ‬توالت علينا منذ أن ضيّعنا الصّلوات وهجرنا القرآن،‮ ‬ومنعنا الزّكاة وأكلنا الرّبا وتعلّقت قلوبنا بالأغاني‮ ‬والألحان،‮ ‬وابتغى حكامنا العزّة في‮ ‬كنف من تربّصوا بالأمّة وأعلنوا الحرب والعدوان‮.‬

يومان ونودّع عاما هجريا آخر من أصعب الأعوام التي‮ ‬عاشها إخواننا المسلمون في‮ ‬بورما؛ لا زالوا‮ ‬يُحرقون في‮ ‬الفجاج،‮ ‬ويذبحون كما تذبح النعاج،‮ ‬بل قد بلغت محنتهم في‮ ‬هذا العام إلى حدّ‮ ‬الاسترقاق وبيعهم عبيدا في‮ ‬الأسواق،‮ ‬يباع المسلم البورميّ‮ ‬مقابل‮ ‬900‮ ‬دولار،‮ ‬ليعمل عبدا ذليلا في‮ ‬صيد وتجارة الأسماك في‮ ‬تايلاند،‮ ‬والله المستعان‮.‬

عام تواصل فيه تكالب الصهاينة على إخواننا المسلمين في‮ ‬قطاع‮ ‬غزّة،‮ ‬الذين تعاظمت محنتهم حينما أقدم النّظام المصريّ‮ ‬على إغراق الأنفاق التي‮ ‬كانت تصلهم بإخوانهم في‮ ‬مصر،‮ ‬وأمعن في‮ ‬حصارهم إرضاءً‮ ‬لعدوّ‮ ‬لا‮ ‬يرقب في‮ ‬مؤمن إلاًّ‮ ‬ولا ذمّة‮.‬

عام تسارعت فيه وتيرة بناء المستوطنات وترحيل الفلسطينيين من بيوتهم وعن أراضيهم،‮ ‬بل تعاظمت جرأة اليهود وهم‮ ‬يرون أمّة الإسلام تغطّ‮ ‬في‮ ‬سباتها،‮ ‬وخطوا خطوات جريئة على طريق تهويد المسجد الأقصى وفرض تقسيمه زمانيا ومكانيا،‮ ‬على مرأى ومسمع من أكثر من مليار ونصف المليار مسلم‮.. ‬محنة لا‮ ‬يخفّف وقعها إلا بصيص أمل انبعث في‮ ‬الأيام الأخيرة من هذا العام،‮ ‬أمل في‮ ‬انتفاضة فلسطينية جديدة،‮ ‬بدأها شباب بثّوا الرّعب في‮ ‬قلوب الصّهاينة وأعطوهم درسا في‮ ‬التضحية والفداء،‮ ‬بأيدٍ‮ ‬متوضّئة لا تحمل من الأسلحة سوى خناجر جعلت العدوّ‮ ‬الغاصب‮ ‬يعلن حالة الاستنفار،‮ ‬وجعلت وزير الدّفاع الصهيوني‮ ‬موشيه‮ ‬يعلون‮ ‬يعترف قائلا‮: ‬‭”‬لا نستطيع فعل أيّ‮ ‬شيء أمام حاملي‮ ‬السكاكين،‮ ‬والأوضاعُ‮ ‬سيئة للغاية‮”.‬

عام تعاظمت فيه محنة إخواننا المسلمين في‮ ‬العراق،‮ ‬وهم‮ ‬يرون بلادهم تساق تحت ذريعة الحرب على الإرهاب والتطرّف،‮ ‬وبتواطؤ أمريكيّ‮ ‬صليبيّ،‮ ‬وفي‮ ‬ظلّ‮ ‬غفلة عربية إسلامية سادرة،‮ ‬لتكون جزءًا من دولة صفوية‮ ‬يراد بعثها من جديد،‮ ‬لتؤدّي‮ ‬دورها في‮ ‬تشتيت وإلهاء وإنهاك أمّة الإسلام‮. ‬

عام تفاقمت فيه مأساة إخواننا وأحبابنا في‮ ‬سوريا،‮ ‬الذين وبينما كانوا‮ ‬ينتظرون أن‮ ‬يتدخّل المسلمون لوقف الإرهاب الممنهج الذي‮ ‬يتعرّضون له على أيدي‮ ‬الصليبيين والشعوبيين والطائفيين وبعض الأعراب،‮ ‬إذ بهم‮ ‬يقفون موقف المتفرّج إزاءَ‮ ‬تدخّل جلاد جديد هو روسيا التي‮ ‬لم‮ ‬يكفها ما فعلت بالمسلمين في‮ ‬أفغانستان وما فعلت وتفعل بالمسلمين في‮ ‬الشيشان،‮ ‬حتى مدّت‮ ‬يدها بتواطؤ وضوء أخضر أمريكي،‮ ‬لتعيث في‮ ‬دماء المسلمين في‮ ‬أرض الشام؛ روسيا التي‮ ‬أرادت أن تشمت بالمسلمين فتباهت بمباركة الكنيسة الأرثوذوكسية لتدخّلها في‮ ‬سوريا،‮ ‬ودعمها الكامل لما أسمته‮ “‬الحرب المقدسة لحماية رعايا الصليب‮”. ‬ولم تكتفِ‮ ‬بهذا حتى أعلنت عن تنسيقها العسكريّ‮ ‬مع الكيان الصّهيونيّ‮ ‬في‮ ‬هذه الحرب المقدّسة،‮ ‬نكاية بالمسلمين‮.‬

عام سالت فيه دماء الحجّاج المحرمين وتكدّست جثثهم الطّاهرة في‮ ‬أقدس بقاع هذه الأرض،‮ ‬وفي‮ ‬أيام هي‮ ‬من أفضل أيام الدّنيا،‮ ‬في‮ ‬فاجعتين هما فاجعة الرّافعة وفاجعة منى،‮ ‬اللتين لا تزال الأمّة تنتظر الخبر اليقين في‮ ‬أسبابهما،‮ ‬وبخاصّة فاجعة منى التي‮ ‬راح ضحيتها أكثر من ألف حاجّ،‮ ‬وتضاربت حولها الروايات،‮ ‬وتسرّبت الشائعات التي‮ ‬لو صدق بعضها فإنّ‮ ‬الأمّة ستكون مدعوة إلى موقف حاسم وحازم مع الجناة‮  ‬الذين‮ ‬يأتون من بلدانهم محمّلين بحقد طائفيّ‮ ‬بغيض،‮ ‬يدفعهم لتحويل مكّة إلى حمّام من الدّماء،‮ ‬للتّعجيل بخروج الغائب المنتظر‮!.‬‭ ‬‮. ‬

مقالات ذات صلة