الرأي

…حلال؟ حرام؟.. التركُ أحسن

عمار يزلي
  • 1600
  • 5
ح.م

عودة الروح إلى الدولة الجزائرية بقوة منذ تنصيب رئيس الجمهورية، بات واضحا من خلال تسارع الأحداث المتراكمة والمنتظَرة والمغيَّبة عن الساحة منذ أشهر وسنوات، حتى بات واضحا للعيان وكأننا في سباق مع الزمن ضمن الوقت بدل الضائع.
زيارة الرئيس التركي إلى الجزائر، هي زيارة فوق العادة، لما تحمله من آفاق تعاون ثنائي وحول الشأن الإقليمي والدولي.. وفي شتى المجالات وعلى رأسها أمن المنطقة المغاربية، خاصة الملف الليبي.

تركيا، كقوة اقتصادية أورو آسيوية صاعدة، بفعل تجربة عشر سنوات فقط، أهَّلتها إلى مضاعفة الدخل الفردي أربع مرات.. ومعدل نمو أهَّلها لتصبح القوة الاقتصادية الـ13 بعد أن كانت قبل 10 سنوات تحتل المرتبة 65 عالميا.. متفوِّقة على كثير من الدول الأوروبية والدول النامية كالبرازيل والمكسيك..

تركيا هي خيارٌ استراتيجي للجزائر الجديدة في مجال التنمية الاقتصادية والتعاون الأمني والسياسي وفتح آفاق للتمدُّد الاقتصادي إلى إفريقيا.. ذات الأبواب المشرَّعة على حدودنا الجنوبية: من موريتانيا إلى النيجر، فليبيا وجنوبها من التشاد إلى السودان إلى القرن الإفريقي. مشروعٌ ضخم يجعل الجزائر الجديدة في منأى عن المضايقات التقليدية في منظمة التجارة العالمية التي تُحتضر بفعل التسوس الذي نخرها من الداخل بفعل سياسية ترامب الإقصائية والعقوبات الضريبية وغير الضريبية المفروضة منه على كل الدول الأعضاء فيها تقريبا.

فرنسا، ستكون بالتأكيد المتسابق المتقهقر نحو الخلف في سباق التغلغل الإفريقي عبر بوابة المغرب والجزائر، قياسا بإيطاليا التي ستُفتح أمامها آفاق استثمارية كبيرة بالجزائر. المغرب، ورغم “الفتوحات” الكبيرة التي دشَّنها منذ سنوات بدافع فرنسي من أجل اختراق السوق الإفريقية سياسيا وتجاريا، لن يكون بإمكانها أن تنافس “طريق الملح” باتجاه “بلاد السودان” الذي لا يقلُّ أهمية عن “طريق الحرير” الصيني، والذي أعلنت الجزائر انخراطها التام فيه كمشروع اقتصادي تبادلي ضخم يهدّد الهيمنة الاقتصادية الأمريكية في المنطقة والعالم.

دور الجزائر المغيَّب، والعائد بقوة إلى الديناميكية السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية والمحلية، سيرفع بالتأكيد أفق معدل النمو الاقتصادي ليصل إلى حدود 03 إلى 04%، رغم أن صندوق النقد الدولي يتحدث عن احتمال بلوغه خلال 2020 نحو 02%.. وقد كان الرئيس عبد المجيد تبون قد ألمح في لقائه مع بعض مديري المؤسسات الإعلامية الوطنية (وهو حدثٌ في حدِّ ذاته لما يحمله من دلالات ورمزية.. ومكانة للإعلام وللشعب باعتباره أحقّ بها وأهلها..)، كان قد ألمح إلى أن معدل النموّ قد يتجاوز نسبة 02%، التي تحدَّث عنها صندوق النقد الدولي، وهذا بالنظر إلى مشروعه الطموح في الإقلاع عن السياسات القديمة في كل المجالات، بغية إقلاع تنموي حقيقي غير مزيَّف وغير مرتبط بمصالح فئوية أو زبائنية لوبية ضيقة.

الحكومة المعينة مؤخرا، تعمل تحت ضغطٍ مرتفع بسبب السقف العالي الذي حدَّده لها رئيسُ الجمهورية ورئيس الوزراء، حكومة مطالبة ألا تنام إلا قليلا، كونها مرغَمة ليس على إنجاز البرامج المسطرة وحسب، بل على ضرورة التفوُّق في البرنامج المسطر، وهذا بسبب التحدّيات والإكراهات التي تجابهها أمام الشعب بأكمله، وربح الوقت الذي طار.. وإصلاح ما أفسده العطار…

الديناميكية الجديدة التي حدثت في دواليب السلطة منذ استعادة الشرعية الشعبية وبداية تلبية مطالب الشارع والزَّخم الذي عرفه طيلة أشهر، لن تزيد الدولةَ الجزائرية الجديدة إلا إصرارا على شق طريق سريع جديد نحو التنمية الشاملة من خلال تجريم وتحريم كل الممارسات القديمة.. على اعتبار أنه إذا كان: الذيب حلال؟ الذيب حرام؟ التركُ أحسن.

مقالات ذات صلة