-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حلف الشّيطان.. بين أمريكا وإيران

سلطان بركاني
  • 2486
  • 0
حلف الشّيطان.. بين أمريكا وإيران

كشفت محطّة الـBBC البريطانية في الثالث من شهر جوان الجاري، في الذّكرى السابعة والعشرين لوفاة الخميني، وبالتّزامن مع المعارك التي تخوضها إيران في العراق عبر عملائها في الحكومة الطائفية وعبر مليشياتها التي تُقاتل تحت مظلّة الطّيران الأمريكيّ، وخلف رايات وشعارات طائفية، ويتولّى الجنرال قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوريّ الإيرانيّ، قيادتها بنفسه؛ كشفت عن وثائق جديدة، أسقطت عنها وكالة المخابرات المركزية الأمريكيّة (CIA) غطاء السرية مؤخّرا، لتُسقط بدورها آخر الأقنعة الزّائفة عن الوجه الحقيقيّ للخمينيّ وثورته، وتكشف عن سعيه الدؤوب للتواصل مع الإدارة الأمريكية، وحرصه على تقديم كافّة الضّمانات لاستمالة الدّعم والتّأييد الأمريكيين، وهو ما حصل فعلا على أرض الواقع، بخلاف ما كانت تروّج له وسائل إعلام الطّرفيين بأنّ الخمينيّ تحدّى العالم الغربيّ بثورته وأنّ أمريكا غير راضية عن هذه الثورة “الإسلاميّة” ولا عن قائدها “المتشدّد” الذي أرهق حنجرتَه بتحدّي أقوى دولة في العالم وملأ الدّنيا بشعاراته المعادية لها!.

الوثائق كشفت أنّ أولى الاتّصالات بين الجانبين كانت في شكل رسالة بعث بها الخمينيّ إلى الرئيس الأمريكي جون كينيدي، عام 1963م، أكّد فيها عدم معارضته للوجود الأمريكيّ في إيران وفي المنطقة، لأنّه –حسبه- ضروريّ لأجل التصدّي للسوفيات، ولأي نفوذ بريطانيّ محتمل.. بعدها بـ15 سنة وخلال إقامته في “نوفل لوشاتو” الفرنسية، بدأ الخمينيّ يتواصل مع إدارة الرّئيس الأمريكيّ جيمي كارتر، وتكثّفت الاتّصالات مطلع العام 1979م، قبل أسابيع من إسقاط الشّاه، من خلال قناة سرية أقرّها كارتر بنفسه، أكّد الخميني من خلالها أنّ “الجمهورية الإسلامية” التي يزمع إعلانها لن تضرّ بمصالح أمريكا الحيوية، وأنّها ستبقى صديقة لها، كما لم ينس الخمينيّ أن يبعث برسائل طمأنة إلى يهود أمريكا تزيل كلّ مخاوف محتملة لديهم على مستقبل إخوانهم في إيران، وهي الرّسالة التي يبدو أنّ إدارة “كارتر” كانت تنتظرها لتأديب شاه إيران الذي أنفق ملايين الدولارات على الحملة الانتخابية التي خاضها مرشّح الجمهوريين “جيرالد فورد” في يناير 1977م ضدّ منافسه “جيمي كارتر”.. الوثائق كشفت أيضا عن إبداء إدارة كارتر تأييدها لمشروع الخميني لإعادة كتابة الدستور الإيراني ومباركتها نظامَ “ولاية الفقيه” الذي كان الخميني يبشّر به وفكرةَ قيام نظام حكم في إيران يعتمد على ثنائية “الملالي والعسكر”.. كما كشفت الوثائق عن التماسٍ وجّهه الخمينيّ إلى إدارة كارتر يطلب من خلاله تعاون واشنطن لإسقاط حكومة رئيس الوزراء “شابور بختيار”، وإبقاء الجيش الإيرانيّ على الحياد، وهو ما حصل بالفعل على أرض الواقع بعد أن كلّف كارتر كلا من السفير الأمريكي في طهران “ويليام ساليفان” والمبعوث العسكري الأمريكي إلى طهران الجنرال “روبرت هايزر” بمهمة بدء المفاوضات بين مساعدي الخميني والجيش الإيراني، وهو ما توّج بتحييد الجيش وضمان عدم وقوفه في وجه الثّوار، بخلاف ما كان يروّج له في وسائل الإعلام بأنّ أمريكا كانت متمسّكة بتأييد حكومة “بختيار” ضدّ الخمينيّ وثورته، وأنّها سعت جاهدة لإفشال الثّورة لكنّها لم تنجح!، وبخلاف ما كانت تصوّره بعض المسرحيات التي حدثت بعد ذلك، على غرار مسرحية الرهائن الأمريكيين، ومسرحية إغلاق السفارة “الإسرائيلية” التي أريد من خلالها التغطية على الصفقات التي حصلت فيما بعد بين الخمينيّ والكيان الصهيونيّ لتزويد إيران بقطع الغيار وبالسلاح الذي تفانت “إسرائيل” في توفيره لنظام “آية الله”! في حربه مع العراق.. لقد حاول نظام الخميني التستّر على هذه الفضيحة، لكنّها كانت أكبر من أن تَخفى، خاصّة بعد سقوط الطائرة الأرجنتينية التي كانت تقلّ السّلاح الموجّه إلى “الجمهورية الإسلاميّة”، واعتراف الطّرف الإسرائيليّ بهذه الصّفقة التي سميت فيما بعد فضيحة “إيران-غيت”.

هذه الوثائق التي كشفت عنها الـBBC ، وإن كانت قد أسقطت آخر أوراق التوت عن علاقة المخادنة القديمة المتجدّدة بين أمريكا وإيران، إلا أنّ مضمونها في المجمل ليس جديدا، لأنّ الحديث عن علاقة الإدارة الأمريكيّة بثورة الخمينيّ كان متداولا منذ سنوات، حيث كانت أجهزة إعلام السوفيات تتحدّث قبيل نجاح الثورة الإيرانية عن سعي أمريكا من خلال جنرالها في إيران “روبرت هايزر” إلى إحداث انقلاب عسكريّ على الشّاه، كما أنّ الرئيس الأول لإيران الخمينية الدكتور أبو الحسن بني صدر (1980- 1981م)، كان –من جانبه- قد كشف في وقت مبكّر هذه الحقائق وغيرها.

يبدو أنّ موسم إلقاء آخر الأقنعة قد بدأ، وبعد أن اختارت أمريكا أن تكشف بعض أوراق اللّعبة، ربّما تُسفر إيران من جانبها –عمّا قريب- عن وجهها الحقيقيّ أمام العالم الإسلاميّ، في غمرة النّشوة التي أخذتها في أعقاب الانتصارات التي حقّقتها مليشياتها التي تخوض معاركها وغزواتها المباركة ضدّ “النّواصب” تحت مظلّة الطّيران الأمريكيّ المبارك، وبمباركة من الإدارة الأمريكيّة التي يبدو أنّها منحت الضّوء الأخضر لإيران لتُحرّك عشرات المليشيات التي تعمل تحت إمرتها في العراق وسوريا، بكلّ حرية، وبعيدا عن أيّ قصف أو إزعاج أو تصنيف في قوائم الإرهاب!.

أحرار الأمّة وشرفاؤها الذين اغتروا بإيران الشيعية الطائفية بدؤوا يعيدون حساباتهم، ويستحضرون محطّات التاريخ القريب والبعيد التي تحالف فيها الشّيعة مع أعداء الأمّة لأجل إقامة كياناتهم الطائفية، أمّا بلاعمة المشروع الطائفيّ الإيرانيّ، فلا شكّ أنّهم سيظلّون في غيّهم يعمهون، ولسان حالهم ((وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِين))!.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!