الرأي

حنون تلتحق بالمعارضين “العارضين”!

قادة بن عمار
  • 2540
  • 4

التوصيف الذي استعملته السيدة لويزة حنون، بخصوص كثرة المبادرات السياسية والحزبية هذه الأيام يبدو صحيحا ومطابقا للواقع، خصوصا حين تتحدث عن معرض تجاري لبيع المبادرات في ظلّ افتقاد أي مشترٍ، لكن هذا التوصيف كان سيكون أكثر انسجاما لو أن السيدة حنون لم تعرض مبادرتها هي الأخرى على السلطة، منخرطة في المعرض ذاته، تحت عنوان “المجلس التأسيسي”!
حنون التي تدافع عن الإرادة الشعبية “المغتصبة منذ الاستقلال وحتى اليوم” كما تقول، لم تسأل نفسها: لماذا شاركت في كل الاستحقاقات الانتخابية، بل وباركتها حتى وهي مهزومة مثلما وقع في الرئاسيات الفارطة؟ أم أن تلك الإرادة الشعبية “المغتصَبة” لا تعاني ولا تئنّ، حين تشارك السيدة حنون في العملية وتبارك المسار؟!
ثم ما فائدة دعوة حزب العمال إلى مبادرةٍ سياسية ومغازلة المواطنين بالوقوف خلفها من خلال جمع توقيعات مليونية إذا كانت حنون تقسِّم هؤلاء المواطنين إلى “ظلاميين” و”متنوِّرين”، وفقا لمعتقدها الإيديولوجي ضيّق الأفق الذي جعلها ترى في مجموعة من المصلين بورقلة “حفنة من الظلاميين الذين يهددون الأمة”؟!
حنون بهذا الكلام تتجاوز حتى أحمد أويحيى الذي وصف، وانطلاقا من موقعه كوزير أول، أولئك الذين منعوا حفلا غنائيا بـ”مثيري الشغب”، وهو توصيفٌ سياسي وقانوني لكنه بعيد تماما عن الواقع الاجتماعي لعدد من المواطنين الذين أحسّوا بالظلم والقهر والإحباط نتيجة محاولاتهم المتكررة تبليغ السلطات العليا في البلاد بما يعيشونه من معاناة مستمرة، ثم لم يجدوا من وسيلة أخرى سوى منع حفل غنائي، وقد نجحوا فعلا في تحقيق الصدى المطلوب إعلاميا وسياسيا، ليس في الجزائر وحسب وإنما حتى خارجها.
وبالعودة إلى مبادرة “المجلس التأسيسي” الذي تنادي به لويزة حنون، فهي تبدو متمسكة جدا بالفكرة، رغم تغيِّر الأزمان واختلاف الرجال وتفاوت المراحل وتباين العهدات، لكن حزب العمال يريد مجلسا تأسيسيا يعيدنا مرة أخرى إلى زمن المراحل الانتقالية، زمن تعوَّدت بعض الأحزاب والشخصيات المسماة “وطنية” على أن تقتات منه، لأنها تحكم من خلاله دون الحاجة إلى تصويتٍ شعبي وصداع رأس، بل إن حنون وأمثالها يراهنون على تدخل الجيش من أجل حماية تلك المرحلة الانتقالية، وهو كلامٌ غير مؤسّس ديمقراطيا ويعيدنا إلى نقطة الصفر، بل إلى المربع الأول الذي اعتقدنا أننا تجاوزناه منذ فترة طويلة ودفعنا في سبيله أموالا طائلة وخسائر لا تُعوّض في الأرواح، ثم كانت النتيجة مشوَّهة أصلا؛ فلا دولة المؤسسات تحققت، ولا الشرعية عادت، ولا الدولة المدنية بجميع أركانها اكتملت.

مقالات ذات صلة