-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خطاب إلى الرئيس المـُنتخب “س18”

عبد الرزاق قسوم
  • 2608
  • 14
خطاب إلى الرئيس المـُنتخب “س18”

أعناق الجزائريين، بمختلف طول قاماتها وقصرها، مشرئبّة، هذه الأيام، متطّلعة إلى فجر اليوم الموعود، يوم الشاهد والمشهود، يوم 18 نيسان 2014م.فالجزائريون على موعد حاسم في هذا اليوم لصنع الغد الأفضل، واختيار الرئيس الأمثل، وإحداث التغيير الأكمل. ففي هذا اليوم ستبيّض وجوه وتسوّد وجوه، ولا ندري أيّ نوع من الوجوه ستبيّض ولا أي نوع من الوجوه ستسود، إنّ حكم التاريخ العادل هو الذي سيفصل في هذا الاختيار.وأيًّا كان حكم التاريخ فإنّ عيون العالم ستظل عالقة بالجزائريين لترى ما نحن فاعلون بوطننا، وصانعون بحكمنا، ومنجزون لشعبنا.إنّ هذا الموعد المصيري لا يتحقق إلاّ كلّ خمس سنوات، وإنّها للفرصة السانحة، ليدخل الشعب الجزائري، عتبة التاريخ من أوسع أبوابه.فكم من الأعداء بنا يتربصون! وكم من الأشقاء علينا يراهنون! وكم من الأصدقاء لنا يحسدون! لقد ظهرت التحديات في البر، والبحر، والجوّ، وأحاط بنا الفساد، والإفساد من كلّ جانب، فهذا سلاح الرشاشات والمتفجرات، وتلك آفات العنف والمخدرات إلى جانب الفتن الطائفية، والمذهبية، وشتّى المؤامرات.

إنّ الرئيس المقبل، الرئيس المنتخب “س” يوم 18 نيسان، سيكون في موقف الاستجابة الكبرى، لتحدٍ أكبر، ومن ثمّ فهو مُطالَب بالكثير من المواصفات والمؤهلات، وحقّ لنا أن نرسل إليه بألوان من الخطابات، وأن نستقبله بالنصح، والموعظة، والأقوال الصالحات.

فيا سيدي الرئيس المـُفترَض! أيًّا كان لونك، وأيًّا كانت قناعتك، ومهما تكن خططك وبرامجك… رجاء اسمع إلى همساتنا، فلا خير فينا إن لم نبح بها ولا خير فيك إن لم تسمعها. وأهمّ هذه الهمسات _من وجهة نظرنا- ما يلي:

 1- نتمنّى أن يكون انتخابك صادرًا عن إرادة شعبية، لا مراء فيها، ولا تزوير، كي تكون الحاكم القدير الذي يستمد شرعيته من إرادة الله، ومن إرادة الشعب، فتقدّم للعالمين درسًا مغايرًا لما تعودوه عنّا، فيتعاملون معك، سيدي الرئيس، ومعنا بكلّ الاحترام المستحق للحاكم والمحكوم.

2-  إنّك يا -سيّدي الرئيس- يجب أن تُدرك بأنّك مُقبل على شعب مهيض الجناح مُثخن بالجراح، مُكبَّل بالعقد والأتراح، وواجبك أن تُضمِّد جراحه، وأن تُزيل أتراحه، وأن تُضاعف أفراحه… وأن تَفك عقده، وتُطلق سراحه.

إنّك ستصطدم بشعب مضعضع الانتماء، فتبدأ بترميم ثقب ذاكرته التاريخية، وإصلاح لغته المرّقعة، المتهرية، وأن تعيده إلى ذاته الأصيلة؛ ذاته العربية الإسلامية.

3-  إنّك ستكتشف -يا سيّدي الرئيس- أنّ هناك أشواكًا في طريقك، تؤذيك وتؤذي السالكين المخلصين من شعبك، فاِقتلع جذورها، واِزرع بدلها ورودًا وأزهارًا، ورياحينًا، من نبتة وطنك، وتربة أرضك، وماء معدنك، ولن تتمكّن من ذلك إلاّ بإحاطتك بالبطانة الناصحة، والمنهجية الناجحة، والعدالة الفالحة، والإدارة الصالحة.

4-  في بلادنا _يا سيّدي الرئيس- مفارقات عجيبة فاقتصادها، على حد تعبير المفكر الإنجليزي “برنارد شو” يعاني غزارة في الإنتاج مع سوء التوزيع.

ولو أتيح لخيرات بلادنا، حكام صالحون لجعلوا من الجزائر المدينة الفاضلة التي رسم معالمها المفكرون، من أمثال الفارابي وابن باديس، والإبراهيمي، وغيرهم.

ولكن يؤلمنا أن نذّكِرك، يا سيّدي الرئيس، أنّ أموال الجزائر صارت في أيدي طغمة فاسدة مفسدة، يجب الضرب على أيديها بالعدل، وتقديم الطريق الأمثل لها ولأمثالها، بالقدوة الحسنة وبالقول والفعل.

5-  أنت مدعو، يا سيّدي الرئيس، أن تعيد النظر في هذه المنهجية السياسية المتوّحشة التي لا تراعي إلاّ ولا ذمّة في الوطنية والوطنيين، فتعيد خارطة الحريّة السياسية على أساس الوطنية الصادقة، والكفاءة الثقافية الشاهدة، والنـزاهة الخلقية الثابتة.

إنّ الأمانة السياسية حمل ثقيل، مثله مثل الأمانة الدينية، والأمانة العلمية، وليس بمتاح أن يتولاها إلا من يملك المؤهل الحقيقي لذلك، لأنّها مسؤولية جماعية، إذ أخطأ المسؤول فيها انعكس خطأه على المجتمع بأكمله.

6-  وأخيرًا، يا سيّدي الرئيس المنتخب، لقد أصبحت في موقف يجب أن ينأى بك عن كلّ أنواع الحقد والضغينة، ويترّفع عن كلّ ألوان الانتقام والرذيلة، فالجزائر وطن الجميع ويجب أن لا يقصي منها إلا من أبى، فليتعاون على تشييدها وبنائها الجميع، وتذكّر بأنّها لو دامت لغيرك ما آلت إليك…

إنّنا نتوق، مثلك، ومثل كلّ المخلصين من أبناء الجزائر إلى أن عهدا جديدا يجب أن يبزغ على الجزائر، تستعيد فيه عافيتها، وتصدر فيها عفوها، وتعيد الأمل إلى كلّ بائس أو يائس، من مستقبل الوطن.

كفى الجزائري ما عانى من بأس وبؤس، وفي بلاده من الطاقات والخيرات ما يحقق الأمل، ويدعو إلى العمل.

وأيًّا كان الناجح -بحق الانتخاب- دون تبذير للطاقات أو تزوير للإرادات، فهو ابن الجزائر الذي ندعو الله له بالثبات وحسن النيات ليسير على الصالح من المبادئ وحسن الخيارات.

مقالات ذات صلة
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • عبد الله

    إلى صاحب التعليق رقم 06 ملاد الجزائري أحسن الله إليك على تعليقك الطيب النابع عن فقه ووعي فأضم صوتي إلى صوتك مع إضافة هذه الفائدة لمعرفة العدو الحقيقي لأمتنا وقال زيد بن أَسْلَم: مرشَاس بن قيس اليهودي - وكان شيخاً فدعَا في الجاهلية، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم - على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الأوس والخزرج في مجلس [قد] جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم وَأُلْفَتِهِمْ، وصلاح ذات بينهم في الإسلام، بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة، فقال: قد اجتمع مَلأ بني قَيْلَةَ بهذه البلاد، لا والله ما لنا

  • محمد ب

    الرجاء إدراج قبل8:يا صاحب الأماني أعطف عليك لأنك ترى أو تتصور خيرا في من يريدون إخضاعنا لحكمهم.لا أعادي أحدا منهم ‏ولكنني لا أشارك في انتخاب كل شيء فيه كذب وتحايل.ماذا نعرف عن خصال كل واحد منهم لا شيء سوى أنه ‏يريد أن يسرق منا صوتنا بالمجان ولا يتقرب من الجمهور إلا بمناسبة الحملة الانتخابية.هل سبق لأحدهم أن ‏أنجز عملا خيريا أو برز بنجاحه في وظيفته أو قاد مصنعا للقضاء على البطالة أو بنى عمارة أسكن فيها ‏المحتاجين من البسطاء أو تصدق بالحلال على المعوزين أو أمد الأجيال الصاعدة ببحوثه العلمية...يتبع

  • هداج

    جزاك الله خير سيدي الكريم
    النصح النصح النصح يا سيدي الكريم. إن الجزائر بحاجة ماسة لإعادة الدور الحقيقي لجمعية العلماء المسلين ورد الإعتبار لها، حان الوقت أن تفرضوا وجودكم بقوة الحكمة والموعظة الحسنة

  • بدون اسم

    مسكينة هذه البلاد فيها من أمثالك الكثير

  • انس

    جزاك الله خيرا

  • محمد ب

    تابع...ترى يا سيدي أن صوتي ليس رخيصا لأكافئ به السفهاء وحتى المشاركة بالبياض يستغلها الماكرون ككونها ‏قبول الوضعية السياسية السائدة.إن هؤلاء الصعاليك وأنا ممتنع عن شتم أحد منهم ليسوا أهلا لأخرج من بيتي من ‏أجلهم.حين يغمر البلد منعدمو الأخلاق فعلى العاقل أن يقضي وقته الثمين في تلاوة الكتب التي لا يجد فيها إلى ‏الخير. ‏

  • محمد ب

    تابع...أو ناضل في وسط المجتمع.حتى الرئيس الحالي يلتصق بعرش كان عهده فترة انتشار الفساد وسرقة أموال ‏وممتلكات الدولة وظهور طبقة من الصعاليك أقاموا ثروات من الحرام وتفككت مؤسسات الدولة وانتشرت فئات ‏متعادية عمادها الجهوية والعنصرية والجهل ورذالة الأخلاق وسيطرة القوي على الضعيف وعداوة اللغة العربية ‏والإسلام والخضوع للدول الاستعمارية وبطانة سوء تكره الشعب الجزائري.ومع هذا لا أنكر لهذا الرئيس خصلة ‏أفاد بها البلاد حين أخرجها من الحرب الأهلية.لكن الحق يقال أنه يستحيل عليه مواصلة عمله لصالح الوطن.....

  • zizou

    رسالتك وصلت، فهي لا طعم لها ولا لون ولا رائحة وما فهمناه منها انك تريد منصب وزير الشؤون الدينية في الحكومة المقبلة . يا و فاقو بيك

  • ملاد الجزائري

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    ** عن تميم بن أوس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه البخاري ومسلم .
    * شكرا شيخنا الفاضل ( الدكتور عبد الرزاق قسوم) على هذه النصائح القيمة الموجهة لرئيسنا المرتقب ، أعانه الله على حمل الأمانة في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الجزائر والعالم.
    اللهم احفظ الجزائر من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، واحفظها في وحدتها وأمنها وخيراتها وشموخها ، آمين

  • حيمد بلال

    خطاب كاف و شاف من رئيس لجمعية العلماء الجزائريين و لمثله يجب أن يسمع اركان النظام إن كانوا يفقهون.

  • hafoud elmahfoud

    كلام بليغ لو كانوا يفقهون،ولكن أرى يا استاذ أنك تكتب لمن لا يقرأ ،وحتى لو قرأ لا يفهم ،وإذا فهم لا يطبق. إننا نرى بأم العين قرب قيام الساعة لأن الأمر في هذه البلاد أسند لغير أهله !.

  • محمود

    الشعب الجزائري ليس مجروحا و ليس بالقتامة التي تصورون.. لقد تجاوز مرحلة المحنة و الآهات و ما هذا الذي نعيشه إلا احتقان مفتعل ناتج عن خطاب غير مسؤول من أشباه سياسيين مرضى..يتسلقون للحكم ليس بالعقل و المنطق و المصلحة العامة بل بالتهييج و التحريض و قرع طبول الحرب لأعداء افتراضيين حتى يمروا فاعادونا إلى خطاب السنوات العجاف بالتسعينات .هذه ليست ديمقراطية بل فوضى وانحدار للأخلاق من رجال يفترض أن يكونوا رمزا للحكمة و المصالحة بين أفراد الشعب وانا لا أستثني أحدا إلا من رحم ربك من المعارضين و البعض داخل ا

  • احمد البعث

    اللهم اشهد أنّ الرجل،عبد الرزاق قسّوم، قد بلّغ، ونصح للأمة، فيسّر لكلماته أذانا سامعة وقلوبا باصرة،ونية صادقة وعقلا مفكرا ويدا عاملة.اللهم إنك سميع الدعاء فاسمعنا.

  • صاحب حق

    قولوا بصراحة حتى تحفظو صورة ابن باديس
    الرئيس المعين لا المنتخب ، الشعب لا يصوت
    وسترى يومها......