-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خطايا أوروبا العجوز في حق افريقيا الفتية

حبيب راشدين
  • 934
  • 1
خطايا أوروبا العجوز في حق افريقيا الفتية

في لعبة الأمم القادمة في منطقة شمال افريقيا والساحل، لا ينبغي أن نعول كثيرا على دور أوروبي وازن مبتكر يمنح القارة السمراء فرصة الافلات من مواجهة ثنائية خطرة بين الولايات المتحدة والصين، هذا ما توحي به زيارة الدولة  الفاشلة للمستشارة الألمانية، وما تراكمه فرنسا من اخطاء قاتلة مع دول شمال افريقيا ومع الجزائر التي لم تكن تعارض مبدئيا حضور لاعب ثالث قوي بحجم الاتحاد الأوروبي كشريك، متى تخلصت نخبه من العقد الاستعمارية، واجتهدت لتحرير علاقاته مع الأفارقة من أسطورة “حق التدخل الإنساني” تحت راية حقوق الإنسان الكاذبة.

فمن غير المفهوم أن يَعلَق الاتحاد الأوروبي في ملف ثانوي مثل ملف الهجرة الذي تتحمل فيه بعض دول الاتحاد الأوروبي مسؤولية تاريخية قبل وبعد أفول الحقبة الاستعمارية، ثم لا يسارع إلى البحث عن حلول براغماتية منصفة مع الأفارقة، بدل هذا الخطاب العنصري الذي بلغ على لسان وزير الداخلية الإيطالي حد تشبيه المهاجرين الأفارقة بالعبيد، وما صدر عن السيدة ميركل من كلام مستفز حيال حفنة من المهاجرين الجزائريين، أو ما يصدر عن المؤسسات الفرنسية من سياسات لا تختلف كثيرا عن سياساتها ابان الحقبة الاستعمارية.

فعلى مستوى العلاقات الثنائية بين فرنسا ودول شمال افريقيا، لا يبدو أن فرنسا تبحث عن شركاء انداد، لها معهم مصالح كثيرة قابلة للتطوير رغم الارث الاستعماري وثقل ذاكرة مكلومة، بل نراها تصر على اللعب بالمتناقضات والخلافات الجزائرية المغربية لإذكائها وشحنها، وتنشط في السر والعلانية لتخريب مسارات التسوية في ليبيا، وتدير جبهة نار مفتوحة بمالي ودول الساحل، تمنع عن بلد مثل الجزائر ان يراهن على فرص تطوير علاقات مع هذه القوى الاستعمارية التي لم تغادر قواتها القارة منذ نهاية الحقبة الاستعمارية.

على الضفة الأخرى يبدو أن مسؤولية تردي العلاقات بين الجزائر وفرنسا وتراجع فرص تطويرها، إنما تتحملها النخبة الحاكمة في الجزائر الوافدة من حقبة ” حرب الجزائر” والتي ” هي بحاجة دائمة إلى دعم شرعيتها باستغلال المشاعر تجاه المستعمر القديم” هذا ما قاله السفير الفرنسي السابق في الجزائر والمدير السابق لمصلحة الاستخبارات الفرنسية (DGSE) السيد بيرنار باجوليه، الذي أورد سببا آخر (في حوار له مع لوفيغارو بتاريخ 21 سبتمبر) زعم فيه ان “ما يعيق اليوم تطوير العلاقات بين البلدين هو الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة التي تمنع استشراف أي تغيير في هذه المرحلة الانتقالية”

هذا كلام رجل كان إلى عهد قريب يمثل عين وأذن ولسان الدولة الفرنسية بالجزائر، وهو ينقل لنا اليوم ما علمه من تقدير أرباب الدولة الفرنسية لمعوقات تطوير العلاقات بين البلدين، يمنع ان نراهن على حصول تغيير في الموقف الفرنسي الذي يستعد لاتخاذ اجراءات تاريخية في ملف “الحركى” قد تعيد اشعال فتيل معارك الذاكرة بين البلدين، يذكيها تعامل فرنسا الانتقائي حيال فتح أرشيف الحقبة الاستعمارية.

والحال قد يحسن بنا في دول شمال افريقيا، أن نخرج من حساباتنا التعويل على سياسة بديلة لجار أوروبي لا تمتلك نخبه الحاكمة إرادة التحرر من الاملاءات الأمريكية التي استدرجته للعب دور المناول الغبي، سواء في مسلسل تفكيك ليبيا، أو في إدارة وتمويل حرب مستدامة بدول الساحل تخدم فقط مصالح الولايات المتحدة، التي لم يتردد رئيسها في اقتراح بناء جدار عزل عنصري مع الأفارقة يشيد على تخوم الصحراء الكبرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • elarabi ahmed

    ستبقى مشاكل شمال افريقيا دائما وتتحكم فيها الدول الاستعمارية وخصوصا المغرب الكبير بسبب الحدود التى صنعتها .فهناك ملفات حدودية بيد فرنسا واسبانيا تستعمل عند الحاجة .
    شعار هم هو الخنوع والخظوع أو التفتت والتشردم .