-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وسط‭ ‬حراك‭ ‬الأحزاب‭ ‬والقوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭

خيارات‭ ‬الساعة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬تونس

صالح عوض
  • 5365
  • 1
خيارات‭ ‬الساعة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬تونس

كل ما يجري الآن في تونس يثير الانتباه واليقظة، ويفتح أبواب التحليل على أكثر من مستوى.. فالوضع لايزال يكتنفه بعض الغموض ولسان حاله بوضوح أن النجاح في إسقاط الطاغية لا يعني انتهاء المشكلة مع النظام.

  • ونريد ان نخصص الحديث هنا عن الانفلات السياسي في تونس وفقدان المرجعية والبرنامج حتى الساعة عن مسرح الاحداث، وهذا دون  شك يعتبر احد اخطر ما يواجه انتفاضة الشعب التونسي.. فبعد ان خلع الرئيس من قبل الجيش التونسي، لم يخرج من تونس الا بعد ان هيأ اوضاعا امنية، من شأنها ارباك الساحة، كما اعترف بذلك مسؤولون أمنيون تونسيون سابقون، وصل الحد بها الى تجهيز800 سيارة مفخخة.. كما تم وضع خطط لإرهاق الشعب واغراقه في المجاعة والعوز .. كل هذا سهل مع صعوبته وخطورته لأن الأصعب منه هو مايبدو في الأفق كمناورة سياسية تتولد على ايادي‭ ‬النظام‭ ‬المترنح‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬معدل‭ ‬بطبعة‭ ‬جديدة‭ ‬يكرر‭ ‬المأساة‭ ‬ويجتر‭ ‬السياسات‭ ‬السابقة‭.‬
  • ولهذه المخاوف مبررات مشروعة، اولها طبيعة الموقف الدولي الذي غطى الانتفاضة وافسح لها المجال في وسائل الاعلام، حيث لا يمكن اعتبار ان هناك حيادية في الموقف الغربي والامريكي بالذات، فضلا عن عدم المعاداة لشعوبنا وخياراتها ولاداعي للتذكير بالمواقف العديدة التي اتخذها الغرب ضد خيارات الشعوب العربية والاسلامية، عندما حصلت فيها اتخابات.. ومن هنا بالضبط يجب عدم الثقة في الموقف الغربي المنافق الذي كان يغطي جرائم زين العابدين سنوات عديدة.. بل لابد من النظر بريبة الى الموقف الغربي المشيد بخيارات الشعب التونسي وهنا يكون الحذر‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬مشروعا‭ ‬بل‭ ‬ضروريا‭ ‬وواجبا‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬هذه‭ ‬الايام‭.‬
  • وعلى الصعيد الاقليمي، كسبت ثورة الشعب التونسي سريعا عدوا اقليميا واجهها بقوة وعنف ،انه الجار الليبي الذي أدان ما تم في تونس من ازالة زين العابدين من الحكم، وبشر تونس بالفوضى والتمزق والتلاشي والمستقبل الأسود.. ولقد جاء هذا القول من اصحاب قرار وليس من اصحاب قلم او راي.. ولهذا لابد من وضعه في سياقه الذي يعني ان معاناة ستلحق بالتونسيين، قد لاتكون ابلغها طرد العمال التونسيين من ليبيا واغلاق الحدود، الأمر الذي يرهق البلد بتحد جديد فوق ازماته الخانقة..
  • وعلى الصعيد المحلي، هناك تحد سياسي كبير، يتمثل في أن النظام المترنح يحاول التماسك من خلال مناورات سياسية، قد تعيد له الوقوف لينقض على الشعب ويفتك بطلائعه، كما كان يفعل دوما.. وهنا لا براءة في تدخل الجيش ولا يمكن النظر اليه على انه انحياز لخيارات الشعب بمقدار ما هو حسابات داخل اركان النظام.. وانه لمن اللافت عدم اصدار موقف عن الجيش يحدد مهمته وخطته حتى الآن فيما يقوم به بعد ان تحول الى المتنفذ بأمره فكان من المنتظر.. ويتكامل المشهد عندما نرى هذا الالتفاف حول الثورة بتشكيل حكومة من النظام السابق وبعض القوى السياسية التونسية المعارضة في ظل رفض قوى سياسية اخرى، بل ورفض القطاعات الواسعة من الشعب التونسي لحكومة تشمل ايا من رموز النظام السابق، وهنا تصبح ضمانات استمرار الثورة على الصعيد السياسي محدودة بعد ان تجمدت القوى السياسية المعارضة في نقطة الدهشة والخطاب الاجتراري،‭ ‬دونما‭ ‬تقدم‭ ‬عملي‭ ‬لملء‭ ‬الفراغ‭ ‬السياسي،‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الساعات‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة‭ ‬زمنا‭ ‬حاسما‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬وجهة‭ ‬مسيرة‭ ‬كفاح‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭.‬
  • وكما قلت بالأمس ان النقابات التونسية انجزت اكثر مما كان متوقعا معها واوصلت الثورة الى بيوت السياسيين على كف الراحة، ليحملوا الراية، الا ان الصدمة التي منيت بها الاحزاب المعارضة جميعا افقدتها المرونة الكافية على التقدم لوضع تصور للاستمرار بالثورة نحو غاياتها،‮ ‬فهل‭ ‬يعقل‭ ‬ان‭ ‬تستمر‭ ‬ثورة‭ ‬لعدة‭ ‬ايام‭ ‬دونما‭ ‬قيادة‭ ‬لها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تتحرك‭ ‬مؤسسة‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬ورموزه‭ ‬لتوليد‭ ‬وضعية‭ ‬جديدة‭ ‬محمية‭ ‬بالتفجيرات‭ ‬والقوة‭ ‬الأمنية‭ ‬والتجويع‭ ‬والوضع‭ ‬الاقليمي‭ ‬والتوجه‭ ‬الغربي؟
  • ان التحرك اصبح اكثر من حيوي للثورة التونسية، على صعيد تشكيل مجلس انقاذ وطني ينتشل الوضع من المستقع، ويقطع الطريق على مؤسسات النظام ومخططاتها ويضع برنامجا مرحليا تتواضع عليه كل الاحزاب التونسية والنقابات والشخصيات المحترمة ذات الاختصاص، وفي هذا البرنامج يتم تعيين ناطقين رسميين وتحديد تواريخ للانتخابات واعادة صياغة الدستور بما يتناسب مع روح الشعب وثورته.. ويقوم في نفس الوقت بملاحقة النظام واركانه والطلب رسميا باستجلاب الفارين من اللصوص والقتلة أينما كانوا.. ان الثورة بحاجة الى تتويج بفعل يجني ثمرة كفاحها لا ان تبقى الاحزاب التونسية، لاسيما المهاجرة الى اجترار الحديث عن الشعب العظيم وجرائم زين العابدين.. ان هناك عملا كبيرا لابد من القيام به محليا واقليميا ودوليا، وهذا كله لا يتوفر الا على ارضية الحسم في الوضع الداخلي بتشكيل مرجعية للثورة والدولة والنظام تصاغ على‭ ‬عينها‭ ‬المؤسسات‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬خبرات‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬غير‭ ‬المدنسة‭ ‬بقتل‭ ‬وسرقة‭.‬
  • ان الثورة التونسية العظيمة تجتاز الآن عنق الزجاجة.. والأعداء التاريخيون للأمة لايريدون ان يكون ذلك انتصارا للأمة وهويتها وشخصيتها وكرامتها.. ويشترك معهم معظم النظام العربي الذي يرى في نجاح النموذج التونسي خطرا يتهدد عروشهم، لذا فإن الخطر الداهم آت من كل صوب،‮ ‬واليقظة‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬بل‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬عملية‭ ‬تحدد‭ ‬مهمات‭ ‬ومراحل‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭.‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • algeria

    اللعاب حميدة والرشام حميدة كما يقول المثل الجزائري