-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

داء‮ ‬الاستبداد‮ ‬السياسي‮.. ‬ودواؤه

داء‮ ‬الاستبداد‮ ‬السياسي‮.. ‬ودواؤه

‭ ‬لم أكن أظن بأني سأعيد قراءة كتاب “طبائع الاستبداد ومعالم الاستعباد” لعبد الرحمن الكواكبي كما طلب مني الناشر الشاب منير بن مهيدي صاحب دار جسور ذلك، عندما راسلني في 04 من شهر فبراير الماضي يقول “نحن في حاجة إلى إعادة نشرهذا الكتاب مع قراءة جديدة له من قبلكم تتماشى وواقعنا الحالي في نطاق مشروع الأمة النهضوي الذي مافتئتم تدعون إليه منذ عقود…” حتى إذا حدث ما حدث بمصر من انقلاب على الشرعية، وظلم واستبداد لا شك فيه، بدت لي مثل هذه القراءة الجديدة أكثر من ضرورة…

لقد كتب الكواكبي كتابه في مصر، سنة 1902 وفي مصر اليوم يعود الاستبداد بعد أكثر من قرن من الزمن. كتبه للإجابة عن سؤال مركزي كانت تطرحه الأمة في القرن التاسع عشر: ما هو داء الشرق وما هو دواؤه؟ (ومازال مطروحا إلى اليوم)… وقد أجاب الكواكبي إجابة شافية كافية عن‮ ‬هذا‮ ‬السؤال،‮ ‬ومازالت‮ ‬كذلك‮ ‬أيضا‮ ‬إلى‮ ‬اليوم‮.. ‬بالقول‮:‬

 

‮”‬أن‮ ‬أصل‮ ‬الداء‮ ‬في‮ ‬الأمة‮ ‬هو‮ “‬الاستبداد‮ ‬السياسي‮”‬‭. ‬ومصدر‮ ‬الدواء‮ ‬هو‮ “‬الشورى‮ ‬الدستورية‮”‬‭.‬

وأضاف‮ ‬محللا‮: ‬أن‮ ‬هذا‮ ‬الأصل،‮ ‬أي‮ ‬الاستبداد‮ ‬السياسي‮ ‬هو‮ ‬الذي‮ ‬يشوه‮ ‬الدين،‮ ‬وهو‮ ‬الذي‮ ‬يشوه‮ ‬العلم،‮ ‬وهو‮ ‬الذي‮ ‬يشوه‮ ‬المجد،‮ ‬وهو‮ ‬الذي‮ ‬يشوه‮ ‬الأخلاق‮ ‬والتربية‮ ‬والعمران‮… ‬

وأنه‮ ‬هو‮ ‬الذي‮ ‬ينتج‮ ‬الأسرى‮ ‬والمستصغرين،‮ ‬والبؤساء،‮ ‬والمستنبتين‮ (‬يعيشون‮ ‬كالنبات‮ ‬أو‮ ‬كما‮ ‬نقول‮ ‬نحن‮ ‬اليوم‮ ‬بالعامية‮ ‬يجعل‮ ‬من‮ ‬الناس‮ ‬حشيشة‮ ‬طالبة‮ ‬معيشة‮)‬

وأنه‮ ‬هو‮ ‬الذي‮ ‬عندما‮ ‬يصل‮ ‬إلى‮ ‬مرتبة‮ ‬يصبح‮ ‬معها‮ ‬التعوذ‮ ‬من‮ ‬الشيطان‮ ‬الرجيم

واجبا، هذه المرتبة هي “حكومة الفرد المطلق، الوارث للعرش، القائد للجيش، الحائز على سلطة دينية” ولعلها هي بالذات التي وصلت إليها مصر اليوم، فالحاكم: يريد أن يمثل الفرد المطلق ولو من خلف الستار، ويريد أن يرث العرش الذي أسقطته الجماهير، ويريد أن يقود الجيش بلا‮ ‬منازع،‮ ‬ويريد‮ ‬أن‮ ‬يحوز‮ ‬السلطة‮ ‬الدينية‮ ‬بوضع‮ ‬شيخ‮ ‬الأزهر‮ ‬على‮ ‬يمينه‮ ‬وبابا‮ ‬الكنيسة‮ ‬على‮ ‬يساره‮..‬

أليست‮ ‬هذه‮ ‬هي‮ ‬الصورة‮ ‬التي‮ ‬بدت‮ ‬لنا‮ ‬يوم‮ ‬الانقلاب‮ ‬على‮ ‬الشرعية؟

بلى إنها كذلك، وليس أمامنا سوى أن نتعوذ بها من الشيطان الرجيم، لأنها كصورة استبداد سياسي ستنعكس على الدين وعلى الحياة العامة بمختلف جوانبها، وعندها لن تنفع الأموال المتدفقة من بلدان العرب والعجم لعلاج داء الشرق المستفحل، لأن وصفة العلاج ليست سوى الشورى الدستورية،‮ ‬والشورى‮ ‬الدستورية‮ ‬لا‮ ‬تعني‮ ‬سوى‮ ‬الاعتراف‮ ‬بالشرعية‮ ‬والعودة‮ ‬إلى‮ ‬وضع‮ ‬ما‮ ‬قبل‮ ‬الانقلاب‮..‬

وما‮ ‬لم‮ ‬يتم‮ ‬ذلك‮ ‬فإن‮ ‬داء‮ ‬الشرق‮ ‬سيستمر،‮ ‬والعياذ‮ ‬بالله‮…‬

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • محمود

    كلنا نعرف الدواء لكننا لا نتناوله.الشه فينا.