الرأي

“داعية”.. إلى الباطل

ح.م

الشريط المتداوَل لمن تم تسميته بـ”الداعية” وسيم يوسف، وهو يقدِّم تفسيرا لمآثر اليهود حسب التوراة المحرَّفة، وما قدّموه للبشرية من فضائل، وينصح بحماس إلى ضرورة إقامة “السلام” مع الكيان الصهيوني، ويعدّد “محاسنهم” ويذكرهم بخير، حتى كاد يورّثهم، يدعو إلى ضرورة تغيير الكثير من المصطلحات الإسلامية المبتدَعة، التي راحت تسمّي هذا بـ”الداعية” وذاك بـ”فضيلة الشيخ” وتمنح الدكتوراه وحتى العصمة لبعضهم، وتحذِّر الأمة من انتقاد من تسمِّيهم “علماءها”، وتصف لحومهم بـ”المسمومة”، وتُنزلهم منزلة الأنبياء، وتصطفّ من حولهم وتضحّي في سبيلهم بالأموال والأنفس.

كشفت الأحداث الحاسمة والحروب من زمن كامب ديفيد إلى الربيع العربي والتطبيع الأخير مع الكيان الصهيوني، الوجه الحقيقي للكثير من الذين عُرفوا باسم الدعاة والعلماء. فقد حيا الأزهر الشريف بكل علمائه إقدام الرئيس المصري الراحل أنور السادات على مدّ يده لمناحيم بيغن، وهم أنفسهم الذين تقمَّصوا دور سعد بن أبي وقاص وشرحبيل بن حسنة والمثنى بن حارثة، عندما كان السادات يتقدَّم في حرب العبور تحت صيحات الله أكبر، وتصادم العلماء في زمن احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان، بين من أخاط أكفاناً وسلّمها للشباب ليستشهدوا في ساحة الحرب على الشيوعية، ومن اعتبر الأمر شأنا بعيدا لا يعنيه، وتعادوا في الرأي حول الثورة الإيرانية بين من باركها واعتبرها إضافة للإسلام، ومن كفّر الشيعة وصار يعلنها صراحة بأن أشد الناس عداوة للذين آمنوا هم الشيعة، وكل سني لا يُكفِّر الإثنى عشرية، وبلغوا درجة الفتنة بعد اندلاع ما سُمي بـ”الربيع العربي”، حتى وصلنا إلى درجة أن تشفّى عالمٌ كبيرٌ جاوز سنُّه الثمانين في مقتل عالم  كبير، ناهز الثمانين، وكانا على مدار أكثر من نصف قرن يجوبان العالم سويا، ويحاضران في سماحة الإسلام وأخوَّته، وبعد أن مدّ بعض المسلمين أيديهم للصهاينة، ظهر نوعٌ آخر من “العلماء” و”الدعاة”، من الذين  نافسوا أحبار اليهود في الانتصار للصهيونية وتحميل الفلسطينيين كل الموبقات والمظالم، التي حدثت في المنطقة وفي العالم بأسره.

يجلس بعض المسلمين البسطاء الآن، وهم يعدّون ملايين الشباب الذين هلكوا في حروب لا تعني بلدانهم، ولا أمَّتهم، بدفع من فتوى “عالم” كان يأخذ أمره من زعيمه التابع للولايات المتحدة الأمريكية وربَّما لإسرائيل، ويحصون اليتامى والثكالى الذين غرقوا في الفتن التي قسَّمت المسلمين طوائف وشِيَعاً، ثم يلتفتون إلى من ظنّوهم نبراس حياتهم وأخراهم، فيكتشفون “أنانيتهم” و”خضوعهم” لولاة أمورهم طائعين المخلوق وعاصين الخالق، ونتساءل عن دور هذه الجامعات والمعاهد الإسلامية التي تضخُّ سنويا “علماء” برتبة دكتور وبروفيسور في الشريعة والفقه والسيرة والحديث، وهو لا يستطيع حتى أن يقول كلمة حق في حضرة سلطان جائر، أو حتى بينه وبين نفسه.

إلى زمن قريب كان يؤلمنا تهريجُ بعض الأئمَّة وهم يفتون في رضاعة كبير السن ومشاهدة “البوكيمون”، لكن أن يصل الأمر إلى ارتداء قبعة “الكبّة” اليهودية مثل أحبارهم ومنحهم العزّة كاملة، فهذا يعني أننا في زمن أسوأ من زمن الردّة ومسيلمة الكذاب وسجاح بنت الحارث التميمية والأسود العنسي!

مقالات ذات صلة