-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دفاعا عن حقوق الإنسان.. وعن وجهة نظر الشيخ عبد الرحمن شيبان في عقوبة الإعدام

‬فوزي أوصديق
  • 6041
  • 0
دفاعا عن حقوق الإنسان.. وعن وجهة نظر الشيخ عبد الرحمن شيبان في عقوبة الإعدام

بداية لن أكتب هذه المقالة من باب الرد.. والرد المضاد.. أو الدفاع عن شخص ولكن من باب حرية الرأي والرأي الآخر المخالف… بعيدا عن كل انفعالية وعاطفية أو ديماغوجية.. فعقوبة الإعدام هي من أحدّ الحدود الرئيسية في الإسلام وهو ما يعرف بحد القصاص، فالمادة الثانية من الدستور تنص حرفيا أن الإسلام دين الدولة، وعلية يلتزم القاضي والمشرّع بروح ومنطوق النص فيسير على هديه وكل من يخالفه يتناقض مع كل من الدستور والشريعة..

  • علما أن هذا الجدال بين التثبيت والإبقاء لعقوبة الإعدام.. جدال قائم منذ القديم بين الفلاسفة وفقهاء القانون وعلماء الاجتماع وغيرهم.. فحتى أثناء مناقشته القرار غير الالزامى من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجميد تنفيذ أحكام الإعدام تمهيدا لالغائها تماما بتاريخ 20 ديسمبر 2006 انقسم المجتمع الدولي، فقد تم اعتماده بموافقة 104 دول.. ومعارضة 54 دولة.. وامتناع 29 دولة عضوا.
  •  
  • فعلا هذه العقوبة، البعض قد يراها قاسية وسالبة لأقدس حقوق الإنسان وهو حق الحياة، فلا يمكن إصلاح الخطأ بمصادرة حياة الأفراد وذلك بارتكاب خطإ أكبر.. والبعض الآخر يعتبر أن حالات الخطإ قد تكون منعدمة في الإعدام، لأن القضاة يتحرجون من الحكم بها ما لم تكن أدلة الاتهام خارقة، وذلك ما أراد توضيحه فضيلة الشيخ عبد رحمان شيبان. ففلسفة وروح الشريعة الإسلامية تقتضي ذلك، فالشريعة انتهجت مذهبا وسطا بين الرافضين والمؤيدين.. لا إفراط ولا تفريط.. فهي لا ترى إلغاء عقوبة الإعدام دائما ولا هي ترى الإبقاء عليها دائما.. لأن الإعدام، كإزهاق روح إنسان حي، أمر مقصود به في الواقع إرواء عاطفة الانتقام في نفوس أولياء الدم وإطفاء نار الحقد عندهم.. فهو عقوبة فيها معنى الجبر والمماثلة فإذا صَفَت نفوس أولياء الدم واستراحت ضمائرهم كانت عقوبة الإعدام في ذاتها قاسية ولم تعد تحقق الغرض منها وكان الأولى فيها أي عقوبة أخرى..
  •  
  • فبعض جمهور الفقهاء ذهب أن القتل يبيح دم القاتل إلا ولي القتيل، فإذا جاء أجنبي فقتل القاتل ولو بعد الحكم علية بالقصاص فقد ارتكب جريمة قتل معتمد، لأنه قتل شخصا معصوم الدم في حقه ولأن من المحتمل أن يعفو ولي الدم على المحكوم عليه، فيمتنع تنفيذ الحكم.. ولذلك أقولها، بموضوعية وتجرد من خلفيتنا الفكرية، معالجة (عقوبة الإعدام) لا تكون على أساس نظرة إيديولوجية أو فكرية.. بقدر ما ينظر إليها أنها ثابت من ثوابت الأمة الجزائرية.. فتثبيت خصوصيتنا.. ذلك ليس عيبا في ثقافة حقوق الإنسان، وعلى أساسه وجدت العديد من الاتفاقيات الإقليمية وتحفظات الدول على بعض البنود.. بل بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان وسنغافورة والكثير من الدول الإسلامية وبعض الدول النامية ضد القرار غير الإلزامي الصادر بتاريخ 2006  والذي ينص أن تطبيق (عقوبة الإعدام) يمس الكرامة الإنسانية وأنه لا توجد أدلة دامغه بأن لهذه العقوبة تأثير رادع وأن أي خطإ قضائي في تطبيقها لا يمكن العودة عنه وإصلاحه..
  •  
  • وإنني قد أتوقف عن مبدإ تطبيق العقوبة، فالبعض اختلط عليه بين المبدإ والتطبيقات البشرية للمبدإ.. فالمبدأ قائم شرعا.. والحكمة تقتضي تقليصه إلى أبعد الحدود.. ولكن الممارسة قد تسيء للمبدإ القار في وجدان الأمة الإسلامية.. لذلك لا يجب الخلط بين الثوابت والتجارب البشرية.. بل قرأنا أن البعض ذهب لكي يأمر القضاة بعدم استعمال هذا الحق القانوني.. ونسي أن الدستور الجزائري يضمن استقلالية القضاء وأن القاضي لا يخضع إلا لضميره وما تملية علية القوانين..!!
  •  
  • فمسألة عقوبة الإعدام في العالم هي من أهم موضوعات العولمة الثقافية المطروحة للنقاش، حيث العالم ينقسم ـ فيها فكريا وثقافيا وسياسيا وفلسفيا وإعلاميا.. كما أن البعض من مدافعينا عن حقوق الإنسان.. قد يستعملها للإثارة والظهور على حساب الشريعة الإسلامية الغراء.. إن المسلمين عامة والعرب خاصة ليسوا وحدهم في المواجهة المتعلقة بعقوبة الإعدام، ففي هذه القضية يقف الغرب في مواجهة الغرب وتنقسم الدول الصناعية المتقدمة على نفسها ونجد الدول العربية تقف في هذه المسألة مع بعض العالم ضد بعضه الآخر.. فالشريعة الإسلامية ـ كما قلتها سابقا ـ تقوم على أساس مدنية حضارية متميزة وتختلف اختلافا جوهريا في منطلقاتها وفلسفتها.. كما أن الشيخ شيبان ـ وحسب ما فهمت من البيان والجدال الذي صاحبه ـ أن تطبيق هذه العقوبة على الجرائم السياسية يتنفي كليا مع مبدإ إقرارها في الإسلام.. فالإسلام يحترم النفس الإنسانية ولا يفرق في ذلك بين نفس الطفل الوليد والرجل العتيد.. ويهدف الإسلام إلى حماية النفس الإنسانية وإلى رحمتها..
  • لذلك أقلها وأكررها.. يجب أن يكون نقاش هادئ هادف… وإن الاختلاف لا يفسد القضية ولكن في إطار ثوابت الأمة المتعارف عليها. 
  • oussedik@hotmail.com 

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!