-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دموع متحزّبة

سلطان بركاني
  • 1684
  • 0
دموع متحزّبة

الحزن والبكاء لمصاب المسلمين، دليل على حياة القلب، وعلى صدق الانتساب إلى هذا الدّين والغيرة له، لكنّ كثرة الطّوائف والجماعات واستشراء التعصّب المذهبي والطّائفيّ بين المسلمين، جعل الحزن والبكاء يتبعان الولاءات الطائفية والحزبية والمذهبية..

تجد من المسلمين من يبكي مصاب إخوانه في فلسطين أو بورما ويتألّم لآلامهم ويتابع أخبارهم أولا بأوّل، ويكتب عنهم في صفحته ويوصي بالدّعاء لهم، لكنّه إذا ما تعلّق الأمر بالمسلمين في سوريا تراه يلزم الصّمت ولا ينبس ببنت شفة، وتجد من يتألّم لمصاب المسلمين في فلسطين وبورما وسوريا، لكنّه إذا تعلّق الأمر بالعراق، لكأنّ الأمر لا يعني أمّة الإسلام، وربّما تجد من المسلمين، خاصّة منهم المنتسبين إلى التشيّع أو المتأثّرين بإعلامه ودعاواه يملؤون وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعيّ صراخا وتنديدا بما يحصل للشّيعة في البحرين، ويتكلّمون عن محنة أهل اليمن وما يلحقهم جراء قصف قوات التحالف العربي،ّ أولا بأوّل، ولا يتركون شاردة ولا واردة إلا ذكروها وتناقلوها، لكنّهم إذا تعلّق الأمر بما يحصل للمسلمين في سوريا على أيدي الرّوس والنّظام السّوريّ والمليشيات الدّاعمة له أو بما يحصل للعراقيين على أيدي قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا والمليشيات الطائفية، فإنّهم يفركون أيديهم فرحا ويطلقون ألسنتهم وأقلامهم بالشّماتة فيهم بحجّة أنّهم إرهابيون مع أنّ غالب الضحايا هم من الأطفال والنّساء والعزّل. 

وتجد في مقابل هؤلاء بين المنافحين عن أنظمة الخليج، من يبكي مصاب السوريين والعراقيين، لكنّه لا يلقي بالا لمصاب المسلمين اليمنيين الذين يعانون الأمرّين من حصار وإرهاب الحوثيين الذين يريدون أن يضمّوا اليمن إلى ولاية الفقيه، ومن الحرب التي طالت دون أن تبدو لها نهاية قريبة.

لقد فعل الإعلام المنحاز فعلته في أمّة الإسلام، وجعل آلامها وجراحها مسرحا للانقسامات والولاءات، وهو ما يدفع الأبرياءُ المعذّبون في الأرض فاتورته الباهظة، إلى الحدّ الذي جعلهم ينفضون أيديهم من نصرة إخوانهم المسلمين الذين انقسموا بين هذا المعسكر وذاك، ويلجؤون إلى الله الواحد الأحد الذي قضى أنّ المسلمين تتكافأ دماؤهم؛ فلا فرق بين دماء المسلمين في فلسطين، ودماء إخوانهم في سوريا، ولا فرق بين دماء المسلمين في العراق ودماء إخوانهم في اليمن.

لقد آن الأوان للمسلمين أن يتحرّروا من سطوة الإعلام الموجّه، ويتخلّوا عن الولاء للجماعات والأحزاب والطّوائف في الحكم على مآسي إخوانهم في هذا العالم. المسلم مطالب بأن يتضامن مع المظلوم ولو لم يكن مسلما، فكيف يصحّ أن يرى أخا له مسلما تنتهك حرمته ويداس عرضه ويراق دمه، ولا يطرف له جفن، بحجّة أنّ ذلك المسلم قد أخطأ في قليل أو كثير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!