الرأي

ديمقراطيون بلا انتخاب

عمار يزلي
  • 1365
  • 9
ح.م

فرنسا التي حاولت أن تساعد نظام بوتفليقة على الخروج الآمن.. له ولها، تثبيتا لمصالحها الدائمة في الجزائر، هي من كانت وراء اتصال السعيد بوتفليقة مع الفريق مدين ومجموعة البليدة حاليا، وذلك قصد ترتيب أوراق المرحلة الانتقالية. تعامل الجيش بطريقة مهنية ومنهجية علمية مع مؤامرة المرحلة الانتقالية التي كانت ستفضي إلى استمرار مصالح فرنسا عن طريق نظام يحمي الاوليغارشيا ونظام بوتفليقة من المحاكمات ومن الاقتصاص ومن النيل من الكيد الفرنسي عن طريق عصابتها في الحكم وخارج دوائر الحكم، هو ما أزعج الدوائر الفرنسية التي حرَّكت أذرعها في كل الاتجاهات بشكل متخبط، لكن مزعج.

الأحزاب المجهرية الجهوية والعرقية “الديمقراطية بلا انتخابات” والمال السياسي والإعلام البزناسي، هم من كانوا يمثلون الأذرع القوية وميليشيات فرنسا في ضرب مؤسسة الجيش عن طريق تعفين الوضع وإطالة عمر الأزمة، محاولة منهم إضعاف قوة الجيش وتيارها الوطني الشاب الذي يقف وراء مشروع كبير وطويل النفس لتطهير البلاد من دنس فرنسا منذ 1830.

هذا الإصرار من طرف الجيش على احترام الدستور، غير المحترم من طرف نظام العصابة، هو من نقل معركة “صفين” إلى معركة “حطين”، عندما أرغم التيار المعاكس، على التخلي تكتيكيا عن فكرة المرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي، بعدما خاب أملها في ذلك واصطفّ أغلبية الشعب والحَراك وراء مطلب رئاسيات شفافة وديمقراطية سريعة ومحاسبة بقية المفسدين، واستبدل التكتيك بخطط أوحتها لهم الدوائر الاستخباراتية الفرنسية، كون هذا التيار يستحيل أن يشتغل بمفرده.. بفكرة “العصيان” التي روَّج لها مرتين وفشلت المؤامرة مرتين، حتى قبل الفكرة.. وهذا بفعل بداية فهم الحَراك والشعب المعادلة التي تحكم جزءا من الحراك. وعليه، عادت هذه الأيادي حاليا لتعمل على مخطط آخر هو خلق بؤر فتن اجتماعية ومطالب قطاعية، الهدف منها خلق مناخ من عدم الارتياح والتشويش على لجنة الحوار والوساطة. هذه اللجنة التي أكلت من الوقت الإضافي شهرين، فقط لإرضاء هذه الفئة التي لن ترضى بأي شيء سوى ما يمليه عليه رضا فرنسا.. ذلك أن السلطة كانت ستذهب إلى انتخابات مضمونة الشفافية والنزاهة حتى في ظل حكومة بدوي.. لأن الإرادة سابقة على المراد.

بقي جانبٌ آخر من المشهد، هو موقف الإسلاميين؛ هذا الموقف يمكن تفهُّمه لدى أنصار ومهاجري التيار الإسلامي الراديكالي الذي بقي مستبعَدا من المشهد السياسي زمن العصابة واليوم أيضا. طبيعي ألا يثق هؤلاء في إرادة الجيش والسلطة في التغيير نحو الأفضل، لأنهم غير معنيين بالتغيير. لكن، يجب فهم هذا من باب تخوف السلطة من إثارة حساسية الموقف الخارجي من الإسلاميين، لهذا تحاول السلطة عدم إشراكهم في التحوُّل، لكن هذا لا يعني أنها تحاربهم بنفس الطريقة التي عوملوا بها سابقا، والدليل أن خالد نزار مطلوبٌ للعدالة ومتابَع في مسألة التآمر على البلد، ولكن القضاء سيطال أيضا كل الجانفيين المتبقين وكل من شارك في الانقلاب على الإرادة الشعبية، إن ليس بهذا العنوان فبعنوانٍ آخر هو الزج بالجزائر في أتون حربٍ أهلية لصالح فرنسا وبأمر منها.. أي نبقى دائما في دائرة التهم بالخيانة والتآمر ضد الوطن.

الإسلاميون الوسطيون، متهمون سياسيا بالعمل ضمن صفوف سلطة الموالاة الخلفية، مثلهم مثل بقية أحزاب السلطة مع اختلاف نوعي: معارضة وموالاة.. لهذا فالسلطة لا تتعامل لا مع أحزاب الموالاة ولا مع المعارضة التي اشتغلت لحسابها في زمن العصابة، وهو ما يفسِّر محاولة جمع شمل أنصار التغيير القادم في تيار واحد هو التيار “الباديسي النوفمبري”.

مقالات ذات صلة