-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رأي في الدخول المدرسي

رأي في الدخول المدرسي

إن الدخول المدرسي الذي كنا ننتظر الإعلان عنه، قد تم تحديد بداية انطلاقه يوم 21 سبتمبر 2022، وهو الدخول الذي تأخر عن موعده المعتاد، والسبب في ذلك يرجعه المهتمون بسير التعليم إلى الظروف الجديدة التي طرأت في الميدان الطبيعي، وأصبحت تميز واقع المدارس، الذي أثرت فيه الحرائق التي مسّت بعض الجهات، وهي التي سببت توجيه الاهتمام الوطني إلى ترك مهلة زمنية لقيام السلطات بترميم المدارس المتضررة من جراء الحرائق التي عرفتها بعض الولايات يضاف إليها إجراءات التهيئة التربوية التي يستلزمها التجهيز (تجهيز المدارس باللوحات الإلكترونية المقرر تعميمها هذه السنة).

ومن أهم الأوضاع الجديدة التي فرضها الدخول المدرسي هذه السنة، أوضاع المعلمين المختارين الذين يجب تهيئتهم للقيام بتدريس اللغة الانجليزية التي أصبحت وجها جديدا تتميز به المدارس الابتدائية، هذا الجانب يتطلب ضبط الشروط والمتطلبات التي تستلزمها تهيئة المعلمين الذين يرشحون لتعليم الانجليزية هذه السنة.

هذه هي الجوانب التي دفعت إلى تأخير بداية الدخول المدرسي لتتمكن الوزارة من تهيئة الظروف، وتجهيز المدارس بالوسائل الضرورية وتحديد طريقة التعامل مع الأوضاع المتميزة التي أصبح النظام المدرسي يعيشها، وهذه هي الظروف الطارئة والأوضاع الجديدة التي جعلت الدخول المدرسي متميزا هذه السنة وهي التي أخّرت الانطلاقة في جعل المدارس تفتح أبوابها في الوقت المعتاد وتمكن من توجيه الاهتمام الرسمي إلى التهيئة التربوية المطلوبة بحيث تهيئ المعلمين وتكوّنهم للقيام بالمهمة الجديدة التي سيعرفها التعليم الابتدائي.

لقد تمت الإشارة في بعض الأخبار إلى أن تأجيل تاريخ الدخول سببه هذه الجوانب الثلاثة التي شرحتها والتي علقت عليها في المقالة التي نشرت يوم الأربعاء 7 أوت الماضي على جريدة الشروق، بخصوص تعليم الانجليزية في الابتدائي ونمّمت التعليق في المقالة التي نشرت يوم الأحد 25 أوت، والتي كان عنوانها: “مايزال الدخول المدرسي لم يحدد”، وقد عرضت الأسباب التي تم ذكرها نتيجة التأجيل، وذكرت الحلول التي كان يمكن اعتمادها بدل تأجيل الدخول ليبقى تاريخ الدخول في موعده المعتاد وما أضفته في هذه المقالة هو ما يتعلق بالسنة التي يدرج فيها تعليم الانجليزية، وقد تمت إشارة المعلقين إلى السنة الثالثة التي جعلتها الأخبار بأنها السنة التي ينطلق منها تعليم الانجليزية، هذا هو الخبر الذي قرأناه، الذي يجعل السنة الثالثة هي السنة التي يدرج فيها تعليم اللغة الأجنبية الأولى، وعلقنا على هذا الخبر الذي رأيناه غير ملائم تربويا، ونبهنا إلى أن تلاميذ السنة الثالثة لا يزالون غير مهيئين لأنهم لم يستوعبوا أساسيات تعلم اللغة الوطنية، لأن تعلم اللغة في سنتين غير كاف، لذا يقترح المربون أن تخصص ثلاث سنوات لتعلم اللغة الوطنية، بعدها تدرج اللغة الأجنبية الأولى التي حددنا لها السنة الملائمة وهي السنة الرابعة التي تنطلق منها اللغة الأولى (الإنجليزية) فالسنة الرابعة هي التي جعلناها منطلق تعلم اللغة الأجنبية وطبقناها في التعليم الأساسي.

ولكن الوزارة غيرت الوضع ونزّلت تعليم الفرنسية من الرابعة إلى الثالثة، واليوم يجب أن نصحح الموقف الوطني، ونرجع إلى تحديد السنة الرابعة لتعليم اللغة الأجنبية الأولى، وتزحزح اللغة الثانية من مكانها ويؤجل تعليمها إلى بداية التعليم المتوسط، هذا هو الحل الذي كنا ننتظر من الوزارة أن تشرحه وتوضح أهميته، ولكن الوزارة لحد الآن لم توضح هذا الجانب، ونخشى أن يكون تفكيرها مركزا على جمع اللغتين الأجنبيتين في مستوى واحد، وهذا أمر مرفوض، لذا نقترح أن تشكل الوزارة هيئة تربوية لدراسة هذا الجانب، وتحليل كل الجوانب المتصلة بالموضوع، لأن الهدف الذي يجب أن تركز عليه الوزارة هو جعل اللغة الإنجليزية هي اللغة الأجنبية الوحيدة التي تدرس في المرحلة الابتدائية، ويكون الاكتفاء بها إلى جانب اللغة الوطنية، وتزحزح اللغة الفرنسية إلى ما بعد الابتدائي.

وأذكر في الأخير جانبا لم تناقشه الوزارة ولم تحدد الموقف الرسمي الذي تقرّره وهذا الجانب يطرح مسألة التنفيذ، هل التنفيذ يكون معمّما يمارس في جميع المدارس، وفي جميع الولايات أم تختار بعض المدارس وبعض الولايات للتنفيذ. وأذكر هنا أن عملية التعميم ليست عملية بسيطة، وفي إمكان الوزارة أن تنفذ التعميم بسهولة ومن دون إشكالات، فالذين يفكرون في التعميم تواجههم صعوبات ليس من السهل تجاوزها.

إن البعض يرى بأن الحل الذي يسهل اللجوء إليه هو عدم التعميم، ولكن هذا الحل يجعل بلادنا موزعة بين ظروف وأوضاع ومناطق وهذا لا يجوز العمل به في وطن واحد، إن الحل الممكن نظريا ويجعلنا نسير في الاتجاه الصحيح والمقبول، ولكنه لا يلائم في الحاضر ظروفنا واستعدادنا وأوضاعنا هو التعميم لأنه يساير المنطق، ولكن تنفيذه بتطلب دراسة عميقة وتفكيرا موسعا وقد نضطر إلى اتباع أساليب متعددة.

ومهما يكن الموقف الذي تتجه إليه الوزارة، فإن الموضوع صعب، والاختيار أصعب لأن أي حلّ نميل إليه فهو حلّ معقّد لا يحقّق الفائدة التي ننتظرها، لذا يجب التريث في دراسة الموضوع من جوانبه وطرح عديد الأفكار والحلول، والسبب الذي جعل الوزارة تواجه هذا الموقف الصعب هو أنها لم تهيئ نفسها، ولم تهيئ الظروف قبل الإقدام على القرار، وتعجلت في اتخاذ قرار التنفيذ، وقد تتجاوز الصعوبات إذا كان عدد المعلمين المتمكنين كافيا وكانوا مهيئين لهذا العمل وقادرين على مسايرة الوضع.

ولا أقصد بهذا التحليل الذي يطرح الإشكالات ويبرز الصعوبات أني أدعو إلى توقيف التنفيذ، وإنما أقصد أن تحرص الوزارة على انتقاء الحلول الملائمة وتساير الاتجاهات الممكنة وتعمّق اهتمامها وكامل استعدادها لهذا الوضع.

كان المفروض أن تبدأ عملية التكوين والتهيئة التربوية بسنة قبل الشروع في التنفيذ.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!