رحيل قائد عظيم اسمه حسين آيت أحمد وكيف ذكر في الشعر العربي
عرفت حسين آيت أحمد في القاهرة، فعندما قرر مكتب الثورة بالقاهرة إيفادي على رأس وفد طلابي لتمثيل جبهة التحرير بمهرجان الشباب في فارسوفيا، الذي عقد في أغسطس 1955، هو الذي اجتمع بي وزودني بالتوجيهات المستمدة من وثائق الوفد الجزائري في مؤتمر باندونغ الذي عقد في أفريل 1955، حيث كان عضوا في الوفد الجزائري الذي انتقل إلى باندونغ على طائرة جمال عبد الناصر، كما زودني بكتيب مهم عنوانه (ما هي الجزائر) باللغات العربية والإنجليزية لنوزعه في المهرجان.
وعندما اختطفت الطائرة التي كان بها هو ورفاقه سنة 1955 نظم في ذلك الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري قصيدة من أروع ما نظم في الثورة الجزائرية، ألقاها في مهرجان بدمشق ضم عشرات الآلاف من السوريين والسوريات عنوانها (جزر المغرب) وجزر جمع جزيرة وهي كلمة مرادفة لكلمة جزائر. نوردها كاملة في هذه الكلمة وهي قصيرة تتكون من 28 بيتا، لنبين للقراء كيف كان الشعراء العرب يتتبعون أحداث ثورتنا ويعتبرونها ثورة للعرب والإنسانية. وينظمون فيها القصائد. والقصيدة موجودة في كتاب الثورة الجزائرية في الشعر العراقي من جمعي وتأليفي صفحة 483، الطبعة الثالثة بالجزائر. ذكر حسين آيت أحمد بها من ضمن زملائه الأربعة.
جزر المغرب
رنّ في القلب فهزّ السّمعــــــــَـــا إنّه داعي المروءات معــــــا
بكُرت (جِلّق) ترمي كِسَفـــــــــــاً من أواذيها وتزجي دُفعـــــــا (جلق: لقب لدمشق)
الشباب الحيّ ما أعظمـــــــــــه دافعا شيب الحِمى مندفعا
والجُموع الحُمْس ما أغضبها وهي من غضبتها ما أروعا
أمة سوف تُري خالقَهــــــــــــــــــــا أنها قد خلقت كي تُبدعا
تصنع المعجزَ شتَّى أمرُهـــا كيف لو حُمَّ لها أن تُجمعا
وبأشلاء الضحايا باركـــــــت دِمنا طابت بها مزدرعـــــــــا
زحف الشرق إلى الغرب بها وارتمى الأدنى على الأقصى معا
قوة الحق كآراد الضحــــــــــــى من ترى يمنعها أن تسطعا
* * *
جُزر المغرب يا أسطـــورة تلهب الأهوال لونا ممتعا
الأذى تدفع عنه بالــــردى طاب أسلوبا لها مبتدعا
تصنع الثورة في أُتّونهـــــا فكرة تأنف أن تُصطنعــــــا
من نفوس ذبن في حب الحِمى فتساقطن عليه قِطعــــــــــــــا
وقع الموت عليها فــــرأى هَوْلَةً أخشنَ منه مؤقعا
الهُداة الغرّ من لون الدما فجروا للشمس منها مطلعا
جهِل الصنعة نِكْس أبلهٌ سرق الباب وعاف المصنعا
خمسة إن بطونا حملـــــــــــــــت ثِقلهم ما عُقمت أن تضعا
حمق الغدر أيُثني ساعــــــــدا عن كفاح فَقدُ كفٍّ إصبعا
خمسة.. غصت فرنسا بهم نعم عقبى خِسّةٍ مُرتجَعا
لم أجد أروع من مُصْطَرَع الـ خير والشر إذا ما اصطرعا
أرأيت الدهر ضَيما دفعــــــــــــا أم بغير الدم حقا رجعا
شرح الكلمات: الكسف: القطعة/أزجى: دفع/الحُمْسُ: المتحمسة/أواذيها: ذويها/شتّى: متفرقة/الدمن: موقع البيوت المهجورة/جزر المغرب: جزائر المغرب العربي/مزدرع: مزروع/هولة: الهول/الآراد: الانتشار انتشار نور الضحى/الردى: الموت/ساعد: ذراع/خِسة/نذالة خسيس نذل.
شرح بعض الأبيات:
تصنع المعجزَ شتَّى أمرُهـــا كيف لو حُمَّ لها أن تُجمعا
معنى البيت: أن الأمة العربية صنعت من خلال ثورة الجزائر معجزة وهي متفرقة كيف لو أنها توحدت
زحف الشرق إلى الغرب بها وارتمى الأدنى على الأقصى معا
معنى البيت: في ثورة الجزائر توحد العرب من مشرقهم إلى مغربهم في تأييدها
خمسة إن بطونا حملـــــــــــــــت ثقلهم ما عُقمت أن تضعا
معنى البيت: إن فرنسا تقول: بأسر قادة الثورة تنتهي الثورة، وهي لا تعلم أن الأرحام ألتي حملتهم قادرة على أن تلد مثلهم
أرأيت الدهر ضَيما دفعــــــــــــا أم بغير الدم حقا رجعا
معنى البيت: الحق لا يعود لشعب مستعمر إلا بالدم أي بالثورة
جهِل الصنعة نِكْس أبلهٌ سرق الباب وعاف المصنعا
معنى البيت: الاستعمار أحمق سرق باب الثورة الذين هم بعض قادتها لكنه ترك الشعب الجزائري صانع الأبواب