-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ردّةُ العصر 

ردّةُ العصر 

عندما عصفت رٍياح الرِدّة بالأمة الإسلامية الفتية في سنوات الرسالة المحمدية، وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، مع ظهور مدعّي النبوة من أمثال طليحة بن خويلد الأسدي والأسود العنسي ولقيط بن مالك الأزدي وسجاح ومسيلمة الكذاب، ربط الناس الأمر والمؤرخون من بعدهم، بهاجس التسيّد والزعامة بين القبائل، بحثا عن جاه ومال، بدليل أن الردّة ارتبطت بهجران فريضة الزكاة والتمنّع عن أدائها، فكان منطقيا وسهلا على جيل المسلمين في فجر الإسلام، أن يعلنوا الجهاد ويوقفوا النزيف ويحموا الدين، في حرب اليمامة وأخواتها من المعارك التي ضحّوا فيها بالكثير من الصحابة والأخيار وبعددٍ معتبر من حاملي القرآن الكريم، فحققوا النصر والعزة، وواصلوا بعد ذلك فتوحاتهم، بعد أن قبروا كل محاولات زعم النبوَّة، وتشويه الدين وتحريف القرآن الكريم، فانتهى الأمر إلى أرض إسلامية شاسعة، لا تغرب عنها الشمس.

وللأمانة التاريخية، فإن الردة نبتت في أرض العرب ودفنها العربُ أيضا بخالد بن الوليد وشُرحبيل بن حسنة والمثنى بن حارثة وعكرمة وحذيفة بن محصن، فبقي نور الإسلام وسيبقى، بفعل رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولكن بذور الشر بقيت، وفي كل مرة تتحوّر لتنبت محاولات لضرب الدين، بأسماء يأخذ بعضُها ألقابَها من القرآن الكريم، بل القرآن نفسه، من “قرآنيين” و”أحمديين” و”إبراهيميين”، وغيرها من الأسماء التي يبدو أن أهلها لم يسعهم رحاب الإسلام، ولم يقتنعوا بأنه دينُ كل الأزمنة وكل الأمكنة، ففتَّشوا عن غيره، أو ربما أرادوا عصرنة دعوات سجاح ومسيلمة على طريقتهم الخاصة، وهم يعلمون بأنها ستنتهي مثل ما انتهت إليه ردّة عصر صِدّيق الأمة رضي الله عنه.

يتعرَّض الإسلام في العقود الأخيرة لحملات لا تكلُّ أبدا، وبعد أن فشل الإلحاد والماسونية وحملات التبشير والاستعمار بكل أنواعه بما فيها التكنولوجية الحديثة، وإلباس الإسلام بالإرهاب، وتشويهه بداعش وأخواتها، وزرع الفتن بين المسلمين، تنقل ورثة سجاح ومسيلمة إلى كذبات أكبر، من خلال محاولة تزييف الرسالة المحمدية الخالدة، والتي تهمّ كل البشر، باستعمال مبادئ إنسانية، الإسلام هو أول من حرص عليها مِن سِلم وتعايش وحرية، وواضح جليا بأن الهدف منها جميعا هو محاولة إطفاء نور الإسلام، الذي تأكد بأن أكبر مشروع حاليا في العالم، هو محاولة التخلص منه.

كل المآسي الإنسانية الكبرى، على مرّ التاريخ القديم والمعاصر، من حروب الإبادة الجماعية والحروب العالمية من الساخنة بقنابلها الذرية إلى الباردة التي أدت إلى شلل اقتصادي ومجاعات في العالم، كان الإسلام بريئا منها، وفي بعضها كان هو ضحيتها، وفشلت كل المحاولات للزج به كفاعل أو متهم ومحكوم عليه، وعندما عجزوا جميعا، صاروا يبحثون بين آيات القرآن، لمحاربة القرآن، في واحدة من أقذر الحروب في تاريخ البشرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!