-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رسائل الرئيس

بشير مصيطفى
  • 7524
  • 22
رسائل الرئيس

طلب رئيس الجمهورية من الحكومة الشروع في التحضير لرفع حالة الطوارئ في البلاد مع تحرير قطاع السمعي البصري لفائدة الطبقة السياسية، والاسراع في تدابير ضبط السوق والأسعار وتوزيع السكنات الجاهزة والتكفل بقضايا الشباب وطالبي الشغل، وجميعها رسائل سياسية واضحة ومباشرة في اتجاه تحرير الحياة العامة في الجزائر.

  • وأياما قليلة بعد صدور هذه التوجيهات عن الرجل الأول في البلاد قالت إحدى الشخصيات الوطنية البارزة المجاهدة المرموقة “زهرة ظريفة بيطاط” نائب رئيس مجلس الأمة بأن الحكومة فشلت في أدائها، وأن مشكلات البلاد في ظل الحكومات المتعاقبة ظلت تتفاقم. فماذا تعني رسائل الرئيس الجديدة من منظور الخطاب السياسي للدولة والأداء التنفيذي للحكومة؟ وماذا تخفي تصريحات المجاهدة بيطاط من منظور الرأي الحر الباحث عن الثغرة المفقودة في الطريق المسدود؟
  • الخطاب والعتاب
  • قبل أكثر من سنة من اليوم كتبنا مقالنا الموسوم “حتى لا تبقى كلمات الرئيس صرخة في واد”، وقبل ذلك وبمناسبة الانتخابات الرئاسية 2009، كتبنا “الانتخابات الرئاسية: أصوات ومطالب”، وعند كل مرة يعقد فيها رئيس الجمهورية جلساته الرمضانية مع وزراء الحكومة كنا نتساءل عن حدود تجاوب الجهاز التنفيذي في البلاد مع الخطاب الرسمي للرئيس، وفي كل مرة أيضا تصطدم الكلمات الجميلة والتوجيهات السامية بواقع يكرس تماطل الادارة في الاستجابة، بما يوحي للمواطنين بضعف إرادة الدولة في الوفاء بوعودها، وأن ما يأمر به الرئيس مجرد سياسة ما دامت النتائج على الأرض لا تلبي الحدود الدنيا من سلة المطالب الاجتماعية والاقتصادية. حقيقة وفي ظل التوجيهات السامية تراجعت القدرة الشرائية للمواطن الجزائري خلال العشر سنوات الأخيرة بنسبة 7.3 بالمئة حسب تقرير وطني أخير، وتراجع موقع الجزائر على سلم “نوعية الحياة” بين الدول في العام 2010 الى الرتبة 134 أي الى الرتبة التي تحتلها الشقيقة مصر العربية، وفي مجال الشغل أنفقت الحكومة أموالا طائلة على 11 آلية للتشغيل دون جدوى، وارتفع عدد العاملين في الوظيف العمومي الى مستوى مقلق زاد عن 1.5 مليون موظف، ما يعني كتلة نقدية معتبرة من الأجور لا يقابلها شيء من الانتاج وتكرس وضعية الاقتصاد الريعي المبني على التوزيع دون مقابل من الثروة. ونتيجة لذلك تراجعت نسبة الثروة في الناتج الداخلي الخام لصالح المحروقات وارتفع رقم الواردات في 10 سنوات من 17 مليار دولار الى 40 مليار دولار أي بزيادة تجاوزت سقف المئة بالمئة. وفي نفس الفترة من الزمن أي خلال عشر سنوات سجلت برامج الحكومة نسبة 40 بالمائة من التأخر حسب ما أفادت  به التخصيصات المالية للخطة الخمسية 2010 – 2014.
  • إجراءات لا معنى لها
  • وفي مجال السكن تحصي البلاد مليون شقة شاغرة وسوقا للايجار غير مؤطرة ولا منظمة، ونفس الكلام ينطبق على السياسة الضريبية للحكومة وعلى اجراءاتها الضاغطة على مستوى الحياة وممارسة حق الاستفادة من الامتياز الاجتماعي للموظفين. وهكذا لا أحد فهم حكمة الرسم على مبيعات السيارات، ولا الفائدة من تضخيم نسبة الضريبة على بعض النشاطات الى مستوى 51 بالمئة من الدخل، ولا حكمة تجميد التنازل على السكنات الاجتماعية قبل أن تتراجع الحكومة عن ذلك، ونفس الشيء يقال عن تنظيم الأسواق بين فرض الفوترة ثم التراجع عنها وعن التوجيهات الخاصة بالتوظيف في الادارة دون مراعاة شروط الانتاجية. وفي مجال الصحة ما زالت الأرقام تحمل حقائق مرعبة عن إدارة المال العام في مجال استيراد التجهيزات غير المستغلة والتطعيمات منتهية الصلاحية. وفي مجال التعليم بأطواره طغى الانفاق الحكومي على الهياكل والمنشآت وتراجع الأداء التربوي والعلمي ونوعية التعليم وباتت المؤسسة الجامعية في الجزائر خارج التصنيف العالمي للجامعات. وفي مجال الأداء الاعلامي عجزت الحكومة عن تسويق صورة الجزائر السياحية وسجلت فراغات في مهنية  الاعلام الثقيل. وفي مجال الادارة الاقتصادية لم تشهد البلاد في تاريخها العريض ما شهدته في السنوات الأخيرة من هدر للمال العام ما حدا بالسلطات الى تنصيب لجنة وطنية لتقصي الفساد.
  • وفي كل الأحوال لم يساير الأداء الحكومي بتاتا رسائل الرئيس التي مازال يطلقها منذ مجيئه للحكم العام 1999 إلا في حالات قليلة هي الحالات الاستعجالية التي غالبا ما تأتي في سياق الاستجابة لتحرك الشارع ليس إلا، وهذا لا يعني بالضرورة فشل الحكومة بقدر ما يعني أن فرصا للتنمية تختزنها إمكانات البلاد ضاعت بسبب طبيعة الأداء التنفيذي حيث لا أحد ينكر أن جهودا بذلت وأن أرقاما ايجابية كثيرة تحققت وخاصة في مجال الانشاءت والبنى القاعدية والطرقات.
  • نداء الوطنية
  • وعندما يرفع المواطن أو المراقب أو الملاحظ هذه الانشغالات وهي مرفوعة دائما عبر المنابر الصحفية قد لا نلقي اليها بالا في جو من الرأي أصبح معتادا على سماعها، ولكن أن يأتي التذمر من رمز ثوري كالسيدة المجاهدة “بيطاط” فهذا مؤشر لافت على أن انشغالات الناس بلغت من التطور والتوسع ما جعل التغاضي عنها أو سوء معالجتها مسا بالوطنية وبالاستقرار الاجتماعي. وعندما يتكلم نداء الوطنية  على لسان بعض ممارسي الثورة ضد الاستعمار يجب علينا نحن جيل الاستقلال الصمت وترك التاريخ يفعل فعله، لأن ما يأتي على لسان صانعي مجد الاستقلال قطعة أصيلة من الحكمة والوطنية ومن إرادة الاصلاح التي عنتها الآية الكريمة “إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت”.
  • ومن المنظور التقني تحمل ملاحظات أولئك الثوار على أداء الدولة بأجهزتها المختلفة مدلول المعارضة الايجابية من الداخل وهي أداة مهمة ضمن أدوات الممارسة الديمقراطية للرأي السياسي ربما تتفوق في المحتوى الجزائري عن المعارضة الحزبية التي باتت فارغة من أي مدلول اجتماعي.
  • يبدو لي أن الأوان قد حان كي يرتفع الأداء التنفيذي والمؤسساتي في بلادنا الى مستوى الخطاب السياسي الوطني اللامع ليس لأنه أداء فاشل بمعنى الفشل ولكن لأن تحديات المرحلة وقوة الرسائل الرئاسية كانت أكبر من أدوات النجاعة التي هي بحوزة المؤسسات والقطاعات المديرة للشأن العام. وهكذا، لا خيار للبلاد لتحقيق الانسجام المطلوب بين الخطاب السياسي وأدوات التنفيذ سوى أحد حلين: فإما خفض سقف التوجيهات الرئاسية وهذا غير ممكن في ضوء المطالب الملحة للمواطنين ونوعية تلك المطالب أو ضبط الأداء التنفيذي للحكومة وفق معايير جودة الحوكمة والإدارة الرشيدة، وهو المطلوب حاليا طالما أن الرسائل الخمس الجديدة لرئيس الجمهورية تبشر برؤية جديدة للحكم نأمل أن تكون رؤية جديدة  حقا توفر لنفسه أدوات تطبيقها بالصورة الملائمة.    
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
22
  • عادل

    يجب الإسراع في تطبيق و في أقرب وقت - الرجل المناسب في المكان المناسب لجميع المستويات - و كل وقت و أجياله - من فاته وقته فليسترح

  • abdo02

    كاين واحد يبني و كاين آلاف يهدموا شكون يغلب؟

  • abdo02

    كاين واحد يبني و كاين آلاف يهدموا شكون يغلب؟

  • moha

    لاداعي لاحداث البلبلات في البلد فالجزائر قد سئمت الازمات اما حان وقت استرجاع السيادات

  • rahima

    حللنا كثيرا و ضاع وقتنا كله في التحليل انا لا تهمني رسائل الرئيس و كل اعضاء الحكومة اللذين بلغوا من السن عتيا البارحة و أنا أتكلم مع والدتي قلت لها بأنه لم يبقى من الوقت الكثير و يقل مخزون البترول والغاز و نحن غير مستعدين لهذه المرحلة سألتني حينها والدتي و متى يكون ذالك أجبتها في 2020ضحكت وقالت مازلت بعيدة فذهلت من اجابتها ولكن لم يبقى الا 9سنوات على هذا الامر أنا لا ألوم والدتي لأنها أمية ولكن ألوم النخبة التي تحكمنا و تفكر بنفس التفكير يا ناس لم يبقى الكثير استيقضوات لا وقت للتحليل بل التغيير

  • fouad - bayada eloued

    الجزائر لعبوا مبرات جميلةامام سودان و تاهلوا فيها الى ربع النهاء

  • هاجرة

    استاذ اريد مساعدتك لي في اختيار موضوع لرسالة التخرج ماجستير تخصص ادارة المنظمات ارجوا ان اجد ضالتي عندك

  • hadjajawhara

    السلام عليكم اليسيد الخبير بشيير وحفظك الله نشهد امام الله ان سيادة الرئيس عمل الكثير لهدا الوطن من رفع رووسنا عندما كنا نخجل بان نقول ان من الجزائر .من اتى بقانون المصالحة و انقد ارواح الابرياء و. . . .الخ لان مهما قلناو كتبنا لا نكفي حقه فالداء يكمن في وزرائه اولهم وزير التربية الدى قضى على التعليم وو زير التعليم العالي هدا التعليم اللدي لم يعد عال هدين القطاعين تفشت فيهم كل الامراض الخطيرة لان وزرائهما اكل عليهما لدهر و شرب نطلب من الرئيس تنحيتهما مهما تكن الضغوطات عليكم وهدا من اجل الجزائر.

  • mouh

    السلام عليكم تحياتي للاستاذ الفاضل حفضه الله اما بعد : الوضع بالنسبة للشعب لم يبقى على حال 1990 او 2000 باراكات الشعب عرف و فهم كل شي فقد اصبحت خطابات الرئيس مجرد خطاب سياسي فالحكومة حالتها لا تستحق حتى كلمة الانعاش فقد سئمنا الواقع المعشي موسى الحاج والا حاج موسى مازالت حتى الان اما بن بوزيد او ولد عباس رؤساء بلديات لا يفقهون شيئ الا غداوات او عشاوات همهم بطنهم و كانه قضاء و قدر علينا لا بديل لماذا تسمحون لعديمي المستوى الترشح ففشلكم بالكذب على الشعب و اتقان سرقة المال العام قد مات ............

  • hajajawhara

    بسم الله الرحمان الرحيم ارحموا هدا الشعب المسكين لا تستغلوه في فتنتكم نحن نعيش في امان ارحلوا انتم فالعزيز باق و ما ظر السحاب نبح الكلاب

  • أبو القاسم

    في الجزائر كأن السلطة تقول إما الفساد و إما الإرهاب...تحية طيبة للأستاذ الفاضل

  • محب للوطن

    والله نحن كشباب سئمنا الوعود والمشاريع لأنها اصبحت عبئ علينا ...فهي تأخذ من أجل الشباب ولكن في الواقع زادت مشاكل الشباب...لذا نحن نطالب بالتغيير الجذري لهذه السياسات بشكل يتلائم ومتطلبتنا.
    ومن جهة اخرى فنحن نرفض التغيير الهمجي والهدام لأنه ليس من مصلحتنا ولا من مصلحة وطننا.....ولكن نقول كلمة حق لأهل القرار في هذا البلد وهي*اتعظوا بغيركم واعلموا انكم خدام هذا الشعب قبل ان تغرقوا ولاتجدوا من يعظكم او يساعدكم على ركوب السفينة*
    اعلموا ان زمن الخوف والذل قد انتهى ..فاحترموا ارءنا ومتطاباتنا.

  • أبو القاسم

    في الجزائر كأن السلطة تقول إما الفساد و إما الإرهاب...تحية طيبة للأستاذ الفاضل

  • hcoine

    لا مكان لتغير في الجزائر

  • المهدي

    فاقد الشيء لا يعطيه ، كيف بربكم تعقلون ؟؟ هل يقود التغيير نفس الاشخاص؟؟ هم سبب مآسي الجزائر و فسادها و إفسادها. أما آن لهم أن يرحلوا ، أما شبعوا هم و ذويهم ، ألم يفهموا بعد أن العالم تغير لم نعد في 1992 و لا حتى في 1999 . إن الشعوب تثور و تثور و نحن نائمون في الريع سابحون و النظام رشاك يا سي مصيطفى و رشى كل الموظفين ببضعة آلاف من الدنانير و رجاله ينهبوا الملايير من الدولارات (الجزائر و المغرب خسرتا ما يقارب 30 مليار دولار نتيجة تفشي الرشوة و الفساد في كل دواليب الدولتين). أنشر ما تخافش.

  • تواتي

    ان كانت توصيات رئيس الجمهورية كونه اعلى سلطة في البلاد اقرب الى امال والام الشعب الجزائري وهذا يعني انه اقرب الى حس المواطن وحاله لماذا لم يأتي بحكومة من طينته وطينتنا على الرغم انه كل مرة يسمعهم انتقادات ويقترح عليهم توجيهات وتوصيات اين هم من كلام رئيس الجمهورية واين هم من احوال الناس

  • fouad - bayada eloued

    إن هؤلاء لا يمثلــون مؤسسات دول يا أستاذ , إنهم إنتهازيون من ناحية وعاملون مشاركون للإستعمار المهيمن على ثروات البلاد . لذا يجب تحقق الإستقلال بديمقراطية شرقية تنافس الديمقراطية الغربية.

  • lalmi

    اتمنئ من الله العلى القـــديـــر ان ىحفـــضـك ىــا استـاذ بشــــيـــر

  • احمد

    سيد بشير تحية طيبة
    والله انا في رأي لا و لن يأتي التغيير في ظل انعدام الحريات مهما كان نوع هذا التغيير سياسي او اجتماعي او اقتصادي او اداري ودون إشراك جميع الفعاليات و اشراك اهل الاختصاص و الحل و العقد في صنع القرار و انا اقدم مسألة الحريات اكثر على مسالة توزيع الثروات لان سبب ضياع حقوق الشعوب عادة الا بضياع الحريات لان لو تمعنا في تقدم الدول المتقدمة و ازدهارها تأتى الا بعد ازدهار الحريات عندها.

  • العثمانيون الجدد

    سينقلب السحر على الساحر بإذن الله تعالى، و ستشهد الجزائر نموا و ازدهارا لأن زمن الذل و المذلة و المهانة قد ولى و جاء زمن الحريات و الشفافية و الديموقراطية الأصيلة( و ليست بمفهوم امريكا و الغرب )، و تكون الغلبة للإسلام و الإنسانية و الحب و السلام و الأمن و الرخاء...إن شاء الله ستكون الجزائر فخر الإسلام و المسلمين... و النصر آت لا محالة و بإيدينا سنصنعه ... جزائرنا أملنا و بلد الشهداء ورمز الخلود و منزل الرسالات. أنشري يا شروق و يا حبيبة الجزائريين.

  • ahmed

    السلام عليكم
    تحية عطرة إلى الشروق وقراء الشروق وعمال الشروق
    تحية خاصة إلى البروفيسور اليشير الخبير بشؤون الأقتصاد
    حبذا لو أكمل البروفيسور مقولته :لاخيار للبلاد إلا خفض سقف مطالب التوجيهات أو ضبط الأداء التنفيذي ،والخيار الثالث إما أن تعم الفوضى ويحدث الأنفلات وهو ما يجب ذكره ولانخاف من ذكره طالما أن هناك سنن وقوانين تحكم الحياة وعلى الجميع العمل بهذه السنن مهما كانت الظروف.
    إن المقال السابق يحمل رسائل أحسن وأعتبره أحسن من المقال الحالي .

  • bravim

    سؤال برئ ..... هل يكفي الوقت الضائع في اصلاح فساد الوقت الرسمي !!!!