-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بمناسبة ذكرى قتلى فرنسا خلال الحرب الجزائرية

رسائل مكررة من فرنسا بعدم الاعتذار عن الجرائم!

محمد مسلم
  • 2922
  • 0
رسائل مكررة من فرنسا بعدم الاعتذار عن الجرائم!
أرشيف

لم تمر ذكرى تتعلق بالذاكرة المأساوية بين الجزائر وفرنسا، إلا وكانت محطة للسجال السياسي والإعلامي بين “البلدين اللدودين”، وبين الفرنسيين أنفسهم، الذين اتخذوا من مآسي الجزائريين ومعاناتهم، مادة دسمة في معاركهم السياسية والانتخابية.

الخامس من ديسمبر من كل سنة، يصادف ما يسمى في المستعمرة السابقة “اليوم الوطني لإحياء ذكرى قتلى فرنسا خلال الحرب الجزائرية والقتال في المغرب وفرنسا”، وهي المناسبة التي اعتادت الرئاسة الفرنسية أن تصدر بيانا تتعرض من خلاله إلى تضحيات كل من حارب من أجل استمرار استعمار فرنسا للجزائر وجارتيها الشرقية والغربية.

في بيان عممه قصر الإيليزي ليلة الأحد إلى الإثنين، دافع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عما وصفه “تاريخ معقد” و”ذاكرة مركبة”، بعد قرابة 60 عامًا على انتهاء “حرب الجزائر” كما تسميها الأدبيات التاريخية والسياسية في فرنسا، والثورة التحريرية المظفرة، كما يصطلح عليها الطرف الجزائري.

في بيان قصر الإيليزي، استجدى الرئيس الفرنسي طالبا “الصفح” من “الحركى” نيابة عن الدولة فرنسا، معلنا عن قانون “الاعتراف والتعويض” تجاه هذه الفئة من الجزائريين الذين فضلوا القتال إلى جانب جيش الاحتلال الفرنسي خلال الحرب التحريرية.

ماكرون وصف ما حدث لـ”الحركى” أثناء الحرب التحريرية والمرحلة التي أعقبتها بـ”القصة المعقدة، هذه الذاكرة المركبة، هي ملكنا”، وقدرت الرئاسة الفرنسية بأن “هذه الذاكرة (ذاكرة الحركى)، حاسمة لفهم ماضينا وحاضرنا، أما بالنسبة لتماسكنا الوطني، فيجب أن يكون معروفا ومعترفا به بكل مكوناته”.

الرئاسة الفرنسية أكدت في بيانها أن ماكرون ومنذ وصوله إلى قصر الإيليزي قبل ما يناهز الخمس سنوات، لم يتوان منذ بداية ولايته، في “تشجيع الأعمال المتعلقة بالتاريخ والذاكرة حول هذه الفترة والجهات الفاعلة فيه (…)، شرط انتقاله إلى الأجيال الشابة”.

ويضيف في هذا الصدد: “منذ عام 2003، تخصص فرنسا يوم الخامس من ديسمبر لمن ماتوا من أجل فرنسا في حروب إنهاء الاستعمار هذه ولأولئك الذين عادوا منها، ولمن عانوا هناك ولمن ما زالوا يعانون منها”، ويركز هنا بيان الرئاسة الفرنسية على “الحركى وعائلاتهم والمختفين، وكذلك الأشخاص الذين اضطروا إلى التخلي عن البلد الذي ولدوا فيه”، في إشارة إلى المعمرين والأقدام السوداء الذين اضطروا إلى مغادرة الجزائر بعد الاستقلال.

قصر الإيليزي ركز مطولا على الذاكرة الفرنسية في الجزائر، وأثنى على تضحيات الحركى ومعاناتهم، وعلى مآسي الأقدام السوداء والمعمرين بسبب مغادرتهم لمسقط رأسهم، وفق البيان، لكنه لم يتجرأ على التجاوب مع المطالب الجزائرية المتكررة، والمتمثلة في الاعتذار عن جرائم فرنسا الاستعمارية، والتي اعترف بها فرنسيون، رغم أنه هو مقتنع بجرائم بلاده في الجزائر، بل وقال ذلك صراحة وهو مرشح للانتخابات الرئاسية في سنة 2017 خلال زيارته للجزائر، قبل أن يرتد بمجرد عودته إلى باريس.
ماكرون وبسبب الحسابات الانتخابية باع موقفه، وصار متماهيا حتى مع طروحات اليمين المتطرف، الذي غرد على لسان زعيمته مارين لوبان أمس بمناسبة إحياء هذه الذكرى، التي كتبت في حسابها على تويتر: “دعونا لا ندع شرف فرنسا ينتهك بسبب جبن قادتنا تجاه السلطات الجزائرية”.

أما “إيريك سيوتي” المرشح الآخر لليمين والذي خسر السباق أخيرا، فاستغل المناسبة وكتب مستفزا: “لا، فرنسا ليست مذنبة بارتكاب جريمة ضد الإنسانية في الجزائر. لا، فرنسا ليست مذنبة في رغبتها في مشاركة التقدم في العالم”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!