-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رمضانكم قادم أيها الشّباب

سلطان بركاني
  • 532
  • 1
رمضانكم قادم أيها الشّباب

على بعد أيام قليلة من رمضان؛ حريّ بنا أن نتذكّر حال شبابنا الذين أضاعوا طريقهم في هذه الحياة، وتخطّفتهم الشّهوات والآفات، وما عاد الواحد منهم يعرف معروفا أو ينكر منكرا.. أضاعوا دينهم ودنياهم، وأدموا قلوب آبائهم وأمّهاتهم.. شباب ضيّعتهم المواقع الإباحية وقتلتهم المخدّرات، فما عاد الواحد منهم يفكّر في غير السّاعة التي يعيشها؛ لا همّ له بدين ولا أمّة ولا صلاة ولا عمل ولا وظيفة ولا مستقبل.. يضحكون ملء أشداقهم وترتفع أصواتهم بساقط الكلام، لكنّ في قلوبهم من الوحشة وفي صدورهم من الضّيق ما الله به عليم.

يحدث أن تمرّ بالطرق والشوارع المحاذية للجامعات والثانويات وحتى الإكماليات، وتمرّ بالزّوايا والأوكار المظلمة، ويصادف أن تعود من سفرك في وقت متأخر من اللّيل، فترى من أحوال شبابنا ما يدمي القلوب ويقطّع الأكباد؛ شباب يترنّحون، وآخرون تقذف ألسنتهم حمما من الكلام السّاقط، وآخرون يضحكون وهم يتبادلون جديد المقاطع والصور والرسائل على الإنترنت.

لسنا ندّعي لأنفسنا الصّلاح والتقوى، ولسنا نشمت بشبابنا هؤلاء، ولسنا ننظر إليهم كأنّهم شياطين ونحن ملائكة. لا والله، فقد يرحمهم الله ويعذّبنا، لكنّنا ننظر إليهم بكلّ شفقة ونتمنّى أن يتوب الله علينا وعليهم ويجمعنا بهم على طاعته ومرضاته، ويختم لنا وإياهم بالباقيات الصّالحات.. شبابنا قد بلغوا إلى هذا الحدّ من التّيه والضّياع، لأنّنا تخلّينا عنهم، وانشغلنا بأنفسنا ودنيانا عن همومهم وآلامهم.. وواجب علينا أن نأخذ بأيديهم لنسير وإياهم على طريق مجاهدة أنفسنا الأمّارة بالسّوء.. لا نريد لشبابنا أن ييأسوا من رحمة الله ويظنّوا أنّ باب التوبة قد أغلق في وجوههم وأنّ أسماءهم كتبت في سجلّ الشياطين وانتهى الأمر.. باب التوبة مفتوح لكلّ عبد مهما بلغت ذنوبه ومهما بلغت معاصيه ومهما كان تقصيره: ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)).. كم من العبّاد الزّهاد والعلماء العاملين، كانوا في بداياتهم من أهل الغفلة والتقصير، ثمّ حانت منهم لحظة صحوة فعادوا إلى الله وبدؤوا حياة جديدة وجدوا معها أنس الرّوح وبهجة القلب.

هذه الأيام التي بقيت تفصلنا عن رمضان، من المناسب أن نطوف فيها على شباب الأحياء من عرفنا منهم ومن لم نعرف، نبتسم في وجوههم، ونظهر لهم الاهتمام، وندعوهم إلى التوبة والإصلاح، مع بداية رمضان، وإلى حياة جديدة يجدون فيها السّعادة التي فقدوها في حياة الغفلة والضّياع.. حادينا في ذلك حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: ” فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم”.

شبابنا، مهما ظهر من بعضهم أنّهم قد مردوا على المعاصي والمنكرات وأدمنوا الكبائر والموبقات، إلا أنّ في قلب كلّ واحد منهم بصيصا من الإيمان، وبذرة من الخير تنتظر من يسقيها لتنبت وتنمو وتترعرع.. مهما بدا لنا أنّ وجوههم تضحك، فإنّ قلوبهم تبكي في صمت، وما منهم من أحد إلا وهو يمقت الحال التي هو عليها، ويتمنّى التحوّل عنها إلى حال يكون معها مستعدا للموت، نافعا لنفسه ولمن هم حوله.. رمضان فرصة لدعوة هؤلاء الشّباب إلى حياة جديدة ومختلفة، هي الحياة التي ترنو إليها قلوبهم، مهما أنكرتها ألسنتهم وأحوالهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • issam taouche

    بارك الله فيك