-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سقط القناعُ عن القناع

عمار يزلي
  • 1438
  • 0
سقط القناعُ عن القناع

في الوقت الذي يستمرّ فيه العدوان الغاشم على 2.3 مليون فلسطيني أعزل في غزة تنكيلا وتشريدا وقصفا وتخريبا وتجويعا، تستمرّ فيه الآلة الإعلامية الغربية المتصهينة في الإنكار، وتبرير الجريمة بجرم أشنع وألعن: التلفيق والتضليل الإعلامي والحشد لمزيد من هدر دم الأبرياء عبر الأكاذيب.

في حين تستمر فيه القوة الغاشمة المدمِّرة في إبادة الحجر والشجر، نسبتها “التوراة” إلى “يهوه إله يوشع بن نون” عند احتلال “أريحا”، وهي التعاليم ذاتها التي يطبقونها اليوم بالحرف والحركة، والتي تقضي بـ”تدمير كل الأغيار (أي غير اليهود) من البشر إلى الشجر إلى الحجر، ومن الحيوان إلى الطبيعة ومن الرجال إلى النساء”، وهي أخلاقُهم السافلة التي لم تنقطع، هذا في ما رأينا مجاهدي “طوفان الأقصى” يعانقون أطفال المستوطنين ويحملونهم على الأكتاف والأعناق من اليوم الأول للعملية في سبت 7 أكتوبر تنفيذا لوصية نبينا الكريم: “لا تقطعوا شجرة، ولا تقتلوا امرأة ولا صبيا ولا وليدا ولا شيخا كبيرا أو مريضا”.

هذه الصورة في الإعلام المتصهين، انقلبت رأسا على عقب، وصار الشعبُ المقاوم المجاهد الذي احتُلت أرضُه وطرِد وهجِّر ما بقي عن التقتيل بعد نكبة 1948، صار هذا الشعبُ الذي هبّ لتحرير أرضه والدفاع عن عرضه، هو المجرم والإرهابي والمغتصِب وقاتل الأطفال وقاطع الرؤوس… وغيرها من الأكاذيب التي انطلت حتى على رئيس أكبر دولة في العالم حاليا.. أو إلى حين.

بالمقابل، كل صورة حية وشاهدة على مشهود صورة وصوتا أو حرفا، صار مصيرها التزييف والتحريف والغلق والمنع من النشر، هذا إن تمكّنت من النجاة من المقصّ والنار، وإلا، فإن الأصل والقاعدة هي حرق الصورة بمصوِّرها وقتل الحقيقة في مهدها ليصبح مهدها، قبرها. هكذا، شاهدنا استهداف الصحفيين في غزة وفي جنوب لبنان، وقبله في فلسطين المحتلة، والنموذج الأكثر وضوحا هو ما وقع لمراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، التي لم تشفع لها جنسيتها الأمريكية ومسيحيتها، لم يشفع لها ذلك كله، عندما تكون الحقيقة منخرطة في الدفاع عن حق يراد له أن يكون باطلا وهي القضية الفلسطينية والقدس، تماما كما حدث مع المصور اللبناني عصام عبد الله، الذي يعمل مراسلا لوكالة “رويترز” الأمريكية. حتى وكالته لم تندِّد بمقتل مراسلها، كونه عربيا وكان منخرطا في فضح جرائم الكيان الصهيوني جنوب لبنان. ولا ردّ فعل أمريكيا أو لدى المتشدقين بحرية الصحافة والإعلام في الغرب عامة، من غير بعض الأصوات “النشاز” في العقيدة الصهيونية لدى وسائل الإعلام الأمريكية والغربية بشكل عامّ.

الكل صار يعلم هذا، وهم أيضا يعلمون ولكن ينكرون، الكل بات يعرف ذلك وقد اتّضحت المواقف وزالت الغشاوة وسقط القناع عن القناع وبان النفاق وازدواجية الخطاب على أنه خطابٌ واحد وفقط: خطاب منحاز، يتظاهر أحيانا ويدعي الإنصاف، لكن عند الضرورة والمسائل الحدّية القطعية، تعود تظهر وتنكشف النيّات والادِّعاءات الكاذبة المبيتة.

تدمير غزة وشعبها المشرَّد من عقود، والإمعان في دعم آلة الإجرام الصهيونية من طرف الغرب ككل، لاسيما الدول الاستعمارية السابقة، أي تلك التي بنت مجدها الاقتصادي اليوم على الاحتلال والتقتيل والتشريد والنهب، فعلٌ تاريخي عنصري استعماري واحد، كون هذه الكتلة، هي ذاتها اليوم التي تبرِّر القتل الوحشي لشعب أعزل، تبريرا للاحتلال. ألم يحدث هذا معنا عندنا مع المحتل الفرنسي طيلة 132 سنة قبل أن يندحر؟ وهذا ما سيحدث للاحتلال أينما حلّ وارتحل: كان في فلسطين كما في الصحراء الغربية كما في باقي دول الخزي والعار والتطبيع والخيانة والخنوع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!