-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سقط “هواري منار”.. وبعد؟!

سقط “هواري منار”.. وبعد؟!

الحملة الشرسة التي خاضها روّاد مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر ضدّ مشاركة المسمّى “هواري منار” ضمن الفعاليات الغنائية المخلِّدة لعيد الثورة المجيدة، هي معركة نبيلة بكلّ المقاييس، تكشف عن وعي عميق بقيمة “الحدث الأهم” في مسيرة البلاد، ورمزيّته الحضارية والتاريخية والثقافية، في مقابل ما يمثّله المغنّي المرفوض من شذوذٍ اجتماعي وقيمي لا يتناغم إطلاقًا مع إطلالة الفاتح من نوفمبر، بعيدا عن سجالات الحلال والحرام.

هبّة “اللّوبي الأزرق” وضعت السلطات العمومية المؤتمنة على شؤون الثقافة عند حدّها، بل أعادتها إلى جادّة الصواب، بعد ما كشفت سفاهة بعض المسؤولين ومدى استخفافهم بتاريخ الوطن ودماء الشهداء الأبرار، فضلاً عن تجاهلهم لمشاعر الجزائريين، وكأنهم في منظورهم قطيع هائم في فيافي اللهو والمجون، لا يضبطهم عقل ولا منطق ولا ذوق ولا انتماء!
سقط الآن “هواري منار” من أجندة الحفلات المقرَّرة لإحياء ذكرى الثورة المظفّرة، لكن المعركة في رأينا ستبقى مفتوحة على جبهات أخرى كثيرة في هذا الاتجاه، لأنّ المشكلة ليست مقصورة على إدراج فلان أو إبعاد علّان من سهرة رقص، لكنها كامنة في تقصير وقصور عام، يشمل مسؤوليّة المؤسسات الرسميّة بالأساس، ثقافية كانت أو تعليمية أو جامعية، ثمّ دور الجمعيات المدنيّة في المجتمع، حيث تحوّلت تواريخ مفصليّة في تاريخنا الباسل إلى مواعيد ساخنة لهزّ البطون والأرداف في ليالي “الشطيح والرديح” على جماجم الأبطال والأحرار، ممّن قضوا لتعيش الجزائر حرّة وشعبها المغوار كريمًا فوق أرضه المفداة. 
ألم تصبح تلك المحطّات الحاسمة التي ألهمت وألهبت ثورات الشعوب في أرجاء المعمورة ضدّ الاستبداد والاستعمار مجرّد ومضات وملصقات إشهاريّة لناعقين يُنسَبون إلى الفنّ ظلما وعدوانًا في كثير من الأحايين؟
ألم تختزل وزارة الثقافة بهياكلها المختلفة أعيادنا المجيدة في مهازل فلكلوريّة، وربّما كانت موجّهة عن قصد  للتنفيس عن الشباب المكبوت تحت وطأة الهموم اليوميّة، فغابت العبر والدرّوس التي يكتنزها موروثنا الروحي والقومي والحضاري، ليطفو العبث واللغو والزّبد، حتّى خارت قوى الشباب وسواعدُه، وأضحى ضعيف الهمم ومشلول العزائم في مواجهة الواقع، بينما تصدّى الآباء والأجداد لجبروت فرنسا الغاشمة ومن ورائها “النيتو” بكلّ عدَّته وعتاده!
حتّى وزارة التربية التي عُهد إليها بتنشئة الأجيال على القيم الوطنّية، آثرت منذ سنوات التخلّي عن مسؤوليتها الخطيرة، واختارت أن يكون أول نوفمبر يومًا عاديًا، لا يذكره تلاميذها وهم يمرحون ويلعبون في عطلة الخريف، بعد ما كان في وقت سابق حفلاً سنويّا تتوق إليه النفوس وتشرئبّ إليه أفئدة البراءة، على وقع الأناشيد الثوريّة والمسرحيّات المزلزلة..
أمّا الاحتفاء بعيد الطالب في الجامعة الجزائرية، فإنّ الوفاء لأرواح أولئك العظماء الذين تركوا مقاعد الدراسة لأجل الجزائر يوم 19 ماي 1956، يوجب علينا التنديد بتشويه مهد العلم والمعرفة، في مفارقةٍ عجيبة، باسم الثورة!
هذه الانحرافات وغيرها كثير، تفرض على “اللوبي الأزرق” إذن أن يواصل نضال الوعي لأجل الإصلاح والتغيير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • رمزي

    من بين كل هؤلاء المغنيين الوحيد المعروف هو الهواري يعني أنهم استضافوه كنجم للسهرة. على كل حال انا كشخص استمع إلى اغاني هذا الفنان و أؤكد انها تخلو من الكلام الفاحش و المخدرات أو أي شيء آخر المشكل الوحيد انه يغني لرجل (اي شذوذ). و اظن ان اول نوفمبر يجب أن يحتوي على اغاني وطنية لا هواري لا مسعود اغاني وطنية فقط اما الهواري فيغني لمحبيه فقط و ليس في أول نوفمبر أو أي شئ رسمي و للأسف أن خطوة مثل هذه هي استفزاز بالنسبة لي رغم عشقي للأغانيه

  • ahmed

    الحياة جد وهزل ، فرح و احتفال و تأمل و خشوع و ابتهال، الرقص و الغناء هما وسيلة التعبير عن البهجة و الفرح و الموسيقى هي اللغة التي يفهمها كل الشعوب و طبوع الفن مختلفة و متنوعة و لكل ذوقه و ميوله. الاحتفال بعيد يتم بالرقصة و الأغنية و المحاضرة و التمثيلية و الخطبة و...ولا يمكن أن نطلب من المغني أن يحيي العيد بمحاضرة كما لا يمكن أن يحييه الأستاذ بأغنية لأن لكل وسيلته. و كما يقول المثل " il faut de tout pour faire un monde" tb" فلا داعي للتشنج و محاولة تصور مجتمع نمطي لم يوجد و لن يوجد .

  • قويدر الصدام

    ماذا يصنع الشباب المكبوت في بلد الكبت ان لم يستمع الى الاغاني والموسيقى هل ينفجر ?سواء اكان الغناء مدحا او هجاءا المهم موسيقى وخلاص ويذهب بعدها الى جهنم خالدا فيها !!!وكله كذب على النفس المهم ننسى ولو قيلا الواقع المر يا سيدي المحترم اتدري كيف يتدرب الشاعر على نظم الشعر في اول امره يتغزل من غير غرام ويتحمس من غير شجاعة ويتكلف الشباب وهو طاعن في السن ويبكي الطلول وهو مقيم في المدينة ويصطنع المجون وهو اشد الناس تزمتا ووقارا المسالة كلها تدريب على الكذب والنفاق والتعود على العيش بوجهين

  • cherif

    لا نريد الشطيح والرديح نريد التاريخ الصحيح وغرس روح الوطنية في اولادنا واعطاء الفرصة للشباب لتحمل
    مشعل المسوولية

  • بدون اسم

    السلام عليكم
    شكرا ..
    .. هاد أغاني " الــــراي " لي- تلف راي الشباب"
    ليس له علاقة أو يختلف كثير عن "فــــن الـــراي القديم "
    أغاني الشيوخ سابقا كلها عبر وحكم ورسائل موجهة للأجيال القادمة،
    - تــــربي- كل العائلات تسمعها عادي -كبار وصغار -
    كلــــــــمات نظيفة ؟
    وشكرا

  • بوبكر

    الله يرحم الشهدا

  • نصيرة/بومرداس

    انا لا استمع لهواري المنار هذا ولكن لماذا لم يسقط الفاسدين من الحكم .