-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأزمة الخليجية القطرية أكملت القائمة

سقوط “الدعاة النجوم” ومشايخ “إطالة اللحى وتقصير الثياب”

حسان زهار
  • 1147
  • 0
سقوط “الدعاة النجوم” ومشايخ “إطالة اللحى وتقصير الثياب”

بعد أن أسقطت الثورات العربية، ضد النظم الاستبدادية، الكثير من نجوم الفن والإعلام، وجعلت منهم مجرد “رونجاص” أو “بوط” في أقدام العسكر، أسقطت أيضا تلك الثورات نجوما أخرى في عالم الدعوة والمشيخة (المختصون في الدعوة لإطالة اللحى وتقصير الثياب)، فكان سقوط رجال الدين ضمن هذه (الطرطشة) الكبيرة، أكثر ضجيجا وأبلغ تأثيرا، على اعتبار أن الذين كانوا بالأمس القريب قدوة، ومثالا يحتذى، ومنهم تأخذ الجماهير البركة، سقطوا سقوطا حرا مدويا، فتزعزعت أركان الدين، حينما باع علماء الأمة دينهم بعرض من الدنيا قليل.

وكما أن الثورة المصرية أسقطت نجوما متلألئة من أمثال عمرو خالد، والشيخ حسان، ومحمد حسين يعقوب، وغيرهم من نجوم البلاتوهات و”التوك شو”، الذين تموقعوا إلى جانب الانقلاب العسكري نكاية في الإخوان، أو جبنا وخنوعا، ومثلما أسقطت الثورة السورية أعدادا لا تحصى من المشايخ والعلماء، في شتى بقاع العالم الإسلامي حتى سميت الثورة السورية بـ”الفاضحة”، كان سقوط نجوم الدعوة وعلماء الدين في الأزمة الخليجية القطرية، أكثر إيلاما، كونه وصل آخر حصون الاسلام في نواحي مكة والمدينة المقدستين، فلم يبق بعد هذا السقوط شيء كثير يخشى منه أو عليه.

في الأزمة المفتعلة مع قطر، فقدت الخصومة السياسية رونقها، وتحولت إلى فجور كبير، بعد أن تجاوز الحكام كل الحدود، واعتبروا أن مجرد التعاطف مع قطر حتى في وسائل التواصل الاجتماعي خيانة، استوجبت العقوبة والسجن ونزع الجنسية، الأمر الذي وضع “علماء الدين” ونجومه التي نعرفها، في ورطة يبدو بالفعل أنها أكبر منهم، ويجدوا أنفسهم معها في موضع شرعنة “محاصرة دولة مسلمة”، كما شرعن الذين من قبلهم، قتل الشعب السوري، وشرعنوا الانقلاب في مصر وقتل المتظاهرين السلميين في رابعة وغيرها.

مفتي المملكة العربية السعودية عبد العزيز آل الشيخ، وإمام وخطيب المسجد الحرام عبد الرحمن السديس، والداعية المعرف محمد العريفي، كانوا أبرز الذين سقطوا في هذه الأزمة الأخيرة، وخلفهم جيوش من المشايخ والدعاة، لم يسكتوا عن الحق فقط، بل أشادوا بحصار ومقاطعة شعب مسلم، باعتبار أن هذا الحصار يصب في مصلحة المسلمين.. فأي مصلحة تكون من حصار المسلم لأخيه المسلم بالنسبة لهؤلاء الدعاة والمشايخ؟ بل وأي دين يتبجح به جماعة “الجامية” و”المدخلية”من عباد الملوك والسلاطين؟  

وقد رأينا كيف جسد أحد مشايخ السعودية هذا النوع من الفجور في الخصومة، ضد العلماء الذين يخالفونهم الرأي وخاصة من جماعة الإخوان المسلمين، عندما استضافت قناة العربية التي تقود الحملة الإعلامية، الشيخ عبد العزيز الموسى عضو الإدارة والتوجيه في المسجد الحرام سابقا، ليشن حملة شنعاء ضد الشيخ القرضاوي، ويصفه بالشيخ المنبوذ والمستورد، ويصف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بأنه اتحاد علماء “المجرمين”، ويقوم بالتشنيع ضد كل من لم يلتزم منهجهم ويقول قولتهم..

فأين تراهم العلماء الربانيون الذين لا يخشون في الحق لومة لائم، ولا يخشون سطوة أو سلطان حاكم؟ أم ترانا سنظل هكذا نبحث في أمهات الكتب، عن رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، حين نفتقدهم في واقع حالنا، فأين الشيخ العز بن عبد السلام بائع الأمراء، وأين الشيخ ابن تيمية الذي أسكت ملك التتار المتجبر، وأين الإمام أحمد وقد ضرب في محنته أروع الأمثلة على الثبات في مواجهة خزعبلات المعتزلة الذين أيدهم الخليفة؟

إن تحويل الدين إلى وظيفة، منذ أن قررت الدولة الوطنية تحويل إدراج النشاط الديني ضمن ميزانيات الدول، وإنشاء وزارات متخصصة تتحكم في رقاب العلماء بالمال، وتحويل الأوقاف إلى ملكية الدولة، أدى إلى تسييس الدين بعكس كل الخطابات الرسمية التي تدعي منع استغلال الدين لأغراض سياسية، لأن الغرض كان احتكار الدين في أيدي الاستبداد وسحبه من المجتمع والقوى الحية فيه، غير أن ذلك كله، على ما يبدو وجد هوى لدى الكثير من العلماء والدعاة، ممن نالوا نصيبا من العلم، لكنهم رفضوا أن يكونوا ورثة الأنبياء لطمعهم وحبهم الدنيا، فكانت النتيجة أن ضاع الدين، وسقط أهله، وسقطت الأمة في بحر من الظلمات وظلم عميق.

وما ينبغي التنويه به في النهاية، أنه في الطرف الآخر من المعادلة، الكارثة تكاد تكون أشمل وأعم، والطامة أفدح وأنكى، ذلك أن رجال الدين الشيعة، الذين انخرطوا بشكل شبه مطلق، في تبرير ودعوة قتل المسلمين السنة، في إيران والعراق وسوريا واليمن، لم يتركوا متنا ولا سندا، إلا وساندوا به الحكام الطغاة الظلمة، بلا حياء ولا “تقية” أو مداراة، بل وكانوا أجرأ على الله في الفتوى والدعوة إلى قتال المسلمين وسحقهم وإبادتهم، فلله الأمر من قبل ومن بعد، وعند الله تجتمع الخصوم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!