-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سقوط مبدأ “اللاعقاب”.. هنيئا

حسان زهار
  • 2033
  • 4
سقوط مبدأ “اللاعقاب”.. هنيئا
D.R
Meriem Merdaci

من المنافع التي خلفتها فضيحة (سولكينغ) رغم ضررها الفادح جراء سقوط الضحايا (ورب ضارة نافعة)، هو هذا السقوط الممتع والإيجابي لمبدأ “اللاعقاب” الذي ظل سائدا لعقود طويلة، وكان سببا في كل هذا الخراب الذي نعيشه اليوم.

سقوط ثلاثة رؤوس كبيرة، دفعة واحدة، بعد “الحفل المجزرة”، هو بحد ذاته ثورة على الموروث السياسي في هذا الجانب، خاصة وأن الأمر لا يتعلق فقط بمنصب مدير “لوندا”، ولا حتى بمنصب وزير مهما كان حجمه، وإنما يتعلق أيضا بمنصب أمني رفيع كمدير الأمن الوطني، ما كان ليتزعزع من مكانه، لو استمرت الأوضاع السابقة على حالها، ولو بأعداد أكبر بكثير من القتلى.

ولعلها هي المرة الأولى في تاريخ الجزائر المستقلة، التي تصبح فيه “الاستقالة” و”الإقالة”، تمسيان مع بعض في تناغم جميل، وإذا ما حدث أن خرجنا من الدائرة المناسباتية، أو الدائرة التي يفرضها ضغط الحراك على صاحب القرار، وتحول الأمر إلى “ثقافة” مجتمعية، “وثقافة دولة” فإن خيرا كثيرا سيحل بهذه البلاد.

دعونا نحلم بهذا الخير وهذا الجمال قليلا.. دعونا نهنئ بعضنا، حتى وإن كان الأمر محفوفا بالشكوك والريبة.

فالانتقاد وحده لا يبني الأوطان، إلا إذا رافق ذلك تثمين الجهود، والإشارة إلى القرارات الصحيحة على أنها تستحق الإشادة والثناء.

ربما كسب هذا المنحى مصداقية أكبر، إذا ما أخذنا في الحسبان، أن العهد الجديد “الما بعد بوتفليقي” قد تجاوز دائرة الإقالة والاستقالة، إلى المحاسبة والسجن، ولذلك من السذاجة نسيان سجن رموز العصابة، بمرور الوقت، أو خفوت الاهتمام بالأمر، لأن إدخال كل تلك الرؤوس الكبيرة إلى السجون، يؤسس في حد ذاته لجزائر أخرى مختلفة، أقل ما فيها، إن لم تكن ديمقراطية بالمعنى الذي نريده، هو أن تمنع على الأقل، ميلاد “ربوبة” جدد، يحاسبون غيرهم ولا يحاسبون هم.

لقد أحدثت عملية إدخال رموز العصابة إلى السجون، نقلة نوعية في تاريخ الدولة الجزائرية، لا يدرك معناها ولا قيمتها إلا بعد سنوات طويلة، فليس سهلا أن تنتقل من دولة “الزريبة” أو دولة قهوة عمي موح، اسرق وانهب وروح، الى دولة يخشى فيها المسؤول أن يقتاد إلى السجن على غرار أسلافه الفاسدين.

إذا كان سيف القانون قد ظل مسلطا على رقاب البسطاء وحدهم من المواطنين، فإن الأمل الكبير، هو أن يسلط هذا السيف الجبار، على المسؤولين أيضا، وأن تتغير الذهنيات معها، فتكون استقالة المسؤول الفاشل، من أبجديات العمل السياسي، وإلا فالإقالة والمحاسبة بالمرصاد.

أذكر أن الرئيس المخلوع، عندما وقعت فاجعة فيضانات باب الوادي عام 2001، والتي خلفت 700 قتيل و100 مفقود، وآلاف المشردين، بسبب تهاون المسؤولين في التعامل مع المجاري المائية ومجرى الوادي، واجه احتجاجات الضحايا ودموعهم، بأن ما جرى قضاء وقدر، وأقفل الملف.

بعدها توالت دولة “اللاعقاب” مع زلزال بومرداس عام 2003، قبل أن يعم الفساد ويمس كل شيء، بعد أن أمن المسؤولون سيف العدالة.

اليوم، باب آخر فتح، ونتمى أن لا يغلق اذا تغيرت الأوضاع السياسية، أو توقف الحراك وعاد الناس إلى منازلهم.

ذلك أنه يكفي أن يشعر المواطن بالراحة والأمان.. وبالثقة في دولته والانتماء إليها، أن يرى جملة طالما داعبت خياله الشعبي، وقد طبقت على أرض الواقع (اللي غلط يخلص).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • ب_ف

    المستوى الثقافي و الفكري للشعب جعلوه ينحصر في الحفلات و الملاهي فعلينا ان نتصور كيف سيصبح افراد هذا الشعب عندما يتسلموا مناصب عليا في السلطة و ما يقدموه في سبيل وطنهم.

  • ناجي بن رابح

    تم تعيين الانسة مريم مرداسي في منصب مستشارة رئيس الدولة. فيم سيشيرها الرئيس؟
    لم لم ينشر هذا الخبر؟
    المعنية وضعت مهنتها الجديدة على Facebook

  • كمال

    نعم صدقت يا استاذ لكن يجب ان يدرك هذا الشعب ان وحدة الوطن وسلامته اسمى من الافكار الفردية الهدامة ((انا أو لا أحد)) ...العدالة والحق هما اساس استمرار حياة الشعوب

  • صالح بوقدير

    التضحية بالكباش والخرفان مهما كانت لاتفي بالفرض المنشود فالشعب يريد أن تكون له الحرية التامة في اختيار من يحكمه وينوب عنه
    الشعب يريدبناء دولة الحق والقانون دولة تصان فيها الحقوق وتحفظ فيها الكرامةوالقيم يثاب فيها المحسن ويعاقب فيها المسيء لافضل فيها لاحد على أحد الا بالعمل الصالح والسلوك القويم بعيدا عن التملق ولحس الاحذية