-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
التنمر واللّوم والعتاب والحرمان من الترفيه

سلوكات سلبية تؤزم نفسية “الرّاسبين” في البكالوريا

نادية سليماني
  • 3517
  • 0
سلوكات سلبية تؤزم نفسية “الرّاسبين” في البكالوريا

مثلما أنّ فرحة النجاح في شهادة البكالوريا لا تُضاهى، فإن خيبة الرسوب تقصم ظهر كثير من الطلبة، ويزيدها وجعا جهل  الأولياء بالطريقة المثلى، للتعامل مع أبنائهم الراسبين، فيحطمونهم بطريقة غير متعمدة، فيدخلونهم في دوامة حزن واكتئاب، كما ينقلون لهم طاقة سلبية تقضي على شخصيتهم تدريجيا، فماهي النصائح التي يوجهها المختصون في علم النفس للأولياء؟.

قوراية: الانتحار بسبب النتائج المدرسية ثاني سبب لوفاة المراهقين بالجزائر

يؤكد البروفيسور في علم النفس أحمد قوراية، بأنّ بعض التلاميذ الذين أخفقوا في نيل شهادة التعليم الثانوي، تقودهم حالتهم المزاجية السيئة الى وضع حد لحياتهم بطريقة مأساوية. وهي وقائع عايشناها، وليست جديدة في مجتمعنا. ولكنها ظاهرة، تفاقمت، حسبه، السنوات الأخيرة، في أوساط التلاميذ والطلبة.

وقال قوراية، إنه بمجرد الإعلان عن نتائج “الباك”، تنتاب الطالب الراسب خاصة صاحب الشخصية الهشة، حالة نفسية خطيرة. وبالخصوص عند تلقيه عبارة “راسب” عبر التطبيق الإلكتروني المخصص لإعلان النتائج، “فهنا يدخل في حالة ذعر شديدة، ويرى نفسه لا يساوي شيئا بعد الإخفاق، بعدما أقنعه أولياؤه أنّ الشهادة هي جسر للعبور نحو حياة أفضل”.

زرمان: الرسوب تعثر وليس فشلا وعلى الأولياء استنهاض الهمم

وأكّد محدّثنا، بأنّ ظاهرة انتحار التلاميذ الراسبين، هي واقع لابد من التطرق إليه، وأبطالها تلاميذ تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة، كما كشف بأن الانتحار يعتبر السبب الثاني للوفاة بين المراهقين في الجزائر. ومن أهم دوافعه، حسب بحوث المختصين النفسانيين، هو الرسوب في مختلف الامتحانات الرسمية.

“فرّحني بنجاحك..” عبارة خطيرة على نفسية الطفل

وحسب المختص في علم النفس، يجهل كثير من الأولياء الطرق السليمة لمرافقة أبنائهم في الدراسة، إذ تجدهم يضغطون على أبنائهم ويضيقون على حياتهم الدراسية، بل وصل الحد إلى مرافقة الولي لولده داخل مراكز الامتحان، وهو سلوك وصفه قوراية بـ”الخطأ الفادح”، بل ويصفون رسوب أبنائهم بالضربة القاضية لهم..!!

ويُردد الأولياء على أسماع أبنائهم ودوما، عبارة “فرحني بنجاحك”، أو يقولون له “نجاحك سيعيد لنا الاعتبار أمام فلان”، متجاهلين أنّ هذه العبارات تدخل الطفل في دوامة عويصة، قد تجعله يفكر في وضع حد لحياته، في حال رسوبه.

وأضاف، إذا حصل الإخفاق وبسبب ضغوطات الأسرة، يعزل التلميذ نفسه، ويعيش وسط عائلته منطويا، يراقب نظرات الحقد والشفقة التي تترصده في كل حركة يقوم بها.. كل تلك السلوكات السلبية التي يعامل بها الطفل الراسب “تعزز لديه حالة الاكتئاب وحتى فكرة الانتحار، لشعوره بأنه منبوذ وبلا فائدة” على حد قوله.

“تنمر” العائلة والأصدقاء يلاحق الراسبين

ومن جهة أخرى، يتعرض كثير من الراسبين في شهادة البكالوريا، إلى “التنمر” من العائلة والأصدقاء الناجحين، ما يقودهم إلى العزلة عن المجتمع.

وهذه السلوكات السلبية، حسب محدثنا، تشعر الراسب بضغط نفسي حاد، ويتولد لديه شعور بالدنيوية وأنه لا يساوي شيئا، وأن الشهادة التي لم يتحصل عليها، كانت هي الوسام الذي سيتشرف به ويجعل له مكانة مرموقة في أسرته ومصدر فخر في  محيطه “وهنا يتولد لديه ضغط نفسي وفكري حادّين، ويدخل في حالة معقدة من تشتت الأفكار، تحتاج لعلاجها إلى من يرتب له داخله المفكك”.

ومن جهته، يؤكد المختص في علم النفس، حسام زرمان، بأن الرسوب في شهادة البكالوريا، يؤثر حتما على نفسية الممتحن وحالته المزاجية، ويزيده إحباطا تعامل الأولياء معه بطريقة خاطئة، قد تفقده الرغبة في تدارك ما فاته مرة أخرى.

اللوم يُعزز الروح الانهزاميّة لدى المراهق

ووجه المتحدث عبر “الشروق” جملة نصائح للعائلات، لحسن التعامل مع أبنائها الراسبين في “البيام” و”الباك” لمساعدتهم على استنهاض هممهم مجددا.

وقال، على الأولياء الابتعاد عن لوم “الراسبين” والتهجّم عليهم ومقارنتهم بالآخرين، فهذا السلوك يعزّز لديهم الروح الانهزامية، التي يستحيل أن ينهض بعدها، كما يجب على الأولياء إبراز نقاط  ضعف الراسبين في المواد التعليمية، ولكن بطريقة إيجابية، والتأكيد لهم أنهم سيستدركونها السنة المقبلة. وإشعار الراسب أنه يمتلك القدرة للالتحاق بالجامعة مستقبلا. مع سرد قصص نجاح لم يتحصل أصحابها على البكالوريا من المرة الأولى فالرسوب تعثر وليس فشلا، وحذر من سلوك حرمان الراسبين من العطلة والترفيه، ومن الأمور التي تبهجهم.

ويؤكد زرمان، بأن مساندة الأسرة للتلميذ الراسب، تعتبر أهم عامل لتقويته وشحن عزيمته في النجاح مجددا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!