الرأي

سيادتُنا لا زالت منقوصة

أرشيف

ما كشفه الكاتب والخبير التربوي رابح خيدوسي في ندوة “الشروق” يكشف أن البلاد لا زالت منقوصة السيادة، وأن اللّوبيات الموالية لفرنسا كانت تحكم قبضتها على القرار الرسمي الجزائري، خاصة في قطاع التربية؛ إذ حافظت فرنسا على تبعيته لها على مدار العقود الماضية، وتصدّت في البداية لمسار التعريب وأجهضت محاولات إدخال الانجليزية لغةً أجنبية أولى في الجزائر.

وعلى الرغم من كل ما قيل حينها عن اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية التي عُرفت باسم “لجنة بن زاغو” بسبب التوجُّهات التغريبية لأغلب أعضائها، إلا أن هذه اللجنة وضعت بندا يشير إلى البدء في إدماج اللغة الانجليزية في المراحل الأولى من التعليم، لكن هذه التوصية بقيت حبرا على ورق ولم تُطبَّق إلى يومنا هذا.

نعم؛ لقد أُهملت التوصية التي تشير إلى البدء في إدماج اللغة الانجليزية؛ بينما سارعت الوزارة إلى تنفيذ باقي توصيات اللجنة الواردة في التقرير النهائي للجنة إصلاح المنظومة التربوية، وقد شهدت العشرية الأولى من القرن الحالي معارك طاحنة في الإعلام، ونُفذت غاراتٌ ناجحة على المدرسة بدءاً بإلغاء شعبة العلوم الإسلامية إلى فرْنَسة الرموز العلمية.

 لكن أبناء قطاع التربية قاوموا هذه الهجمات وبقي العنصر البشري مشبعا ومحصنا من الاختراق إلى أن جاءت الوزيرة السابقة للتربية نورية بن غبريط رمعون التي استهدفت طمس الهوية العربية الإسلامية، وبدأت بأكبر مناورة عرفتها المدرسة الجزائرية، حين جاءت، في جويلية 2015، بمقترح التدريس باللغة الأم، خاصة خلال السنوات الثلاث الأولى من التعليم الابتدائي، وأدخلت البلادَ في جدل عقيم حول مفهوم اللغة الأم في ظل اختلاف اللهجات بين مناطق الجزائر.

واستمرت بن غبريط في مناوراتها التي طالت مواد الهوية، خاصة التربية الإسلامية، إذ خططت لإلغائها نهائيا من امتحانات البكالوريا، وبعد أن فشلت في ذلك، قامت بتقزيمها عبر استهدافها من حيث المعامل والحجم الساعي ونوعية الأساتذة المكلفين بتدريسها.

وأخطر ما نفذته بن غبريط، دون أن يكون له رد فعل كبير، هو اعتماد اللغة الفرنسية في مسابقات الترقية الداخلية لإقصاء كل المعرَّبين من الترقية، والأغرب أن الفرنسية أصبحت مادة اقصائية حتى لمفتشي اللغة العربية، وهو القرار الذي ألغاه وزير التربية الحالي فور توليه المسؤولية.

وهو القرار الوحيد الذي تم إلغاءه، بينما لا زالت آثار بن غبريط في قطاع التربية قائمة سواء في المناهج الجديدة أو الكتب المدرسية في إطار ما اصطلح عليه بـ”إصلاحات الجيل الثاني” التي كانت في الواقع املاءات فرنسية نفذتها الوزيرة السابقة بإخلاص، وإلى غاية إزالة كل هذه الآثار تبقى سيادتُنا منقوصة، لأنَّ الأمر يتعلق بمستقبل الوطن الذي لم يتحرر نهائيا برغم محاولات فك الارتباط مع المستعمِر.

مقالات ذات صلة